الفظاظة السياسيّة والمأزق الرئاسي!
كتب رامي الريّس لـ “هنا لبنان”:
التعويل المستمر من قبل بعض الأطراف السياسيّة اللبنانيّة على “صفقة” خارجيّة لإتمام الملف الرئاسي اللبناني تعكس في مكان معيّن استسلاماً سياسياً، يفوق حدود الواقعيّة المفترضة في بلدٍ مخترق تاريخيّاً مثل لبنان، وهو يتنافى مع المستويات الدنيا للمسؤوليّة السياسيّة ولسبل ممارستها بأخلاقيّات باتت اليوم مفتقدة بشكل كبير في الواقع الوطني اللبناني.
صحيحٌ أنه قلّما حصلت “انتخابات” رئاسيّة في لبنان بمعزل عن التأثيرات الخارجيّة بما يعكس موازين قوى معيّنة تفضي إلى اختيار شخصيّة لبنانيّة لتبوّؤ المنصب الأرفع في الجمهوريّة؛ ولكن الصحيح أيضاً أنه في الحقبات “الضبابيّة” كتلك التي يمر بها لبنان والمنطقة برمتها لا يمكن الركون حصراً إلى انتظار ما ستؤول إليه الحركة الخارجيّة والاستنكاف عن القيام بما يلزم من خطوات محليّة وتهيئة المناخات لتمرير الاستحقاق.
لا بل لماذا لا تسعى القوى المعطلة للاستحقاق لأن تنظر إلى هذه المساحة المتاحة بفعل الواقع الإقليمي والدولي لـ “اقتناص” الفرصة وتوسيع الهامش المحلي في “لبننة” الاستحقاق ولو لمرة واحدة بما يغيّر الكثير من الموروثات التي تناقلتها العهود وأصبحت بمثابة أعراف مكرّسة لا يتم المسّ بها أو محاولة كسرها أو تبديلها؟
يحق للمواطن اللبناني أن يتساءل عن كيفيّة اختراق هذا الجدار السميك من العراقيل المصطنعة التي تواظب أطراف الممانعة على القيام بها بكل الوسائل المتاحة بهدف تطويع الأطراف الأخرى وإرهاقها بهدف تحقيق الهدف المنشود أسوة بما حصل في تسوية سنة ٢٠١٦ ولو أن الظروف تغيّرت محليّاً وخارجيّاً ولو أن المحور ذاته ليس متفقاً على مرشح واحد هذه المرة بعكس الاستحقاق السابق.
سياسة الإرهاق أدّت إلى ما أدّت إليه من تشويه للدستور ولمفاهيمه الأساسيّة ولأهدافه في إرساء أسس دولة القانون والمؤسسات (كم هو جميل هذا الشعار لو لم يُشوّه في عهد الرئيس السابق إميل لحود الذي استهلكه لدرجة أن عهده لم يشهد تطبيق القانون ولا صيانة المؤسسات بل كان من العهود المؤسسة لمنطق النكد السياسي والعبثيّة الفارغة إنما المكلفة).
الخروج من هذه الدوامة المملة بات يتطلب مقاربات جديدة بعيداً عن سياسة المناكفات السياسيّة المقززة والمدمرة. يا لها من فظاظة سياسيّة غير مسبوقة!
مواضيع مماثلة للكاتب:
7 أكتوبر: منعطف جديد في الشرق الأوسط! | لبنان يُهمَّشُ أكثر فأكثر! | إلى متى انتظار تطورات المشهد الإقليمي؟ |