مطار بيروت في خطر… رصاصٌ طائشٌ يقتنصه وطيورٌ تهدّد طائراته
كتب إيلي صرّوف لـ “هنا لبنان”:
يبدو أنّ الأساليب السّلميّة التّقليديّة لاستقبال المسافرين والزّوار في مطار بيروت الدّولي، انتقلت إلى مرحلةٍ “حيوانيّةٍ”، بين كثافة الطّيور الّتي يتخوّف أنّ تصطدم بمحرّكات إحدى الطّائرات فتتسبّب بكارثةٍ بشريّةٍ، والرّصاص الطّائش الّذي يُمطر في محيط المطار بين الفترة والأخرى؛ ومن “يَزمط” منه يكون قد كُتب له عمرٌ جديد.
هذان “العدوّان” إن صحّ التّعبير، على اختلاف طبيعتيهما، يشكّلان خطرًا جدّيًّا على مطار بيروت وسلامة الطّيران والمسافرين، في ظلّ شللٍ على مستوى الإجراءات، وشبه عجز الدّولة اللّبنانيّة عن اتّخاذ قرارٍ نهائيٍّ إن لجهة حلّ موضوع الطّيور المحيطة بالمطار، أو لجهة حماية المرفق الحيويّ الأساسي من الرّصاص وملاحقة مطلقي النّار وتطبيق القانون عليهم.
ففي 10 تشرين الثّاني 2022، أُصيبت طائرةٌ تابعةٌ لشركة “طيران الشّرق الأوسط- ميدل إيست” عائدةٌ من الأردن، وعلى متنها عددٌ من الرّكاب، برصاصةٍ طائشةٍ أثناء هبوطها في مطار بيروت؛ والعناية الإلهيّة حالت دون تسجيل إصابات.
وعلى الرّغم من تسليط الضّوء على هذه الحادثة والتّنبيهات المتكرّرة من خطورة إطلاق النّار العشوائي، لا سيّما على سلامة الطّيران، إلّا أنّ آذان الجهلة كانت صمّاء. فخلال الاحتفال بعيد رأس السّنة الميلاديّة، أصاب الرّصاص الطّائش طائرتَين لـ “طيران الشّرق الأوسط” من طرازT7-ME9″ و”T7-ME”، خلال تواجدهما على مدرّجات المطار. توازيًا، اخترقت رصاصةٌ طائشةٌ الهاتف الخلويّ لمواطنٍ، أثناء خروجه من المطار في منتصف تلك اللّيلة.
وكان قد ذكر وزير الدّاخليّة والبلديّات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي، في حديثٍ سابقٍ لـ “هنا لبنان”، “أنّنا تشاورنا مع الجيش اللّبناني ومديريّة المخابرات، وسنولي أهميّةً خاصّةً لمحيط المطار، لما في ذلك من أثرٍ على سلامة المواطنين والطّيران”، مؤكّدًا أنّ “المطار هو واجهة لبنان وسُمعته، ولا نقبل أن يكون بؤرةً لأيّ أمرٍ خاطئٍ، ونحن متيقّظون لأيّ أمرٍ يدخل إليه أو يخرج منه”.
ظاهرة إطلاق النّار العشوائيّ المتخلّفة وغير الحضاريّة، ليست حديثة الظّهور في واقعنا، بل تطبع معظم المناسبات الفرِحة والحزينة منذ سنواتٍ، وتُعتبر من الأسباب الرّئيسة الّتي تشكّل خطرًا على سلامة الطّيران المدني. إلى قائمة الأسباب، انضمّت أيضًا الطّيور والعصافير الصّغيرة، الّتي تعيق حركة الطّيران وتهدّدها. وانتشر عبر مواقع التّواصل الاجتماعي في اليومَين الماضيَين، مقطع فيديو يوثّق مرور طائرٍ أثناء إقلاع إحدى الطّائرات، ما رفع من حدّة المطالبات بحلّ هذه المشكلة قبل حصول أيّ كارثة.
في هذا الإطار، يوضح وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين، لـ “هنا لبنان”، أنّ “هناك نوعين أساسيَّين من الطّيور في محيط المطار: هناك الطّيور البحريّة كالنّورس وغيرها، الّتي تجتمع حول مصبّ نهر الغدير وتأكل المخلّفات، وهناك طيور يربّيها مربّو الحمام في الأحياء المجاورة للمطار”.
وكان ياسين قد أَرسل كتابًا إلى مولوي منذ فترة، يقترح فيه تركيب أجهزة صوتٍ لإبعاد الطّيور من حرم المطار، إلّا أنّه لم يتمّ السّير بهذا الاقتراح بعد. ويشير إلى أنّ “هذا الموضوع قد تمّت تجربته من قبل، وهو ربّما بحاجةٍ إلى تحديثٍ، ويتمّ العمل عليه وهو موضع متابعة من وزيرَي الأشغال العامّة والدّاخليّة، لتحديد كيفيّة تنفيذه”.
ومع مطالَبة رئيس مجلس إدارة “ميدل إيست” محمد الحوت، بالتّدخّل لحلّ مشكلة الطّيور، وإلّا سيتوجّب الاستعانة مجدّدًا بالصيّادين لضمان سلامة الطّيران، على غرار ما حصل عام 2017، يشدّد وزير البيئة على أنّ “موضوع “كَشّ” الحمام هو إداري وأمني، من مسؤوليّة البلديّات ووزارة الدّاخليّة لمنع تربية الطّيور بمحيط المطار”. وفي حال اللّجوء إلى خيار الصيّادين، أعلن “أنّنا لن نقبل بهذا الموضوع، ونعتبره مخالفًا للقانون ولكلّ المعاهدات الدّوليّة”.
السّلاح المتفلّت لا يحكم قبضته على العديد من مفاصل الدّولة والقرار فحسب، بل يصيب أيضًا بوّابة لبنان في الصّميم. ولسخرية القدر أنّ خطره لم يعد يختلف جدًّا عن خطر الطّيور، الّتي تهدّد سلامة الطّيران. فبين مطرقة الرّصاص الطّائش وسندان الطّيور، المطار بحاجة طارئة إلى خطواتٍ أمنيّةٍ سريعةٍ، قبل أن تصيبه الطّلقة القاضية؛ ومن بعدها لا مجال للنّدم.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تحرير سعر ربطة الخبز… إلى 65 ألف ليرة سِر! | في سيناريوهات الحرب: مصير لبنان النّفطي معلّق بالممرّ البحري | جنود المستشفيات جاهزون للحرب… بشرط |