إنهم لا يعرفون نبيه برّي
الرئيس بري المحنّك، يفسّر الدستور على طريقته، ويستحضر الفتاوى غبّ الطلب.. يعطي أذناً مصغية حيناً، والطرشاء أحياناً. يرد على هذا ويهمل ذاك. ويرى ما يريد..
كتب عمر موراني لـ “هنا لبنان”:
قبل شهر سأل النائب ملحم خلف رئيس مجلس النواب نبيه بري، بكلّ براءة وتهذيب ورقيّ: “هل هناك عائق دستوري أو نظامي أن يبقى النواب داخل القاعة بعد انتهاء الجلسة؟”، فأجابه بظرفه المعهود: “حدا قلك إنو عاملين استراحة هون؟”
وفي الجلسة الأخيرة لانتخاب “إمبراطور” الجمهورية خلَفاً لـ “جبل شيخ الرابية”، وفيما كان بري يهمّ بالمغادرة بعد “فرط” النصاب، دعاه النقيب خلف إلى عقد جلسات متتالية، فأجابه وهو ينزل بتؤدة على الدرج “هيدي الحركات مش عليي”.
إلى صوته المتقلب بين التينور والباريتون فالنقيب خلف نائب ذكي وقانوني حصيف ولطيف. لكنه، بعد ثمانية أشهر لم يفهم تركيبة “مخ” أستاذ الأساتذة، المرن شكلاً والعنيد في الجوهر. فالرئيس بري قطع الطريق على مرور قانون إنشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في مجلس النواب، والمعروف أن المحكمة تشكلت بقرار من مجلس الأمن (1757) في أيار 2007 وفق الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة. وقف بري حينها على الحياد، لم يتهم المحكمة بالتسييس، ولم يعترض على “فتاوى” تمويلها ولم يتّخذ أيّ موقف من أحكامها. أمسك العصا من وسطها. لم يحرج شريكه في “الثنائي” وأبقى على شعرة معاوية مع قوى 14 آذار.
والرئيس بري نفسه، حال دون انتخاب رئيس يمثّل الأكثرية النيابية الصريحة خلفاً للرئيس/الأسطورة قاهر البحار والعذارى. عطّل خلافة لحود (نسيب) لحّود (إميل الأوّل) حتى تم الإجماع القهري على العماد ميشال سليمان.
والرئيس بري الطويل الصبر (بطول فرسخين)، صبر سنتين على وليد جنبلاط، حتى استعاده نصف حليف.
والرئيس بري المحنّك، يفسّر الدستور على طريقته، ويستحضر فتاوى من المفتين غب الطلب، كما حصل قبيل الإتفاق على تبني العماد ميشال سليمان. يعطي أذناً مصغية أحياناً، لمن هم في منزلة خلف، والطرشاء أحياناً. يرد على هذا ويهمل ذاك. ويرى ما يريد على قولة الشاعر محمود درويش.
لا يعرف النائب خلف، ولا النائبة نجاة صليبا عون ولا تعرف بوليت وربما لا يعرف الشيخ سامي ولا الأخت سينتيا، أنه لو “بسّط” نصف النواب زائد واحد، في القاعة العامة، وناموا و”قزقزوا” من البرد لن يرضخ بري إلّا للمصلحة العامة والوفاق والتوافق كما يراها “الحوزب”. إنهم لا يعرفون نبيه بري جيداً.
في المقابل يلاحظ عارفو “دولته”، أنه بات في هذه السن المتقدمة ( 85 عاماً) غير ما كان عليه في الرابعة والثمانين. بات أكثر تصلّباً وأقل تسامحاً كما صار متقلّب المزاج. ذات جلسة ضحك “دولته” عندما صاح ميلاد أبو ملهب “الله أكبر” لورود اسمه بين “لبنان الجديد” وبين “ميشال معوّض”. عادة يقعد المرشّح الفولكلوري على الشرفة المطلّة على القاعة العامة بصفة مراقب. “قاطِع تذكرة بريمو”. وفي الأمس عندما كرّر أبو ملهب صياحه المجنون لدى سماع اسمه، غضب “الإستيذ” خلافاً للمتوقّع. وطلب من المعنيين “زعبه” في الجلسة المقبلة… ألم يلاحظ خلف أن “الإستيذ”، منذ لحظة دخوله إلى الجلسة، بدا وكأنّه “مقبّعة معو”؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
مش كل صهر سندة ضهر | شبيحة “الحزب” بالمرصاد | أبو الجماجم |