ساعدوا هذا الفتى لينال العفو من المرشد
كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان”:
لجبران باسيل حق على الجميع ودين في رقبة كل محب. فالرجل ومنذ أن صاهر العماد ميشال عون، اكتسب من عمه أسلوب الوصل لا الفصل، فلم يُبقِ جسراً مهدماً إلّا وبناه، ولم ينشر في الأرجاء إلّا رياح المحبة والإلفة والتسامح.
عاد ميشال عون من فرنسا، عودة ديغول المزيف، فبدأ بالمهمة الأحب إلى قلبه: نبش القبور. لم يُبقِ قبراً في الجمهورية إلّا وطاله معول عون. لا المسيحيين سلموا من الروائح النتنة، ولا السنة ولا الدروز، أما الشيعة فقد استظلّت بهم وثيقة التفاهم، وأصبح عون مسمار حزب الله يغرزه حيث يخشى الحزب إثارة ما لا يريد أن يثيره، خصوصاً في العلاقة مع السنة ومع الدروز.
حفظ جبران الدرس، ومشى على الطريق، فلم يتقن إلّا الاستفزاز، وإثارة الأحقاد. طبّق عون على الجميع قاعدةً أتقن احترافها. نضرب بسيف حزب الله لتطويع كلّ رافضٍ لهوس بعبدا، وهكذا حصل حرفياً.
بعد أن أُسقطت حكومة سعد الحريري من الرابية، واتُّهم هو وتياره بالداعشية،تحوّل بعد أن قَبِل بعون رئيساً، من “سعد الدين” إلى الشيخ سعد وإلى دولة الرئيس، لكنّه وبعد أن استقال، عاد في الرواية العونية إلى ما سبق، فتمّ إخراجه.
وبعد أن اتُّهم سمير جعجع بالإجرام، فاضت كؤوس الشمبانيا في معراب على وقع نشيد أوعى خيك، لأنّ جعجع قَبِل بعون رئيساً.
وبعد أن سار وليد جنبلاط بالتسوية، تحوّل من سارق الأجراس إلى ركنٍ للوفاق في الجبل.
اللافت في مسيرة الاستفزاز هذه، أنّها لم تستثنِ ولاية عون الرئاسية. فقد خيب الجنرال وصهره كلّ التوقّعات بأن يكونا على قدرٍ قليلٍ من الواقعية، فكانتِ الولاية لستِّ سنواتٍ مسرحاً لجولاتٍ مناطقية، لم تترك في استعراضيّتها، قبراً إلّا ونبشته. من قبرشمون إلى طرابلس فبشري، لواء كامل من الحرس الجمهوري، يحرس وريثاً جوالاً، يصرخ بأعلى صوته لجمهور يصدق كل شيء: “كلهم زعران ومجرمين وداعشيين، وأنا وعمي من سلالة الملائكة”.
بعد أن ارتكب هفوةً مع حزب الله ستُغتفر بعد حين، ها هو باسيل يتوسّل كسر عزلته بلقاءاتٍ مع خصوم الأمس القريب. لقاءاته الجديدة مع “سارق الأجراس” وليد جنبلاط، “والفاسد” نجيب ميقاتي “والإقطاعي” سليمان فرنجية، وجميع هؤلاء الذين كانوا بالأمس أهدافاً للتشهير، لكنّهم اليوم ارتضوا أن يكونوا وقوداً في رحلة طلب العفو التي يتوجّه بها باسيل قاصداً المرشد.
أمّا سمير جعجع فلم يبتلع الطعم هذه المرّة ولم يفتح المجال لاستدراج كاذب جديد، فذكرى “أوعى خيك” لم تمحَ من الذاكرة القريبة، فكيف إذا كان من يريد تكرارها، من قماشة شخص مستعدّ لفعل كلّ شيء، لتحقيق مآرب لا يمكن تبريرها.
يسعى باسيل لاسترضاء حزب الله وطلب العفو، وهو يقوم بحركة بهلوانية يعتقد أنّها ستساعده، في فكْ عزلته، لكن فاته أنّ من التقى بهم لا يملكون مفتاح أزمته مع الحزب، ولن يقدْموا له إلّا صورةً باهتة، لا تكفي لاسترداد كرامةٍ مهدورة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل وهمي والحرب تتصاعد | لبنان على موعد مع أشهر صعبة | ترامب اللبناني |