كلام خطير عن “زوال الدولة”… رسالة فرنسيّة حازمة وصلت إلى لبنان!
كتبت شهير إدريس لـ “هنا لبنان”:
تتصدّر السنة الجديدة سياسياً وبعيد عطلة الأعياد سلسلة تطورات وملفات وعناوين ستطبع المشهد الداخلي اللبناني الأسبوع الجاري، أولها انتخاب رئيس الجمهورية والجلسة الحادية عشرة التي سيدعو إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري، وثانياً معضلة ملف الكهرباء ودعوة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى جلسة لمجلس الوزراء وسط أجواء مكهربة، وثالثاً عودة القضاء إلى العمل ومحاربة الفساد في المؤسسات الرسمية من النافعة إلى الدوائر العقارية وصولاً إلى الوفد القضائي الأوروبي، ورابعاً اللقاء المرتقب في العاصمة الفرنسية لمساعدة لبنان.
هذه الملفات المطروحة للبحث تأتي وسط انسداد في الحلول وفي ظل فراغ وشلل يسود معظم المؤسسات الدستورية والخدماتية، فيما خرق المشهد رسالة التهنئة بالأعياد التي وزعتها السفارة الفرنسية من السفيرة آن غريو والتي تضمّنت وعوداً فرنسية بمواصلة العمل من أجل مساعدة لبنان على تخطي أزماته، بالقول: “إنّ فرنسا تعبّر عن تضامنها بشكل ملموس هدفُه الدائم نهوض بلدكم، إستجابةً لإحتياجاتكم. وإن فرنسا ستستمر بذلك في العام 2023”.
وفندت في رسالتها ما قامت به فرنسا في العام الماضي لجهة التضامن الفرنسي مع لبنان من أهمية الإستقرار خوفاً من إنزلاق أمني ما عبر دعم القوى الأمنية، ومشاركة فرنسا في تحقيق ملف ترسيم الحدود إلى النهوض الإقتصادي والصحي والتربوي والثقافي إضافة إلى المواطنة والمساعدات الإنسانية الطارئة.
فيما كان لافتاً في الشأن السياسي قيام السفيرة غريو المعروفة بحنكتها السياسية وإطلاعها بدور دبلوماسي مهم في الشأن اللبناني، بتوجيه سلسلة مواقف دعت فيها المسؤولين اللبنانيين الذين سيتولون أمور مستقبل البلد وشعبه أن يعوا مدى التحدّيات الوجودية التي يواجهها لبنان، ورفض زوال الدولة والثقافة المعمّمة المحيطة بها والقائمة على الإفلات من العقاب، وأن يلتزموا جدّياً بإعادة لبنان إلى كنف المجتمع الدولي وبإجراء الإصلاحات الضرورية للنهوض بالبلاد ووضع أُسس دولة القانون والعدالة.
هذه الرسالة التي تعبر عن الموقف الفرنسي بوضوح والتي تأتي في ظل انسداد الأفق على كافة المستويات وضعتها مصادر دبلوماسية فرنسية، لموقع “هنا لبنان”، في خانة الإهتمام الفرنسي الدائم بلبنان ونية فرنسا مواصلة الدعم والتواصل مع الجهات الإقليمية والدولية المعنية بالملف اللبناني من أجل التوصل إلى حلول طويلة الأمد، لكن في نفس الوقت أبدت المصادر استياء فرنسا من الانحدار في مستوى العمل السياسي في لبنان وطريقة إدارة شؤون الدولة ومؤسساتها مما سيصعب ويعقد مهمة فرنسا مع الدول المعنية، وهذا سينعكس على الإجتماع المزمع عقده في العاصمة الفرنسية باريس والذي لم يحدد موعده حتى الساعة.
وفيما جرى في الساعات الأخيرة التقليل من أهمية إجتماع باريس بعد أن كان يعول الكثيرون عليه أشارت المصادر إلى أن هذا الإجتماع في حال حصوله سيكون على شاكلة الإجتماعات السابقة وهو على مستوى المستشارين من الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية مع عدم التأكد من الحضور القطري، سيبحث في مسألة المساعدات الإنسانية والإغاثية والإصلاحات والعراقيل الموضوعة أمام انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان.
ودعت المصادر الفرنسية المسؤولين اللبنانيين إلى “عدم الرهان على الوقت، الأمر الذي سيجعل الأوضاع أكثر تعقيداً، معربة عن خشيتها من خطورة انزلاق البلاد أكثر اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً”.
وأتت إشارة غريو في الرسالة بقيام فرنسا بِحَثّ دول الخليج على العودة إلى لبنان، لا سيّما المملكة العربية السعودية التي باشرت بدعم مشاريع إنسانية لتصب في نفس الإتجاه قبيل الإجتماع التنسيقي المرتقب عقده في فرنسا.
كما وعدت غريو باسمها وباسم فرنسا بمواصلة العمل ومواصلة جولاتها على المسؤولين مذكرة بأن فرنسا ستدافع عن لبنان واللبنانيين وستذكّر بدون كلل، سواء في المؤسسات الدولية أو لدى الشركاء الإقليميين والدوليين، بأهميّة استقرار لبنان وازدهاره في المشرق، كبوّابة إستراتيجيّة في شرق البحر الأبيض المتوسط وبأنّ فرنسا ستظل ساهرة على ذلك وستواكب هذه الخطوات الضرورية.
وفي هذا الإطار، أشارت مصادر مقرّبة من عين التينة إلى أنّ السفيرة الفرنسية آن غريو وخلال لقائها الأخير مع رئيس مجلس النواب نبيه بري جرى عرض المساعي الفرنسية القائمة من أجل إيجاد حل لمعضلة الفراغ الرئاسي والتوصل إلى انتخاب رئيس للبلاد في أسرع وقت ممكن، وقد جرى التنسيق بين بري وغريو بشأن اللقاءات التي أجرتها مع بعض الجهات السياسية في لبنان ووضعه في صورة المساعي التي يقوم بها الرئيس الفرنسي لإيجاد تسوية في الملف الرئاسي والتي لم تصل بعد إلى أفق للحل مع الدول المعنية إقليمياً ودولياً في ظل عدم التفاهم اللبناني اللبناني أيضاً. وكذلك نسقت غريو مع السفير السعودي في لبنان وليد البخاري الذي زار باريس لمتابعة التحضيرات القائمة للإجتماع والذي تشارك فيه السعودية، وقد يشارك فيه سفراء الدول العاملين في لبنان لإطلاعهم على الوضع اللبناني عن قرب.
ووسط كل ذلك، فإن الإنتظار سيبقى سيد الموقف مع ضوء خافت قد يخرج من عين التينة مع دعوة الرئيس بري إلى جلسة جديدة لإنتخاب الرئيس في ظل مواصلته للإتصالات والمشاورات مع جميع الأفرقاء داخلياً والتي تكثفت نهاية الأسبوع بعيداً عن الأضواء بين الرئيس بري والقوى السياسية لبلورة صيغة حلّ تمنع التدهور الحاصل وتخرج لبنان من النفق والفراغ، وكذلك بانتظار ما سيخرج من اجتماع تكتل لبنان القوي الثلاثاء وإمكانية تسمية مرشح رئاسي بعد الضغوط التي يتعرض لها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل والذي لم يتواصل مع حزب الله على مستوى سياسي رفيع حتى الساعة، واجتماع النواب التغييريين الذين يصوّتون بورقة لبنان الجديد الثلاثاء أيضاً لبلورة موقف جديد من ترشيح أحد الأسماء، في ظل استمرار القوى السيادية بترشيح النائب ميشال معوض إضافة إلى المساعي الخارجية التي تؤمن الغطاء لأي تسوية رئاسية مقبلة لأن لبننة الإستحقاق الرئاسي لا تفي بالغرض.