أكثر من 800 فرصة عمل في مشاريع جديدة.. هل يُكتب لها النجاح؟
كتبت بشرى الوجه لـ “هنا لبنان”:
كشفت المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان “إيدال” عن قرار ببناء ثلاثة مصانع للأدوية في ثلاث مناطق يصل الاستثمار فيها إلى ما يلامس الـ 200 مليون دولار في العام 2023.
وستنتج هذه المصانع كل أنواع الأدوية: الـ”جينيريك”، من تحاميل، أدوية الشراب(syrup)، والإبر، بطرق متقدمة، بالإضافة إلى أدوية تعالج مرض السرطان، “وهو أمر مهم على صعيد لبنان والمنطقة”، بحسب المستشار الإقتصادي لـ “إيدال” عباس رمضان.
وستتوزّع تلك المصانع على مناطق الأطراف، في الشمال في طرابلس، في الجنوب في الغسانية، وفي البقاع، حيث المصنع “الأكبر حجمًا”، وفق ما كشف رمضان لـ “هنا لبنان”، وهو المصنع الذي سينتج الأدوية السرطانية.
تصدير للخارج.. ووظائف بالمئات
وستؤمّن هذه المشاريع فرص عمل لأكثر من 600 عامل وموظف، كما يُقدّر رمضان، معلنًا أن “40% من الإنتاج سيكون موجهاً للسوق الخارجية، فالدواء اللبناني سمعته جيدة، وهو مرغوب في الأسواق الخارجية، خاصة في منطقة الشرق الأوسط”.
ويلفت إلى أنّ “هذه المصانع ستغطي جزءاً من الطلب في السوق المحلية، ولكنها لن تغطي السوق بنسبة 100%، فالسوق المحلية بحاجة إلى إنتاج كبير”.
ويضيف: “يُقدّر حجم السوق المحلية بـ2.3 مليار دولار، وقبل الأزمة كنا نغطي حوالي 12% من حاجاتنا المحلية، أما بعد الأزمة فالرقم ارتفع، الأمر الذي أدّى إلى وجود مصانع صغيرة تؤمن مستلزمات طبية، فيما مصانع الأدوية الكبيرة، وعددها 11، زادت طاقتها الإنتاجية، فأصبحنا نغطي حوالي 30% من حاجاتنا المحلية، لذلك نحن بحاجة إلى العديد من المصانع لتغطية السوق بالكامل”.
هذه المصانع ليست الاستثمارات الوحيدة في العام الجديد، إذ أعلن رمضان عن “مشاريع أخرى في قطاعات مختلفة، أغلبها في مجال الصناعات الغذائية، لكن حجمها صغير، إضافة إلى مشروعين كبيرين، واحد في منطقة تعنايل، قيمته نحو 6 مليون دولار، وهو مركز لزراعة وتوضيب الأفوكادو والعنب، وفق أعلى مستوى تقني، بهدف التصدير إلى أوروبا، أما الاستثمار الثاني فهو مشروع سياحي Resort ضخم في الدامور بقيمة 70 مليون دولار، وجميعها ستؤمن أكثر من 250 فرصة عمل”.
منافع اقتصادية.. وحافز لمستثمرين آخرين
قد يكون من المخاطرة البدء بمشاريع كبيرة في بلدٍ مأزوم ومشلول، لذلك لا بدّ من السؤال: هل ستتجاوز هذه المصانع أزمات لبنان السياسية والمالية؟ وما أهميتها الاقتصادية؟
يشرح الخبير الاقتصادي محمد الشامي: “هذه المشاريع وسواها تؤكّد الإرادة اللبنانية التي لطالما تغنّينا بها، وأهميتها تكمن أولًا في إظهار الإرادة للمجتمع الدولي بأن لبنان جاهز لاستغلال أي فرصة تُقدّم له من الخارج، وأنّ هناك قوى جاهزة لأن تكون إيجابية في الاقتصاد اللبناني، ثانيًا، لهذه المشاريع أهمية كبرى على صعيد التخفيف من وطأة البطالة وتنشيط اليد العاملة المختلفة، كما التخفيف من الأزمة الإجتماعية، ثالثًا، هذه المشاريع تُحرّك العجلة الإقتصادية خاصةً إذا كان هناك تصدير إلى الخارج، لأنّها ستجلب دولارات إلى الداخل، ما سيساعد في تنشيط الدورة الإقتصادية، كما سيساهم إيجابًا في ميزان المدفوعات”.
ويضيف لـ “هنا لبنان”: “هكذا مشاريع ممكن أن تكون أيضًا بارقة أمل وحافزاً لمستثمرين آخرين، إن كانوا أجانب أو عرب، في ظل الأزمة الاقتصادية المتوقعة عالميًا للعام 2023، نظرًا لتدني كلفة اليد العاملة في لبنان، نسبةً للدولار ولعوامل أخرى”.
أين الدولة؟
ولكن في المقابل، يلفت الشامي إلى “وجود تحديات كبيرة ستواجه هذه المصانع، منها غياب الحكومة التي من المفترض أن تقرّ التسهيلات اللازمة للمصانع، إلى جانب خطة نهوض اقتصادي، من ضمنها حملة إعلامية – إعلانية، للترويج داخليًا وخارجيًا للاستثمار في لبنان، مع سلّة جاهزة من الحوافز للمستثمرين، فالحوافز الموجودة اليوم في “إيدال” أصبحت خارج الإطار الزمني”، متسائلًا “كيف ستسهل الأمور ونحن ما زلنا في ظل حكومة تصريف أعمال، مع خلاف دستوري على اجتماعها، وما زلنا نعيش فراغاً رئاسياً غير واضح الأفق!”
تقنيًا، يشير الشامي إلى انعدام المقومات والبنى التحتية للاستثمار، “فلبنان يعاني من أزمات كهرباء، مياه، إنترنت، ومحروقات.. ما سيؤدي إلى ارتفاع كلفة الإنتاج، وبالتالي كيف ستستمر هذه المصانع في ظل هذه الأزمات، لذلك ما قد ينتظرها هو أزمة بين العمال والشركات غير القادرة على دفع الرواتب، وبالتالي قد تواجه الإقفال، في حال لم تتوفّر الظروف الملائمة لها”.
من ناحية أخرى، يتساءل الخبير الاقتصادي عن كيفية تسجيل الشركات وتخليص الأوراق القانونية المطلوبة في ظل شلل القطاع العام، قائلًا: “هناك إجراءات قانونية لا بد للقطاع الخاص المرور بها للنهوض، لذلك نحن بحاجة إلى إعادة هيكلة القطاع العام بشكل تام”.
إذًا، وجود شركات ناشئة في لبنان هو عامل إيجابي، للقول “أنه ما زال هناك إرادة في لبنان وقدرة على النهوض”، ولكن هذا لا يكفي، فالمشاريع والاستثمارات بحاجة إلى مواكبة من الدولة المغيّبة، و”المواكبة لا تكون بمؤتمرات صحفية، ولا بكلام معسول ولا بوعود.. الدعم يكون بالعمل فقط”، كما يقول الشامي.
مواضيع مماثلة للكاتب:
نبيل مملوك.. صحافي تحت تهمة “الرأي المخالف” | استهداف الجيش وقائده في غير محلّه.. “اتهامات سطحية لدواعٍ سياسية” | إسرائيل “تنهي الحياة” في القرى الحدودية.. ما الهدف من هذا التدمير الممنهج؟ |