تدفئة مسرطنة أو الموت برداً.. أهالي الجبال “يقاومون” موجات الصقيع!
يعاني أهالي الجبال من موجات الصقيع، والتدفئة لم تعد متاحة بعد الأزمة الاقتصادية، ما دفع الأهالي إلى اللجوء لأساليب بدائية غير صحّية!
كتبت كريستل شقير لـ “هنا لبنان”:
“الحطبات الكبار خبيهم لآذار”، مقولة متداولة بين أهالي الجبال في إشارة إلى الصقيع الذي يضرب بين الفصول ليصل إلى ذروته في الشهر الثالث من السنة!
غير أنّ هذا العام كان أقسى من سابقاته، فالأزمة الاقتصادية حوّلت فصل الشتاء إلى نقمة على من فقدوا سبل التدفئة.
في هذا الفصل تعلو صرخة سكان المناطق المرتفعة، فالمحروقات التي خُزّنت في الصيف لتأمين الدفء شتاءً نفدت، والغلاء يحول دون القدرة على تأمين المازوت اللازم لتشغيل أدوات التدفئة.
“نلجأ إلى تكثيف الملابس”، يؤكد أحد الأهالي، فالمحروقات أصبحت للمحظيين فقط ولمن يملكون الفريش دولار، فيما يلجأ القسم الآخر إلى حرق المواد البلاستيكية، أما الأكثر سوءاً فهو بدعة تقطيع الإطارات إلى قطع صغيرة وحرقها، حيث أن الدخان المتصاعد من هذه المواد “مسرطن” بامتياز.
“نبحث عن الدفء بين الأغطية والحرامات”، تقول إحدى السيدات، مشيرة إلى البرد القارس الذي يضرب بلدة الحراجل الكسروانية، أهالي المنطقة وفق هذه السيدة لجأوا إلى العديد من السبل للتدفئة من بينها ما يتبقى من الزيتون بعد عصره، لكونه مجانياً أولاً، ولسهولة الحصول عليه ثانياً.
“الشمس أيضاً وسيلة تدفئة”، تؤكد السيدة موضحة أنّها والجيران يلجأون في الأيام التي ترتفع فيها الحرارة قليلاً إلى الجلوس خارج المنازل بحثاً عن الأشعة الدافئة، أما المعاناة فهي مساءً، وفي ظلّ انعدام الكهرباء وغلاء المازوت، يصبح البحث عن الدفء معركة لأجل البقاء!
إلى ذلك ووسط الحديث عن منخفضات جوية قادمة، يعبّر الأهالي عبر “هنا لبنان”، عن هواجسهم، فما لديهم من حطب ومازوت وغاز لا يكفي لسدّ برد الشهور المقبلة.
ووفق هؤلاء فإنّ “طن الحطب” يباع اليوم بحوالي 150$، والتدفئة خلال الشتاء تستلزم ما بين 8 إلى 10 أطنان، أما المازوت فيلقبونه بمادة الأغنياء، بعدما اقتربت الصفيحة منه من كسر حاجز المليون ليرة.
وهذا السعر ليس خيالياً، إذ لا يستبعد ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا في حديث لـ”هنا لبنان” الوصول إليه، لا سيّما مع “التشنج السياسي الذي يدفع بالدولار صعوداً، وبالتالي ارتفاع مختلف أسعار المحروقات”.
وفيما يؤكد أبو شقرا أنّ “المواطن ضحية”، يردف: “دعم صفيحة المازوت لسكان المناطق الجبلية انتهى منذ زمن الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ففي حينها كان سعر برميل المازوت 150 ألف ليرة لبنانية والصفيحة بـ “15 ألف ليرة”.
ووفق أبو شقرا فإنّ ارتفاع أسعار المازوت اليوم يحول دون تهريبه إلى سوريا.
في السياق نفسه، أوضحت الدولية للمعلومات في دراسة نشرتها مؤخراً، أنّ متوسط كلفة تدفئة العائلة الواحدة في الموسم (100 يوم)، تبلغ 80 مليون ليرة للمازوت و60 مليونًا للحطب، وهذا الرقم تعجز العائلات الفقيرة ذات الدخل المحدود عن تأمينه، وبالتالي فإنّ المواطن لا خيار لديه سوى اللجوء إلى الوسائل البدائية التي ما زالت وحدها خارج إطار الجشع والغلاء والاحتكار!
مواضيع مماثلة للكاتب:
قمة “إجماع عربي” في الرياض.. ولبنان سيحضر في البيان الختامي! | الجيش خط أحمر.. سور كنسي يحمي القائد! | “المجاري” تغزو الساحل.. روائح كريهة تخنق المواطنين وتهدد حياتهم! |