فرنجية يضحك في سرّه بعدما بات باسيل خارج حارة حريك… و”الحزب” يترّقب الصيد الثمين!
كتبت صونيا رزق لـ “هنا لبنان”:
ينطبق المثل الشائع “لا شيء يدوم” على السياسة اللبنانية، فلا التحالف ولا الخصومة يدومان أبداً، فحين كان يُطرح السؤال على الحليفين الدائمين حزب الله و”التيار الوطني الحر” حول مدى استمرار هذا التوافق، والإبقاء على ورقة التفاهم الموقعة بينهما منذ شباط العام 2006، كان الجواب الدائم أنّ لا شيء يفرقهما، وإذ بالمصالح الخاصة فرقتهما و”كترت”، لأنها لا تستمر خصوصاً في لبنان، فكيل حزب الله طفح منذ سنوات من رئيس “التيار” جبران باسيل، والعكس صحيح، والآن حان وقت قطف ثمار هذا الكيل من خلال مكسب الشعبوية المسيحية، التي يتوق إليها باسيل، لذا خرج ليفجّر ما تحمّله من هبوط في شعبيته المسيحية، والدليل نسبة التراجع التي ظهرت في صناديق الاقتراع، والتي أنقذتها أصوات جمهور الحليف السابق في أيار الماضي خلال الانتخابات النيابية، إضافة إلى العقوبات الأميركية التي تسبّب بها الحزب وفق ما يقول مناصرو “التيار”، في حين أنّ أسبابها تتعلق بالفساد بحسب ما أوضحت التقارير الصادرة من واشنطن.
باختصار باسيل بات خارج حارة حريك، ولم تنفع الوساطات في إعادته إليها، ما دفع الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله إلى التعليق على الإشكال الأخير في كلمته التي ألقاها في السنوية الثالثة لاغتيال قائد “فيلق القدس” قاسم سليماني ورئيس “الحشد الشعبي” أبو مهدي المهندس، بالقول: “حريصون على معالجته بالتواصل وهو جدير بالتقييم الداخلي، وستكون هناك لقاءات قريبة”، ليعود ويؤكد “نحن لا نبادر بنزع يدنا، وإذا قرر الأخير نزع يده لا نجبره على إبقاء التحالف”.
في موازاة هذا التنافر، انطلق حزب الله يوم الاثنين الماضي إلى بكركي للتهنئة بالأعياد، والبحث عن حليف مسيحي أقوى بكثير من باسيل وتياره، ولتوجيه رسالة مبطنّة بأنه قادر على الانفتاح والتواصل والحوار مع الصرح البطريركي، بعد طول غياب وعلى الرغم من التباينات في المواقف، ولإفهام باسيل بأنه لن يبقى متقوقعاً ومنعزلاً، بل سيحاول الإنفتاح على بعض الأطراف، منطلقاً من سياسة تناسب مصالحه الخاصة، وضمن عنوان “لا للتحالف الفردي خصوصاً في ما يتعلق بالأفرقاء المسيحيين”، وبأنّ علاقته ليست مقتصرة فقط على رئيس الجمهورية السابق ميشال عون و”التيار”، خصوصاً بعدما وزّع رئيسه السهام باتجاه الحليف الوحيد المتبقي له، والذي أصبح اليوم ضمن لائحة الخصوم، وإن حاول الطرفان تلطيف الأجواء الملبّدة بينهما.
مع التذكير بأنّ باسيل زار بكركي فور تصدّع العلاقة، وانسداد آفاقها بشكل كبير مع الحزب، إذ لم يبقَ له مَبكى سوى حائطها، محاولاً التقارب أكثر وفتح خطوط جديدة معها، من باب الدفاع عن نفسه، وطلب الحوار مع الأفرقاء المسيحيين، وفي طليعتهم “القوات اللبنانية” الأمر الذي لم ولن يتحقق له.
وسط هذه المشاهد، وحده رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، والمرشح الدائم إلى الرئاسة، كان منشرحاً وفرحاً إلى أقصى الحدود، لأنّ خصمه باسيل بات خارج أسوار حارة حريك، أي ما كان يصبو إليه قد تحقق أخيراً، فقد أزيح جبران من دربه الرئاسي نهائياً على يد الحليف الدائم، لذا يعمل على استغلال هذا الوضع لصالحه، في حين أنّ الواقع ووفق ما نقل مقرّبون منه لموقع “هنا لبنان”: “بأنّ أمام فرنجية بوادر إيجابية، وهو سمع هذه الجملة مراراً من الحلفاء، إذ عليه ضرب الحديد السياسي وهو على درجة كبيرة من الحماوة”.
وانطلاقاً من هنا، يهادن فرنجية الخصوم ويتابع حركته الرئاسية، من خلال اتصالات مكثفة في الداخل والخارج، لجسّ النبض ومحاولة إجراء عملية “بوانتاج” جديدة كل فترة، علّها تزيد من نسبة حظوظه، بعدما تلقّى معلومات من دبلوماسي عربي بأنّ عليه توزيع سياسته الجديدة نحو الخطوط الوسطية، وإلا لن يصل إلى القصر الجمهوري، وبالتالي فتح كل الأبواب المقفلة معهم كي يجلس على العرش الرئاسي، خصوصاً أنه لم يتلقَّ رسائل نهائية تفيد بأنه غير مرغوب به رئاسياً، إنما رسائل تحوي بعض الإيجابية من ضمنها عدم الإنبطاح سياسياً ضمن محور الممانعة، ومن خلال صمته المتواصل، فهو لا يساند أحداً ولا يعادي أحداً، لأنّ العناوين التي وصلت في الأشهر الأخيرة من عهد الرئيس السابق ميشال عون، أفادت وأكدت بأن لا رئيس من أي محور، فعواصم القرار تبحث عن رئيس وسطي وغير ذلك غير ممكن.
إلى ذلك يتردّد في الكواليس الرئاسية، وفق معلومات لموقع “هنا لبنان”، بأنّ التسوية الرئاسية غير مستبعدة خصوصاً في الأشهر الأولى من السنة، بالتزامن مع حراك أميركي- فرنسي – إقليمي في اتجاه الاتفاق النووي مع إيران، الأمر الذي لا يستبعد حصول انفراجات قد تطال لبنان، وفي حال العكس سيكون البلد ضمن فراغ رئاسي طويل الأمد لا أحد يعرف متى ينتهي.