“ليبان بوست” إلى الواجهة قضائياً… إقرأوا هذه السطور أيّها اللبنانيون
كتبت ميرنا الشدياق لـ “هنا لبنان”:
منذ أكثر من عشرين عاماً ارتبطت خدمات البريد في لبنان باسم “ليبان بوست” تحديداً منذ 22 تموز 1998 رغم العيوب والشوائب التي أحاطت بالعقد والتي فنّدتها لجنة الاتصالات النيابية بشكل رسمي في جلسة عقدتها في 1/4/2021، ثم ديوان المحاسبة، في تقرير مفصل أنجزه في 8/6/2021 خلص إلى ضرورة إعادة تلزيم القطاع بشروط جديدة تأخذ في الاعتبار سلّة ملاحظات، أبرزها: رفع النسبة المئوية على الإيرادات السنوية، شمول هذه الحصة كافة الخدمات، إعادة النظر ببدلات الإيجار والمصاريف التشغيلية.
وعلى هذا الأساس، طلبت إدارة المناقصات ضرورة تلزيم القطاع بشروط جديدة بعد دراسة واقع البريد بطريقة شفافة وموضوعية وشاملة، ما يعكس حقيقته وحجمه وسائر مكوناته ويشجّع الشركات المعنية على الاشتراك في التلزيم، ويضمن الحصول على أسعار منافسة وحقيقية.
وفيما لم تصل محاولات إطلاق مزايدة جديدة يوماً إلى خواتيمها، كان البديل دائماً ابتكار المبررات لتمديد جديد للشركة نفسها. مُدد العقد 8 مرات، والتمديد الأخير أقره مجلس الوزراء الحالي قبل تحوّل الحكومة إلى تصريف الأعمال، ويستمر حتى 31/5/2023. في تلك الجلسة، أُقرّ دفتر شروط المزايدة الجديدة، التي عادت وأطلقتها وزارة الاتصالات في 18/10/2022 على أن تفضّ العروض في 24/1/2023.
أعدّ دفتر الشروط بحسب “قانون الشراء العام” وهو يضمن حفظ حقوق الدولة اللبنانية وحماية وضعها أمام أي شركة ستتقدم للمزايدة. والسؤال المطروح اليوم هل يحق لـ “ليبان بوست” المشاركة في المزايدة من دون الحصول على براءة ذمة بعد أن أثيرت مؤخراً مسألة القضية العالقة في مجلس شورى الدولة ووجوب أن يصدر الحكم قبل موعد إجراء المزايدة وإلا بحسب البعض سيكون ذلك دلالة على أن هناك مماطلة مقصودة.
في هذا السياق، أكدت مصادر متابعة، لموقع “هنا لبنان”، أنه “يجب على العارض إرفاق طلبه ببراءة ذمة من وزارة المالية تثبت سداده لكافة الضرائب والرسوم ويشار فيها إلى عدم وجود أي ضرائب أو مدفوعات أخرى مستحقة للدولة”. وقد حرصت الجهة الشارية على تضمين دفتر الشروط ما يضمن حقوق الدولة المالية وعدم مشاركة شركات غير بريئة الذمة من كل المستحقات وليس فقط من الضرائب والرسوم.
كما ينص قانون الشراء العام على أنه لا يجب أن يكون هناك حكم قضائي ضد الشركة العارضة وذلك من ضمن عدد من الشروط الواجب أن تتوافر بالعارضين أبرزها ألّا تكون قد ثَبُتَت مخالفتهم للأخلاق المهنيّة المنصوص عليها في النصوص ذات الصلة، إن وُجدت؛ وألّا تكون قد صَدَرَت بحقّهم أو بحقّ مديريهم أو مستخدميهم المعنيين بعملية الشراء أحكام نهائية ولو غير مبرمة تُدينهم بارتكاب أيّ جرم يتعلّق بسلوكهم المهني، أو بتقديم بيانات كاذبة أو ملفّقة بشأن أهليّتهم لإبرام عقد الشراء أو بإفساد مشروع شراء عام أو عملية تلزيم، وألّا تكون أهليّتهم قد أُسقِطَت على نحوٍ آخر بمقتضى إجراءات إيقاف أو حرمان إدارية.
انطلاقاً من ذلك، لفتت المصادر إلى أنه “عندما يحين موعد الجلسة، وفي حال أعلن وزير المالية وجود أموال مستحقة للدولة لدى شركة عارضة ما، على لجنة التلزيم أن ترفض فوراً عرضها وإلا تكون قد خالفت دفتر الشروط الذي وافقت عليه هيئة الشراء العام”.
وتابعت: “كما أنه إذا أصدر مجلس الشورى حكماً قضائياً بحق شركة عارضة يؤكد فيها وجود مدفوعات مستحقة للدولة، فإنه بطبيعة الحال سيتم رفض عرضها”.
وبحسب المعلومات، فإنّ هيئة الشراء العام حتى الساعة لم تتبلّغ رسمياً من أي جهة قضائية وجود أي مشكلة حول ليبان بوست أو في حقها أي حكم قضائي.
بين من يقول إن الدعوى في مجلس شورى الدولة لم تبدأ بعد ولا يزال من المبكر صدور الحكم، وبين من يلفت إلى أن الملف قد بُتّ فيه منذ فترة على أن لا يتأخر صدوره، شددت المصادر على أن القضاء وحده يمكنه إثبات وجود مستحقات للدولة. وهو يجب أن يقوم بدوره وليس “مسايرة السياسيين”، وهناك تقرير لديوان المحاسبة يؤكد أن الشروط المعمول بها حالياً تستنزف الخزينة وهناك مستحقات للدولة فهل سيقوم المعنيون بدورهم وهل ستُعطى لشركة ليبان بوست براءة ذمة؟ وهل حصّلت الدولة اللبنانية كل حقوقها من هذه الشركة؟
وسألت المصادر: “هل يريدون المماطلة في إصدار الحكم حتى تمر المزايدة إرضاءً لجهات سياسية؟ عندها عن أي دولة ومؤسسات نتحدث؟
ومن المعلوم أنه إذا لم تتقدم أي شركة إلى المزايدة تفشل، ويستمر العمل بالعقد القديم.
وبحسب معلومات موقع “هنا لبنان”، فإن شركتين حتى اليوم سحبتا دفتر الشروط بعد دفعها لخمسين مليون ليرة: ليبان بوست وشركة CMA|CGM الفرنسية.
وزير الإتصالات: العقد الحالي مجحف
وبينما أكّد وزير الإتصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني القرم، في حديث لموقع “هنا لبنان”، أنه “لا يمكنه إعطاء أي رأي حول ما قد يتخذه مجلس شورى الدولة من قرار في قضية ليبان بوست، شدّد على وجوب احترام وتطبيق دفتر شروط المزايدة وهي شروط واضحة تحدد من يحق له الإشتراك في المزايدة من عدمه”.
إلا أن القرم شدّد على أنّ “ما يهمه بشكل أساسي هو أن العقد الحالي مع شركة ليبان بوست مجحف بحق الدولة:
أولاً- لأن العقد الحالي بالعملة اللبنانية
ثانياً- لأن الدولة تتقاضى فقط 5 بالمئة من المعاملات البريدية الداخلية فقط، أي أن كل الخدمات الإضافية التي تقدمها ليبان بوست وتشكل جزءاً كبيراً من عملها لا تتقاضى الدولة عنها أي مبلغ.
ثالثاً- بدلات الإيجار مجحفة بحق الدولة.
وبالتالي بحسب القرم إن التمديد للعقد القديم في حال فشل المزايدة هو أسوأ أمر من الممكن أن يحصل. إذ أنه في هذه الحالة يُطبّق مبدأ استمرارية المرفق العام.
وفي هذا الإطار، يلفت الوزير القرم إلى أن “ما يهم هو أن تنجح المزايدة بصرف النظر عن من سيربحها حتى يتم تطبيق الشروط الجديدة التي تتضمن مثلاً تقاضي الدولة لمليون دولار فريش كدفعة أولى عندما تريد أي شركة البدء بعملها، وحصول الدولة بحسب شروط المزايدة على 10 بالمئة في البداية من كل مدخول الشركة وليس فقط من البريد الداخلي وفي السنة الثانية 15 في المئة والثالثة 20 في المئة ومن ثم 25 في المئة. كما يعاد النظر بالإيجارات”.
العلية: للتقيد بأحكام دفتر الشروط
رئيس هيئة الشراء العام جان العلية يُفيد، في حديث لموقع “هنا لبنان”، بأنّ “المناقصة ستجري في وزارة الاتصالات، وهيئة الشراء العام هي هيئة رقابية وبالتالي سيحضر يوم المزايدة مراقب يتم إرساله من قبل الهيئة لمراقبة الالتزام بدفتر الشروط”.
وشدد العلية على أنه “على لجنة التلزيم التقيّد بأحكام دفتر الشروط بخصوص المتطلبات المفروضة على أي عارض لأن عدم تقيّدها بهذا الأمر سيعرضها للمساءلة”.
ولفت إلى أنه “إذا كان هناك أي حكم سلبي على أي من الشركات العارضة، فإنّ ذلك لن يخوّلها المشاركة في المزايدة وعلى لجنة التلزيم عدم القبول بمشاركتها، وهذا الأمر مدرج في قانون الشراء العام”.
إنها من دون شك مزايدة قد تعيد للدولة فرصة استثمار أحد مواردها بالشكل الأفضل، فماذا سيكون موقف القضاء من القضايا المعروضة عليه؟ وهل سيحكم فيها كقضاء أم ستتغلب عليه المصالح السياسية الضيقة؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
حراك دبلوماسي تجاه لبنان مستفسراً ومحذّراً… | هل تقرّ موازنة 2024 والزيادات الضريبية بمرسوم حكومي؟ | ﻣﻌﺮض ﻟﺒﻨﺎن اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﻜﺘﺎب 2023: رسالة صمود وتكريس لدور لبنان الثقافي |