عويدات وبيطار وعبود… و”التخبيص”
الحقيقة قد تُطمس، والقضاء بات قدراً. حين يتمثّل القضاة بالسياسيّين، من العبث أن نبلغ الحقيقة. ما نبلغه هو الانهيار، كما في السياسة كذلك في القضاء…
كتب زياد مكاوي لـ “هنا لبنان”:
يرسم مرجعٌ قانونيّ صورة المشهد القضائي الحالي في لبنان بعينٍ موضوعيّة، بعيداً عن السياسة والحسابات والمصالح.
يعود المرجع القانوني إلى زمن الحرب، وقد عاشه عن قرب، ليروي كيف كان تدخّل السياسيّين والأمنيّين نادراً في القضاء، الذي كانت له هيبته وقد ساهم في صناعتها قضاةٌ كانوا يقفون في وجه التدخلات والطلبات، ويملكون الجرأة في قول لا، مهما كان الثمن.
ويشير إلى أنّ القضاء لم يكن يوماً بأفضل حال، ولكنّه لم يبلغ أبداً ما بلغه اليوم من انحدارٍ في المستوى، وقد شهدنا في عهد الرئيس ميشال عون سلوكاً قضائيّاً غير مسبوق وتدخلاً سافراً في القضاء، وقضاةً حزبيّين أو يؤتمرون من الأحزاب والزعماء.
“هي المهزلة الكبرى” يقول.
ويضيف أنّ القرار الذي اتخّذه أخيراً المحقق العدلي القاضي طارق بيطار ليس قانونيّاً، ولكنّه ينطلق من وجهة نظر قانونيّة. هو كمثل الفارق بين الكحل والعمى.
أما قرار مدعي عام التمييز غسان عويدات فهو، برأيه، لا يمتّ إلى القانون بصلة حيث أصدر قراراً ليس من صلاحيّاته ونفّذه فوراً وسمح بسفر من هو ممنوع من السفر. إنّه العمى بعينه.
ويتابع المرجع القانوني: ماذا يمنع القاضي عويدات، مثلاً، أن يصدر قراراً بإخلاء سبيل أيّ موقوفٍ آخر؟
وفي تحليلٍ للمسار القضائي لملف انفجار المرفأ، يتحدّث المرجع عن “تخبيصاتٍ” كثيرة حصلت، حيث جرى التركيز أكثر على ناحية الإهمال بدل معرفة هويّة من أدخل النيترات ومن سعى إلى بقائها. كما لم تُعتمد معايير موحدة في التوقيفات، فإذا كان معيار التوقيفات والاستدعاءات هو من كان يعلم بوجود النيترات، فيجب حينها أن تشمل شخصيّاتٍ كثيرة بعد.
وفي سؤالٍ حول وجود تقصير من رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود، يرى المرجع القانوني أنّ عبود محاصر وهو لا يمون على أيٍّ من أعضاء المجلس الذين ينتمي كلٌّ منهم إلى مرجعيّة سياسيّة، ولكن، مع ذلك، فإنّ المطلوب من عبود إعلان موقف شخصي، أقلّه للتاريخ.
ختاماً، لا يبدو المرجع القانوني متفائلاً في المسار الذي سيسلكه ملف المرفأ. الحقيقة قد تُطمس، والقضاء بات قدراً. حين يتمثّل القضاة بالسياسيّين، من العبث أن نبلغ الحقيقة. ما نبلغه هو الانهيار، كما في السياسة كذلك في القضاء…
مواضيع مماثلة للكاتب:
نهاية الحرب: قريبة أو بعيدة؟ | كيف ستدفع إسرائيل الثمن؟ | هل انتهت الحرب أم بدأت؟ |