نصف سكان لبنان من غير اللبنانيين… أزمة النزوح السوري: “لمعالجة المسبّبات قبل العوارض”!!


أخبار بارزة, خاص 24 كانون الثاني, 2023

أزمة النازحين السوريين تلقي بثقلها على لبنان منذ العام ٢٠١١. ومنذ بدء دخول النازحين السوريين إلى لبنان، تخلفت الحكومات اللبنانية المتعاقبة عن إقرار سياسة عامة لتنظيم الوفود وتنظيم الوجود.

كتبت يارا الهندي لـ “هنا لبنان”:

“نصف سكان لبنان سوريون”… كان لافتاً تصريح وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام المولوي الذي أحدث ضجة وطرح علامات استفهام عدة حول مصير اللاجئين السوريين من جهة ومصير اللبنانيين من جهة أخرى الذين تحملوا أعباء اللجوء لـ 11 عامًا، ولا يزالون حتى الساعة.

“لمعالجة المسببات قبل العوارض”… هذا ما أكّده المدير التنفيذي لـ “ملتقى التأثير المدني” زياد الصائغ، في حديث خاص لـ “هنا لبنان” لافتاً إلى “أن أزمة النازحين السوريين تلقي بثقلها على لبنان منذ العام ٢٠١١. ومنذ بدء دخول النازحين السوريين إلى لبنان، تخلفت الحكومات اللبنانية المتعاقبة عن إقرار سياسة عامة لتنظيم الوفود وتنظيم الوجود ضمن القدرة الاستيعابية للبنان مع تنظيم سوق العمل، بما يعني تحديد قدرة سوق العمل اللبناني على استيعاب الكتلة الوافدة من النازحين السوريين العمال، أُضيفوا الى كتلة العمال الموسميين التي تُقدر تاريخيًا بين ٥٠٠ ألف و٧٠٠ ألف، أي الذين يعملون في القطاع الزراعي، وقطاع البناء وقطاع الصناعة”.

إلى ذلك، يتحدث الصائغ، عن ثلاثة أنواع من التدخل اعتمدتها الحكومات اللبنانية المتعاقبة منذ العام ٢٠١١ ألا وهي:

“أولًا: التدخل الخطابي الاستجدائي من المجتمع الدولي، باعتبار أنّ كل أزمات لبنان هي أزمة نازحين سوريين بما يعني محاولة غض النظر عن الفساد وسوء الحوكمة، واستباحة السيادة.

ثانيًا: الخطاب الشعبوي التحريضي، من خلال محاولة خلق مواجهات بين المجتمعات المضيفة وبين مجتمع النازحين.

ثالثًا: الخطاب السياسي التنازعي، من خلال محاولة تقوية مواقع النفوذ لكل من القوى السياسية في مواجهة الأخرى.”

الصائغ، وفي حديثه لـ “هنا لبنان”، يلفت إلى ضرورة التنبه إلى “تأخر الحكومات اللبنانية المتعاقبة على مدى ١١ عامًا عن إنجاز سياسة عامة تقوم بداية على دبلوماسية العودة بما يعني تسهيلها بالتعاون مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين عودة النازحين السوريين إلى سوريا، على أن تكون المفوضية العليا الوسيط بين الحكومة اللبنانية والنظام السوري. كذلك، تأخر الحكومات المتعاقبة في تنظيم وجود اللاجئين، وكان طُرح في بداية الأزمة إنشاء مراكز إيواء حدودية توفر على لبنان تشتت النازحين السوريين في المجتمعات المضيفة. إلى ذلك، غياب طلب لبنان أن يكون عضواً مراقباً في مسار جنيف وبالتالي تخلّفه عن أن يقوم بدبلوماسية مبادرة بالضغط على المجتمع الدولي لإنجاز سياسة للعودة.

كل هذا تجاهلته الحكومات اللبنانية المتعاقبة ما أوصلنا إلى نقطة خطيرة جدًا” فضلاً عن غياب الأرقام الدقيقة، بحسب الصائغ، وهي مسألة أساسية في ظل تشتت الأرقام بين الوزارات المعنية وبين المفوضية العليا لشؤون اللاجئين.

في الخلاصة، يطرح الصائغ باقة من الأسئلة: “يمكن الآن أن يعود إلى منطقة القلمون، الزبداني، والقصير ٦٠٠ ألف نازح سوري، ولكن من يمسك بهذه المنطقة؟ إلى ماذا حُولت هذه المنطقة من قوى الأمر الواقع؟ ولماذا لبنان يغيب عن دبلوماسية العودة بما يعني طرح مبادرة متكاملة بعيدًا عن التهويل والتحريض والاستجداء؟”

ويتابع الصائغ في حديثه لموقعنا، قائلاً: “نحن أمام خطر كبير جدًا على لبنان، ولكن لا يجب أن نسمح بدخول عنصر التوتير بين مجتمع النازحين والمجتمعات المضيفة، خصوصًا وأن هناك من يسعى إلى توتير الأجواء في لبنان تحت شعار أنه قادر على ضبط الإيقاع الأمني.”

وبحسب الصائغ، لا جدوى من مناشدة حكومة تصريف الأعمال لأنها “جزء من منظومة لم تُدرك يوماً قيمة السياسات العامة كغيرها من الحكومات، وهي تعمل على المستوى الشعبوي الارتجالي، وعلى مستوى وضع نفسها في مواجهة المجتمع الدولي، ويتحكم بها من يحكم البلد فعلياً، في الوقت الذي علينا الاعتراف أيضاً أن فشل المجتمع الدولي في إنجاز حل سياسي في سوريا هو الذي يؤخر عودة اللاجئين وهذا بسبب الاشتباك الإقليمي الدولي ليس فقط في المسألة السورية ولكن في الإقليم ككل والآن هذا الموضوع يتعقد خصوصًا مع تفاقم الأزمة الأوكرانية وارتداداتها عالميّا.”

من هنا، يؤكد الصائغ، أن “القوى المجتمعية الحية في لبنان مدعوة للتفكير بسياسة عامة متكاملة تضعها على مستوى الرأي العام والانطلاق بدبلوماسية عامة للنقاش مع القوى الفاعلة في المجتمع الدولي، خصوصًا الأمم المتحدة، لبلورة تصور متكامل ينقذ هوية لبنان وأيضًا يوفر للنازحين السوريين العودة.”

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us