موسم التّزلّج “انضرَب” والعَين على شباط


أخبار بارزة, خاص 27 كانون الثاني, 2023

في هذا البلد، لا شيء طبيعيّ، لا سياسيًّا وقضائيًّا، لا اقتصاديًّا وماليًّا، لا اجتماعيًّا ومعيشيًّا، ولا حتّى مناخيًّا!

كتب إيلي صرّوف لـ”هنا لبنان”:

لا عَجب في أنّ الشّيب تأخّر هذا العام ليكسوَ قمم الجبال اللّبنانيّة، فطريقه إلى جهنّم باتت أصعب وأطول، في ظلّ تغيّرٍ مناخيٍّ لم يَسلم لبنان من أعبائه الثّقيلة. صحيحٌ أنّ “موسم الخير” لم ينطلق عمليًّا بعد، وكميّة الثّلوج المتساقطة حتّى الآن غير كافيةٍ، لكنّ هذه “النّقمة” للبعض، هي نوعًا ما نعمة بالنّسبة للعاجزين عن تحمّل تكلفة التّدفئة الموجعة، لمواجهة الشّتاء القارس وثلوجه البيضاء المتّشحة بسواد الفقر والقِلّة.

في هذا البلد، لا شيء طبيعيّ، لا سياسيًّا وقضائيًّا، لا اقتصاديًّا وماليًّا، لا اجتماعيًّا ومعيشيًّا، ولا حتّى مناخيًّا! فدرجات الحرارة في الكثير من أيّام كانون الثّاني كانت فوق معدّلاتها الموسميّة، العديد من محبّي التّزلّج ارتادوا الشّواطئ اللّبنانيّة في عزّ الشّتاء، والثّلوج كانت على عداوةٍ مع مختلف المناطق الجبليّة؛ ما انعكس سلبًا على الفنادق ومراكز التّزلّج والمنتجعات السّياحيّة فيها.

في هذا السّياق، يؤكّد مختار منطقة كفردبيان- قضاء كسروان، وسيم مهنّا، لـ”هنا لبنان”، أنّ “مبدئيًّا انقضى نصف موسم التّزلّج، وإلى الآن لا توجد ثلوج”، موضحًا أنّ “الموسم الفعليّ في الوقت الحاضر، بعد انقطاع توافد الزّوار والسيّاح العرب والأجانب، بات محصورًا بين ١٥ كانون الأوّل و١٥ كانون الثّاني، لأنّ المغتربين اللّبنانيّين وأبناء البلد الّذين يزورون مناطق التّزلّج في ظلّ الأوضاع الحاليّة، هم وحدهم من يحرّكون العجلة الاقتصاديّة فيها”.

ورغم أنّ “كفردبيان هي أكبر مركز تزلّجٍ في لبنان والشّرق الأوسط، وأكثر من ثلثَي ممارسي هواية أو رياضة التّزلّج وروّاد المنتجعات الشّتويّة يقصدونها”، بحسب ما يذكر مهنّا، إلّا أنّه يشدّد في الوقت نفسه على “أنّنا في حالةٍ يُرثى لها، وأكثر من ثلثَي الموسم انعدم، إن من ناحية الوقت أو الاقتصاد، والسّبب المباشر لذلك هو كميّة الثّلوج غير الكافية”.

صحيحٌ أنّ لبنان يُعدّ مركزًا لأهمّ منتجعات وحلبات التّزلّج في المنطقة، إلّا أنّ الحركة في السّنوات الأخيرة شهدت انتكاسةً لا يمكن إخفاؤها، نتيجة الأزمة الاقتصاديّة الطّاحنة الّتي يتخبّط بها البلد، وجائحة “كورونا” الّتي قلبت الموازين وأبطأت العجلة الاقتصاديّة شبه المتوقّفة أساسًا؛ ما ترك تأثيره السّلبيّ على القطاع.

ويلفت مهنّا إلى أنّ “الثّلوج هي محرّكٌ اقتصاديٌّ لكفردبيان وأهلها والجوار، وحتّى كلّ لبنان يستفيد من موسم التّزلّج”. وعمّا إذا كان بإمكان شهر شباط المقبل أن يعوّض ولو جزئيًّا، لناحية كميّات الثّلوج المطلوبة وتحسُّن الموسم، يشير إلى أنّ “شباط لا يمكنه أن يحمل التّعويض المرتجى، لأنّه لا يوجد سيّاح أجانب ولا مغتربين، ولا يمكن الاتّكال فقط على أبناء البلد والتّلاميذ، في ظلّ الأزمتَين الاقتصاديّة والاجتماعيّة”. ويختم أنّ “عدم وجود ثلوج دمّر البنية الاقتصاديّة في المنطقة بشكلٍ نهائيّ”.

من جهته، يفيد مدير منتجع “زعرور كلوب”، في اتّصالٍ مع “هنا لبنان”، بأنّ “موسم التّزلّج لم يبدأ بعد، فلا ثلوج “بالمرّة” والمنطقة أشبه بصحراء قاحلة”، معربًا أنّ أمله في أن “تتساقط الثّلوج في الأيّام المقبلة”.

الأمل نفسه تحمله مسؤولةٌ في فندق ومنتجع “Le Notre Hotel & Ski Resort” في منطقة الأرز، الّتي تؤكّد أنّ “موسم التّزلّج في الأرز لم يبدأ بعد بالشّكل الصّحيح، بسبب عدم وجود كميّات كافية من الثّلوج”، مبيّنةً أنّ “الموسم كان يبدأ أحيانًا في شهر كانون الأوّل، إلّا أنّه تأخّر هذا العام”.

بين أصحاب منتجعات التّزلّج الّذي يئنّون ويرزحون تحت خسائر باهظة، والكثير من سكّان المناطق الجبليّة الّذين يفضّلون ألّا تتساقط الثّلوج، في ظلّ غياب التّغذية الكهربائيّة وتخطّي سعر صفيحة المازوت المليون وخمسةٍ وخمسين ألف ليرة؛ الأكيد أنّ موسم التّزلّج “انضرَب”. فهل تتكلّل الجبال بالزّائر الأبيض قريبًا، أم أنّ أزمة موسم التّزلّج ستتحوّل إلى أزمة مياهٍ في الأشهر المقبلة؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us