معرض طرابلس ينتصر على مظلوميته و”مخاطره”.. ويصنّف على لائحة التراث العالمي!
رغم وصول معرض رشيد كرامي الدولي إلى العالمية، غير أنّ تساؤلات عدة تطرح حول “أهليته”، وهل هو بالفعل في حالة من الخطورة؟
كتبت هانية رمضان لـ “هنا لبنان”:
اخترق إدراج معرض رشيد كرامي الدولي، على لائحة اليونيسكو للتراث العالمي، رتابة الوضع الشمالي، فأعاد الضوء إلى المدينة المهمّشة.
وجاء إدراج المعرض الذي تبلغ مساحته ما يقارب المليوني متر مربع لما يملكه من قيمة تراثية واقتصادية، وهو من تصميم المهندس المعماري البرازيلي الشهير أوسكار نيماير.
وكانت رؤية نيماير آنذاك هي تحويل هذه المساحة إلى مركز استقطاب للمعارض العالمية، غير أنّ هذا لم يتحقّق ولم يوفّر المعرض آلاف فرص العمل التي كان مخطّطاً لها، إذ لم يتم استخدامه تبعاً لما صمّم له، واقتصر العمل فيه على بعض المعارض المحدودة والمهرجانات.
فرحة اللبنانيين عموماً، وأهل طرابلس خصوصاً، بإدراج المعرض على لائحة التراث العالمي، نغّصها بيان اليونيسكو الذي ذكر أنّ المعرض “معرض للخطر”.
في هذا السياق أوضح المعمار الطرابلسي وسيم ناغي لـ”هنا لبنان” الخطوات التي اتبعت لإدراج المعرض، قائلاً: “هذا المكان تعرّض للكثير من النكبات منذ أن بُني وشيّد في طرابلس، إن بسبب التجاوزات السياسية أو بسبب مشاكل التمويل التي أخرت افتتاحه”.
وأضاف: “المعرض كان يجب أن يفتتح بين عامي 1969 و1975، غير أنّه تحوّل لضحية للحرب الأهلية، وتعرّض للاحتلال العسكري والتخريب والسرقة، وبات قاعدة عسكرية للجيش السوري”.
نكبة المعرض وفق ناغي، تتابعت بـ “عقود من الإهمال سببتها السياسة، واستمر الأمر، حتى دخلنا الألفية الثالثة، والتي كانت قاسية نتيجة الحروب التي شهدها لبنان والجولات التي شهدتها طرابلس وصولاً إلى الأزمة الاقتصادية، كل هذا كان معاكساً لأي انطلاقة جدّية لهذا الصرح الكبير”.
ناغي الذي عينّ عضواً في اللجنة الدولية للمسابقات المعمارية UIA ICC، يأسف لما تعرّض له هذا المعرض من إهمال، مقصود وغير مقصود، موضحاً أنّ “نقابة المهندسين قد بادرت بعد وفاة المعمار أوسكار نيماير في كانون الأول ٢٠١٢، إلى إعداد ندوات خاصة، وأخذنا على عاتقنا الإضاءة على أهمية هذا المعرض الثقافية والاقتصادية، فهو قادر على خلق فرص عمل وتحريك العجلة التجارية”.
وتابع ناغي متحدثاً عن تجاهل الدولة اللبنانية لأهمية هذا المكان، ما دفعهم إلى اللجوء للمجتمع الدولي وتحديداً منظمة اليونيسكو، لافتاً إلى أنّه “كان هناك تعاون بين وزير الثقافة محمد وسام المرتضى وسفيرتنا في اليونيسكو الأستاذة سحر بعاصيري في هذا الملف، وتزامن هذا الأمر مع تقديم كل المعلومات من قبلنا حول هذا المكان، بالإضافة لوجود النقيب جاد تابت في لجنة تصنيف المباني كتراث عالمي في اليونيسكو”.
إلى ذلك، يشير ناغي إلى أنّه تمّ الاتفاق في العام 2019 على التحرّك، خاصة بعد إدراج المعرض في العام 2018 على لائحة المؤشر الأوّل في اليونيسكو لما يحمله من قيمة عالمية استثنائية يجب الحفاظ عليها، معلّقاً: “يشترط هذا التصنيف أن يكون المعرض عبارة عن خلية نحل من النشاطات، ما دفعنا إلى تنظيم ملف عن قيمته الاستثنائية وتحويله إلى “إيكوموس” اليونيسكو، فجاء الرد على شكل 16 سؤال حول الملف المعدّ، وقمنا بالجواب على الأسئلة جميعها بسرعة قياسية”.
وعند سؤاله عن لائحة الطوارئ والخطر المحدق بهذا المعرض، يوضح ناغي: “التحدث عن هذه النقطة، أي الخطر، يعود لسببين أولاً ليتم إدراجه سريعاً كمعلم تراثي عالمي، والثاني هو جذب الاهتمام لترميمه وتدعيمه من خلال تصنيفه كعالمي و”طوارئ” في آن واحد”.
وأكّد ناغي أنّ عملية التدعيم ستليها عملية التشغيل، ما يضمن بقاء المعرض في حالة حيوية.
وفي الختام يقول المهندس المعماري: “لقد طلبنا من اليونيسكو إدراج المعرض ضمن التراث المهدد بالخطر، لجذب الهبات والمنح والتمتع بالحماية الدولية بالإضافة إلى منح هذا المكان ولبنان شهرة عالمية، سيّما وأنّ هذا المعرض هو الوحيد عالمياً الذي نال هذا التصنيف”، متمنياً أنّ “نستطيع من خلال جمعية تراث نيماير في طرابلس تشغيل المعرض بعيداً عن التجاذبات السياسية الضيقة”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
بين النزوح الدراسي والأزمات التعليمية.. مدارس في مهبّ الفوضى | أمان النازحين في قبضة السماسرة.. استغلال وجشع بلا حدود | براءة الأطفال في مهب الحرب.. وجروح نفسية لا تَلتئِم! |