بداية عام 2023 قد تحمل تطورات مهمة للبنان… وباسيل لم يقبل تعهداً خطياً بتسميته رئيساً بعد ست سنوات إذا قبل بفرنجية
كتبت شهير إدريس لـ “هنا لبنان”:
انتهت سنة 2022 إلى غير رجعة لكن مفاعيل ما جرى خلالها من أزمات على الصعيد السياسي والإقتصادي والإجتماعي والقضائي سيلازم العام 2023… وما حصل خلال الشهرين الأخيرين لجهة المناكفات والكيديات السياسية يؤكد أن العام الجديد سيبدأ على وقع ملفات متفجرة أبرزها عدم انتخاب رئيس الجمهورية بعد 10 جلسات، وكيفية عمل حكومة تصريف الأعمال، والإنهيار المالي والإقتصادي مع إرتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة، إضافة إلى ملف الكهرباء والأدوية والمستشفيات والشغور في المراكز الحساسة في الدولة التي صنفت من أعلى المرجعيات الدولية كالبنك الدولي بالدولة الفاشلة، وصولاً إلى حادثة العاقبية الخطيرة والتي طالت اليونيفيل أي طالت الأمن والإستقرار في الجنوب اللبناني. وحدها الإنتخابات النيابية وملف ترسيم الحدود البحرية ومشاركة المغتربين اللبنانيين في موسم الأعياد كانت الكفيلة بوسم العام 2022 ببعض من التفاؤل والإيجابية.
هذا الفشل الذي ينسحب على كافة المشهد اللبناني لا سيما السياسي يقابله توتر العلاقات بين معظم القوى السياسية التي لا تزال تراهن على الدعم الخارجي ومنها التحرك الفرنسي المنتظر عبر الرئيس إيمانويل ماكرون وبدعم فاتيكاني لجمع الدول الكبرى المعنية بالملف اللبناني، والتي رأت فيه مصادر دبلوماسية متابعة لموقع “هنا لبنان” بأنه مجرد تقطيع للوقت وفي حال حصول مثل هذا الإجتماع كما بات معروفاً في الخامس عشر من شهر كانون الثاني في باريس سيؤكد على البنود التي طرحت في إجتماع نيويورك فقط بإنتظار التطورات الإقليمية وتداعياتها على منطقة الشرق الأوسط. وكل ذلك يشير إلى أن الإهتمام الدولي بالإستحقاق الرئاسي قد خفت والكلام عنه يبقى ضمن التصعيد الإعلامي. إلا أن المصادر كشفت لموقعنا أن شهر شباط من العام 2023 سيكون حافلاً بالتطورات إقليمياً مما سينعكس بشكل إيجابي على الوضع اللبناني.
ما شهده الشهر الأخير من السنة من سجالات على الصعيد السياسي كان كفيلاً برسم صورة ما ستكون عليه الأوضاع خلال الفصل الأول من سنة 2023 على الأقل، والتي كان نجمها التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل والرئيس السابق ميشال عون إن كان مع رئيس مجلس النواب نبيه بري أم مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.
الفشل إنسحب على دعوة الرئيس بري للحوار الجدي بين القوى السياسية في لبنان والذي سيبقى من دون رئيس للجمهورية ويحكمه الفراغ والشلل والتعطيل في المؤسسات الدستورية والقضائية والعسكرية والإدارية، وهو ما كان يحاول الرئيس بري تفاديه من خلال دعوته للحوار إلا أن السجال الأخير بينه وبين الرئيس ميشال عون كان كفيلاً بكسر الجرة نهائياً بين الطرفين إذ أن رد بري على عون كان عالي السقف وأكد المؤكد لا سيما بقوله “بدءاً وبدلاً من أن نقول كل عام وأنتم بخير ألزمتني لأقول لك: لم تكن بحاجة لمن يعرقلك فقد وعدتنا بجهنم ووفيت وكفيت. للذكرى وليس للحنين 74 قانوناً صدرت ولم تنفذ وليست في الجوارير، أولها وليس آخرها الكهرباء، حرمتنا رؤية النجوم ليلاً وشوفتنا نجوم الظهر”. فيما لا يزال وصف البلطجي حاضراً في أذهان الكثيرين ولا تزال تداعياته تظهر مع كل خلاف.
من ناحية أخرى فإن العلاقة بين حزب الله وجبران باسيل لا تزال متوترة إذ أن التواصل مع باسيل لم يحصل حتى الساعة على مستوى عالٍ، ولا تزال تداعيات مشاركة حزب الله في جلسة مجلس الوزراء تفعل فعلها إضافة إلى تعطيل باسيل لإنتخاب رئيس الجمهورية لا سيما رفضه لإسم سليمان فرنجية والذي يفضله حزب الله على الرغم من مرور أسابيع مما يهدد التفاهم بين الحليفين.
هذا الخلاف الباسيلي مع الثنائي الشيعي وصفته مصادر مطلعة لموقع “هنا لبنان” بأنه نتيجة تراكمات ومواقف يطلقها باسيل بعد خروجه من بعبدا وتأثير العقوبات المفروضة عليه والتي لم تصل محاولاته الحثيثة مع بعض الدول وأبرزها قطر إلى نتيجة بشأنها، لا سيما أنه أحس بأنه متروك واصفة إياه بأنه “كالطير المذبوح من الألم”.
وكشفت المصادر أنه على الرغم من الوضع المتردي مع حزب الله وقبل تصاعد الخلاف مع الرئيس بري، فرصة كبيرة أعطيت لباسيل منذ أيام لكنه أهدرها ولم يتلقفها، وتمثلت بتسوية قدمها الثنائي الشيعي عبر إتصال هاتفي قضت بإحتضان باسيل والتفاهم معه على أن يقبل بسليمان فرنجية رئيساً للجمهورية ويتم وعده بضمانات على شكل تعهد خطي بأنه سيكون الرئيس المقبل للبلاد بعد ست سنوات.
فرّط باسيل بآخر فرصة قدمت له ووضع عمه الرئيس عون في المواجهة، وسيحاول خلال الفترة المقبلة القيام بجهود حثيثة ومعارك يغلفها بمبادرات ولقاءات مع بعض الأطراف سرية وعلنية كان آخرها مع رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية والرئيس نجيب ميقاتي والتي لم تكسر أي جليد ولم تصل إلى أي نتيجة، وتسمية أشخاص لرئاسة الجمهورية من أجل حفظ ماء وجهه أمام مناصريه أولاً وتجعله مقبولاً مسيحياً ثانياً، ولقطع الطريق على أي مرشح رئاسي لا يناسبه لأنه يريد رئيساً يحمي مكتسباته التي راكمها على مدى سنوات العهد.
أما حزب الله فقد غير بوصلة تحركه لا سيما بعد مسألة ترسيم الحدود وبات يفضل عدم ترك البلد يواجه التعطيل ويرى الأولوية في تأمين إحتياجات الناس لا سيما خلال فصل الشتاء، ويعتبر بحسب مصادر مقربة منه أن الإستحقاق الرئاسي واجب ومهم لكن مواصفات الرئيس هي الأهم وهذا ما كشفه نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم إذ كان واضحاً في كلامه لجهة وصول رئيس جديد للجمهورية “مجرّب بالسياسة”، مما يؤكد تفضيله فرنجية على سواه من الأسماء المطروحة. لكن اللحظة المفصلية الإقليمية المتعلقة بالإستحقاق الرئاسي بحسب المصادر لم تحن بعد لكنها قد تكون وشيكة وعلى أبعد تقدير في شهر شباط، ويفضل الحزب عدم الدخول في سجالات داخلية عقيمة وتسيير شؤون الناس في ظل الفراغ الرئاسي.
ومن المنتظر مشاركة وزراء حزب الله في حال جرى الإتفاق بين الرئيس ميقاتي والرئيس بري على عقد جلسة لمجلس الوزراء على غرار الجلسة السابقة لإقرار مراسيم طارئة وتسيير شؤون الدولة بعد أن تم توقيع مرسوم المساعدات الإجتماعية للجيش والقوى الأمنية وسلك طريقه. كما ستتجه الأنظار إلى عين التينة وما سيقوم به رئيس مجلس النواب نبيه بري حيال الدعوة مجدداً لإنتخاب رئيس للجمهورية بعد أن فشلت دعوته للحوار أو قيامه بمبادرات وإتصالات لتقريب وجهات النظر وتهدئة الأوضاع لا سيما مع بكركي.
في سنة 2023 سيكون الداخل اللبناني على موعد مع تخبطات قديمة جديدة في السياسة والإقتصاد والأمن والقضاء مع ترقبٍ لتسوية خارجية قد تنقذ ما تبقى من هذا البلد المأزوم الذي يواجه الإنهيار تلو الإنهيار. وإنّ غداً لناظره قريب.