نبأ سيئ للمزارعين اللبنانيين!
كتب أنطوني الغبيرة لـ “هنا لبنان”:
التهريب من وإلى سوريا يضرب كافة القطاعات اللبنانية والأزمة لم تعد أزمة محروقات ودواء وحليب بل باتت أيضاً أزمة زراعة. وهذه المرة التهريب جاء عكسياً فالبطاطا السورية تزاحم اللبنانية وتحول دون تصريفها.
وحال هذه الزراعة لا يختلف عن زراعة التفاح والليمون والموز، فهذه المحاصيل جميعها لم تضربها الكوارث الطبيعية وإنما السياسية.
وبالطبع لا يمكن الاتكال على الدولة العاجزة لإيجاد حلول ولمنع انهيار المزيد من المواسم الإنتاجية وتكدّس محاصيل أخرى في وجه المزارع المنهك.
وللمزيد من التفاصيل حول موسم البطاطا اللّبنانيّة المُهدّد، تواصلنا في “هنا لبنان” مع رئيس تجمّع الفلاّحين والمُزارعين في البقاع إبراهيم ترشيشي، الذي اعتبر أنّ “الدولة غائبة من الأساس، وفي حال وجدت لا تغيّر أي ساكن على أرض الواقع، فهي اليوم شاهد زور على السقوط الذي يحصل في مختلف القطاعات الإنتاجية، وهي تنظر إلى انهيار المؤسسات والقطاعات من دون تحريك أيّ ساكن”، مُضيفاً: “وزارة الزراعة بشخص الوزير تسعى للوقوف إلى جانب المزارع، لكن للأسف “فاقد الشيء لا يعطيه” فلا يستطيع الوزير أن يضع الخطط ويطبّقها”.
ويجزم ترشيشي أنّ “أكثر ما يستطيع فعله هو الوقوف بجانبنا والمطالبة معنا، ونعي القطاع الزراعي، ففي ظلّ الوضع القائم، ومع غياب كلّ من رئيس الجمهورية وحكومة تصريف الأعمال وغياب التنظيم عن أمور وحياة الناس وافتقادنا إلى خطط صريحة وواضحة ومدروسة مع النقابات المعنيّة، لا يمكن القول إنّ الدعم موجود، فلا وزارة الزراعة ولا أي وزارة غيرها تستطيع إيجاد الحلّ”،
مُتابعاً: “أزمة تصريف البطاطا قائمة منذ أكثر من شهر، عندما بدأت البطاطا غير الشرعية تغزو الأسواق اللّبنانيّة بكمّيات كبرى، فهذه الكميات لم تكن متوقّعة، وعندما دخلت السوق غيّرت موازين إنتاج موسم البطاطا”.
وأوضحَ أنّه “جرت العادة أن يتمّ حصد محصول البطاطا من نصف تشرين الأول لغاية منتصف تشرين الثاني أو حتى أواخر الشهر، ولكن هذا العام كان استثنائياً بسبب تأخر الموسم أكثر من المُعتاد، لذا تمّ تقليع البطاطا من التربة لغاية 17 و18 كانون الأوّل، وبقيت الكميات موجودة بالمستودعات بعد دخول البطاطا السورية إلى الأسواق اللبنانية”.
وهذه الكميات الموجودة اليوم داخل البرادات تقدّر على الأقل بثلاثين ألفَ طُناً من البطاطا، لذا تكمن المطالبة في:
من ناحيةٍ أولى، وقف التهريب القادم من الخارج وعدم إدخال البطاطا السورية -الموجودة بشكل كبير جداً وللمرّة الأولى بهذه الكميّة- إلى السوق اللّبنانيّة، ومن ناحية أخرى تأخير استيراد البطاطا من الخارج إلى حين تصريف الإنتاج المحلّي.
ويلفت ترشيشي إلى أنّ “تأخير استيراد المنتج المصري لا يضرّ بأي شكل من الأشكال بالجانب المصري، وأعضاء التجمّع يتباحثون مع أكثر من جهة مصريّة لتأخير تاريخ استيراد البطاطا إلى لبنان”، مؤكّداً أنّ “الجهة المصريّة ليس لديها أي مشكلة بتأخير تصدير البطاطا أسبوعين أو ثلاثة أسابيع، كونها على يقين أن دخول إنتاجها إلى الأسواق اللّبنانيّة بما هي عليه اليوم مع وجود الإنتاج اللّبنانيّ، سيعود عليهم بالخسارة وستبقى البطاطا المصريّة مكدّسة وينتهي مصيرها بالتلف، مع التشديد على أنّ الجانبين اللّبناني والمصري ينسّقان بشكلٍ كامل، والكميّة المُراد استيرادها ستبقى نفسها رغم تأخير الموعد”.
وتبعاً لترشيشي، فإنّ “الشهر الماضي، عند حصد البطاطا، كان الدولار 37.000 ليرة وكيلو البطاطا 11.000 ليرة، بينما اليوم أصبح الكيلو 8.000 ليرة والدولار 47.000 ليرة، فخلال هذا الشهر تمّ القضاء على أكثر من ثلاثين بالمئة من ثمن مُنتَجِه وأصبحت خسارته مُضاعفة ولا يستطيع الإستمرار”، خاتماً: “علينا ألاّ نستعجل الأمور، ونتمنّى أن يتحلّى وزير الزراعة بحكمة ودراية كي لا يلحق الظُلم بالمُزارع مرّة جديدة، وأن يكون حلّ المشكلة برضا الطرفين”.
أيام قليلة تفصلنا عن النتيجة التي ستكون على حساب المُزارع اللّبناني المكافح للإستمرار، في ظلّ العجز وغياب الرّغبة..