“عصفورية” الدولار مستمرة… والمهدئات لا تنفع!!
جنون قضائي وعقم سياسي مقصود وجنون الدولار، جميعها مؤشرات تشي بمخطط مبرمج تحضيراً لانفجار كبير.
كتبت ميرنا الشدياق لـ “هنا لبنان”:
في “العصفورية” اللبنانية، يعيش المواطن اللبناني على وقع “جنون الدولار” متخطّياً أرقاماً قياسية تتآكل معها كل زيادة أقرّت على الأجور حتى بات الأمن الغذائي في خطر إذ لا سقف للأسعار. أما أسعار المحروقات فتلهب الجيوب. والقدرة الشرائية لأصحاب الدخل المحدود معدومة. يساهم في ذلك غياب الرقابة من قبل الوزارات المعنية على المواد والأسعار وتوفر السلع في الأسواق.
مصادر مصرفية مطّلعة أكّدت لموقع “هنا لبنان” أنّ ما يحصل يندرج في خانة التفلّت الكامل في السوق السوداء وعدم وجود أي أدوات أو حتّى أيّ تدخّل من أيّ من الأجهزة الرسمية. وقد تُركت الأمور لمزاج الفعاليات المالية والاقتصادية المسيطرة على السوق السوداء. والأهم هو فقدان الثقة بالعملة ما يجعل اللبناني يفضّل اقتناء الدولار بدل الليرة، ويساهم في زيادة الطلب عليه.
علمياً -بحسب المصادر- لا يمكن وضع هذا الارتفاع الجنوني بأي إطار. إذ لا وجود لأيّ معادلة علمية تنطبق على ما يحصل اليوم ولا يمكن تفسير ارتفاع الدولار في ساعة واحدة ألفين أو ثلاثة آلاف ليرة.
المصادر وضعت هذه التطورات في خانة الاستمرار في ضرب النظام المالي اللبناني من خلال تدمير الليرة اللبنانية من قبل جهات راعية ومستفيدة من مخطّط بات مكشوفاً إلّا أنّ إيقاف هذا المخطّط يتطلّب حلولاً لا تزال مستعصية حتى الآن. ولم يعد ينفع التدخّل للجم ارتفاع سعر الدولار إذ أنّ أيّ خطوات استباقية تبدّدت وستتبدّد مفاعيلها سريعاً إذا لم تترافق مع خطوات إصلاحية جريئة وجدّية تصحّح الاختلالات البنيوية ومع إيجاد حلول للأزمة السياسية لا سيما انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة تضع برنامج إنقاذ شامل تثبت من خلاله سعيها لتحقيق الإصلاحات الضرورية والمطروحة لطيّ صفحة الانهيار الكبير.
أما المستفيد من هذا الجنون هو جميع القوى التي هي خارج إطار السيطرة الرسمية في ظل طغيان “حيتان المال” وهم كثر والذين يعملون في تبديل العملة ويضاربون عليها، من تجار الدولار وصرافي العملات والشيكات والمحتكرين الذين يصطادون الدولار الأبيض للتداول وجني الأرباح السوداء، من دون استبعاد ضلوع جهات سياسية في تكوين هذا المشهد.
وتتابع المصادر: “صحيح أنّ كل تعاميم مصرف لبنان التي صدرت في الآونة الأخيرة وتحديداً في شهر كانون الثاني وكلّ التدابير الردعية لم تستطع المعالجة إلّا أنّ المركزي لم يفقد كلياً آلية المعالجة بانتظار الأوّل من شباط المقبل موعد رفع سعر الصرف الرسمي إلى ١٥ألف ليرة وما ستؤول إليه الأمور بعد هذا التاريخ من تداعيات وقرارات يمكن أن تتّخذ والتي تبقى ظرفية في ظل الاستعصاء السياسي والاقتصادي”.
ويبقى أنّه من الصعوبة بمكان فصل ما يعيشه لبنان اليوم من جنون قضائي وعقم سياسي مقصود وجنون الدولار عن مخطط مبرمج تحضيراً لانفجار كبير.
مواضيع مماثلة للكاتب:
حراك دبلوماسي تجاه لبنان مستفسراً ومحذّراً… | هل تقرّ موازنة 2024 والزيادات الضريبية بمرسوم حكومي؟ | ﻣﻌﺮض ﻟﺒﻨﺎن اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﻜﺘﺎب 2023: رسالة صمود وتكريس لدور لبنان الثقافي |