باسيل يشهر أوّل أسلحته الرئاسية: ندى البستاني مرشحة؟
كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:
بعد تلويح بعزم “التيار الوطني الحر” بالانتقال من التصويت بالورقة البيضاء في جلسات الانتخابات التي بلغت حتى الآن عشر جلسات على أن تكون الجلسة الحادية عشرة هذا الأسبوع، رددت أوساط إعلامية قريبة من فريق “الممانعة” أن “التيار” قد قرر ترجمة هذا العزم بترشيح أحد أعضائه، ألا وهي النائبة ندى البستاني وزيرة الطاقة السابقة التي تولت هذه الحقيبة في حكومة الرئيس سعد الحريري عام 2019.
لن يطول الوقت حتى يتبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود على هذا الصعيد. علماً أن “التيار” تبنّى في الساعات الماضية، التكهنات الإعلامية في نهاية الأسبوع الماضي والتي حملت عنوان “التيار يعلن الثلاثاء اسم الشخص الذي سيصوت له”. وجاء في نبأ نشرته صحيفة “الشرق الأوسط” في عددها الأحد الأخير، وتولى تعميمه “التيار”، الآتي: “يدخل الاستحقاق الرئاسي في لبنان في الأسبوع المقبل مرحلة النقاشات الأكثر عمقاً بالأسماء، مع إعلان “التيار الوطني الحر” أنه سيحسم يوم الثلاثاء المقبل (غداً) مسألة التسمية والشخص التوافقي الذي سيدعمه”.
إذاً، هناك ما يدعم فرضية ترشيح “التيار” النائبة في تكتله والتي تقدمت إلى الواجهة في نهاية العام الماضي، عندما ترأست وفد “التيار” في كسروان الفتوح وزارت الصرح البطريركي في بكركي وقدمت للبطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي المعايدة لمناسبة عيدي الميلاد ورأس السنة. وقد أعربت البستاني بعد الزيارة عن الأمل في أن “تثمر جهود البطريرك وجهود رئيس “التيار” النائب جبران باسيل، في الوصول لانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن”.
هل كانت زيارة وفد “التيار” إلى بكركي برئاسة النائبة البستاني بمثابة التحضير لقرار النائب باسيل بالانتقال من الورقة البيضاء في جلسات البرلمان لإنتخاب رئيس للجمهورية إلى الورقة المكتوبة وعليها اسم البستاني؟
على ما يبدو أن الجواب هو الإيجاب، وزاده وضوحاً تكليف باسيل نائبته خوض السجال الكهربائي في الأيام الماضية مع المكتب الإعلامي لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على خلفية السلفة الجديدة لمؤسسة كهرباء لبنان والتي ما زالت عالقة على خط التوتر العالي بين حكومة ميقاتي وبين التيار العوني على خلفية العودة إلى مجلس الوزراء لبت السلفة؟
أين “حزب الله” من هذا التطور المحتمل في ترك حليفه التصويت بالورقة البيضاء لمصلحة ورقة البستاني؟
في معلومات من أوساط مواكبة للاستحقاق الرئاسي، أنّ “حزب الله” وإن كان سيفقد ثقل أصوات “التيار” في حجم التصويت بالورقة البيضاء كما حصل العام الماضي، لا يبدو “مستاءً”، حسب تعبير هذه الأوساط، من ترشيح حليفه نائبته، والسبب أن حصيلة هذا الترشيح ستصب عملياً في مصلحة الحزب التي تكمن في عدم وصول مجلس النواب فعلياً إلى إنتخاب رئيس جديد للجمهورية. وجلّ ما في الأمر بعد ترشيح البستاني أن فريق الورقة البيضاء ما زال موحداً ولو انقسم شكلياً بالترشيح الجديد.
ليس خافياً على المراقبين أن خيار “حزب الله” الجدّي هو زعيم “تيار المردة” سليمان فرنجية في المرحلة الراهنة، وهو أي “الحزب” إذا ما تخلى عن هذا الخيار، فلن يكون لمصلحة مرشحة “التيار” الذي صار خارج الحسابات الجدية على مستوى ترشيح الشخصية التي ستصل إلى قصر بعبدا. كما تبين مراراً أنّ رئيس “التيار” باسيل شخصياً، هو خارج الترشيحات الجديّة كلياً. وباسيل يدرك هذا الأمر ويعبّر بين حين وآخر عنه بطرق مختلفة.
لن يتأخر الوقت ليتبيّن أن ترشيح البستاني لو حصل غداً، هو من أجل ملء الفراغ في الوقت الضائع لمصلحة “حزب الله” الذي ما زالت قمرة قيادة “التيار” الفعلية بيده. ولأنّ منصب الرئاسة الأولى يعود إلى الطائفة المارونية، فكان لا بد من الاستعانة بالحليف الذي تبيّن بعد 17 عاماً منذ توقيع “تفاهم مار مخايل” أنه ما زال على عهد التفاهم مهما عصفت به التباينات كما حصل إبان أزمة الجلسة الأخيرة لحكومة تصريف الأعمال.
في موازاة ذلك، لا بد من رصد تكتيك “حزب الله” من أجل إطالة أمد الشغور الرئاسي. وفي آخر الكلام على هذا التكتيك ما صرّح به عضو المجلس المركزي في “الحزب” الشيخ نبيل قاووق فأقام جداراً بين “فريقين في لبنان: فريق يريد الحوار والتوافق الوطني لانتخاب رئيس للجمهورية، وفريق آخر يرفض الحوار والتوافق، ويصر على التحدي والمواجهة، وينتظر التدخلات الخارجية… وهذا يعني أن المعادلة باتت واضحة، حيث إنه لا يوجد لأي طرف القدرة على الإتيان برئيس للجمهورية دون توافق، وإذا أرادوا أن يجربوا المجرب فهم أحرار”.
هل هذا واقع الحال الذي يظهر عقم جلسات الانتخابات الرئاسية؟ بالطبع ليس هو واقع الحال، وإنما واقع ورقة التعطيل التي يفرضها فريق “الممانعة” بزعامة “حزب الله”. وجاءت الفرصة من واشنطن لتبيان هذا النهج التعطيلي، كما قال رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الذي تمنى لو أنّ “نواب محور الممانعة ورئيس المجلس النيابي يتّعظون قليلاً مما جرى هذا الأسبوع في انتخابات رئاسة مجلس النواب الأميركي، حيث عند اشتداد المنافسة وعدم تمكن أي من المرشحين من الفوز بالأكثرية المطلوبة، تتالت الدورات يومياً وبقيت الجلسات مفتوحة ودارت المناقشات والحوارات إبان الجلسات في المجلس النيابي حتى توصل المتنافسون إلى اختيار أحدهم وانتخاب رئيس لمجلس النواب الأميركي بعد 15 جولة تصويت”.
هنا بيت القصيد، أن يدخل مجلس النواب إلى جلسة انتخاب من دون انقطاع، ومن دون ذريعة النصاب الوهمية. فهل سيتحقق ذلك؟ للأسف، لن يسير برلمان بيروت على خطى الكونغرس في واشنطن. ولهذا تأتي خطوة ترشيح نائبة “التيار” كإحدى أدوات التعطيل التي يشرف عليها “الحزب”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل بري وابتسامة لاريجاني | “مرشد” لبنان و”بطريرك” إيران | تفليسة “تفاهم” مار مخايل في عملية البترون |