الاقتصاد المحلّي في حالة من الانهيار.. والتسوّق الإلكتروني يتصدّر المشهد!


أخبار بارزة, خاص 30 كانون الثاني, 2023

التجارة الإلكترونية تزدهر، بين متاجر أقفلت محالها الفعلية لتبقى فقط صفحاتها الإلكترونية، ومتاجر بدأت “أونلاين” ثمّ افتتحت محالها، ومتاجر توسّعت إلكترونياً لتطال شريحة أكبر.. فأيّ القوانين تحكم هذه التجارة وكيف يتم تنظيمها؟

كتب أنطوني الغبيرة لـ “هنا لبنان”:

الأزمة الاقتصاديّة بدت ملامحها جليّةً على الأسواق المحليّة، وأبرزها التذبذب وعدم الاستقرار في سعر صرف الدولار الذي يشلّ الحركة الإقتصاديّة فمعظم المتاجر لم تتحمّل الخسارة فأقفلت، والشركات العالميّة أخذت تقفل فروعها في لبنان الواحدة تلو الأخرى.

وفي ظلّ هذه التغيّرات، نشطت التجارة الإلكترونيّة لتأخذ حصّة الأسد في الاقتصاد الوطني؛ فما تأثير التجارة الإلكترونية على اقتصاد لبنان؟

يوضّح الخبير الاقتصادي محمّد الشامي في حديث لـ “هنا لبنان” أنّ التسوّق الإلكترونيّ هو نوعٌ من أنواع التجارة، سواءً قدّم المُنتجات أو الخدمات؛ وقد أصبح رائجاً بشكل أكبر في السنوات العشر الأخيرة لعدّة عوامل، منها متعلّقٌ بكلفته المُتدنيّة وآخرٌ متعلّقٌ بالانتشار الجغرافي فالوصول إلى المستهلك أصبح ممكناً على امتداد الوطن وخارجه… وفي السنوات الثلاث الأخيرة أخذت هذه التجارة مساحة كبرى، محلّياً أقفلت الكثير من المتاجر أبوابها وشلّت الحركة التجارية بسبب الأزمة، أمّا عالمياً فكانت جائحة كورونا السبب الأساسيّ لانتشار هذا النوع من التجارة.

وأشار الشامي إلى وجود نوعين من التسوّق الإلكتروني في لبنان، الأوّل وهو امتداد إلكتروني لمتجر فعليّ؛ ولتشجيع وتنشيط هذا النوع من التجارة تقوم هذه المتاجر بحسومات معيّنة. بينما الثاني يظهر من خلال المتاجر التي أقفلت محلاتها وانتقلت إلى البيع إلكترونياً كخطوة للتخفيف من حدّة الأزمة الإقتصادية، مع المحافظة على نفس النوعيّة للمنتجات.

أضاف: “وقد شهدنا بذلك نشأة قطاع جديد وتطويره وهو قطاع خدمة التوصيل، فأصبح أكثر من 80% من عمل هذه الشركات -سواء كانت من الشركات الكبرى أو الصغرى- يعتمد على المتاجر الإلكترونية ممّا ساهم بتفعيل الدورة الاقتصادية”.

من ناحيةٍ أخرى، تحدث الشامي عن وجه آخر للتجارة الإلكترونيّة التي تقتصر فقط على متجر افتراضي دون أن يكون هناك متجر فعليّ، فأيّ فرد يستطيع أن يُنشِئ صفحة على مواقع التواصل الاجتماعيّ ويبيع السلعة جديدة كانت أو مستعملة، مُشدّداً على التغيّر الجذريّ في شكل الدورة الاقتصادية.

مُردفاً: “لم تعد عملية البيع والشراء مرتبطة بتاجر لديه أصول تجارية وعلاقات مع التجّار ويدفع الضرائب … فحرية العمل التجاري لم تعد حكراً على أصحاب رؤوس الأموال بل أصبحت مُباحة للجميع”.

في السياق عينه، اعتبر أنّ الحركة التجارية توسّعت من خلال إنشاء هذه الصفحات والبعض استطاع جني الأموال وحتى وصل به الأمر به إلى فتح متجر فعليّ في الأسواق وأصبحت الشركة مرخّصة وقانونيّة وتتعاطى الشؤون التجارية؛ مسمّياً ذلك بالامتداد العكسيّ أي من التجارة الإلكترونية إلى السوق المحليّة، وهذه الفرصة التي جاءت جرّاء التطور الإلكتروني خفّفت من الأزمة الإقتصادية لأنّ الأفراد كانوا يبحثون عن عدّة مداخيل.

أمّا عن أثر التجارة الإلكترونيّة على السوق المحليّة، أشار الشامي إلى أنّ التأثير جاء سلبياً على المتاجر الصغرى التي بالكاد تستطيع تأمين مصاريفها وأتت التجارة الإلكترونية ذات الكلفة المتدنية لتشلّ حركتها، أمّا المتاجر الكبرى فقد استفادت ووسّعت تجارتها بكلفة أقل واستطاعت الوصول إلى شريحة أكبر من الزبائن أكبر من خلال منصّاتها الإلكترونيّة بعد فصل جزء من موظفيها لقسم جديد مستحدث لخدمة الزبائن إلكترونياً.

ولكن لا تنسحب القاعدة على جميع العاملين في قطاع الـ “أونلاين”، فالبعض استغلّها بشكل غير أخلاقي وقانوني، كتغيير تاريخ المنتجات المنتهية الصلاحية وبيعها، وبيع منتجات ذات جودة متدنية في ظلّ غياب الملاحقة والمراقبة. والتهرّب من القانون أمرٌ يسهل عليهم بمجرّد إقفال الصفحة أو تغيير اسمها وحتى لو رفعت شكوى لدى مصلحة حماية المستهلك فلا تستطيع هذه الأخيرة المحاسبة!

وهذا ما جرى في لبنان في الآونة الأخيرة بموضوع زيوت السيارات ذات النوعية الرديئة التي غزت الأسواق.

وبحسب الشامي، فكلّ المواضيع في لبنان تصبّ في خانة الأزمة السياسيّة، “فالشركات الفعلية غير خاضعة لرقابة وزارة الاقتصاد والتجارة إذ أنّها لا تستطيع القيام بجولة على السوبرماركت دون تعزيزات أمنية، فمن سيراقب الصفحات التجارية الإلكترونية غير القانونيّة؟! فالقوانين غير مواكبة للتطوّر الإلكتروني العالميّ كونه لا يوجد في لبنان هذه الصحوة القانونية وهذه الرغبة بعيدة عن لبنان”.

كما تجدر الإشارة إلى أنّ القانون رقم 81 المتعلّق بالمعاملات الإلكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي الصادر عام 2018 ذَكر التجارة والعقود الإلكترونية لكلّ من يعرض بحكم مهنته سلعاً أو خدمات بوسيلة إلكترونية من خلال ذكر المراحل الواجب اتّباعها لناحية إبرام العقد، شروطه، ومعايير أخرى؛ وأضاف القانون أحكام عامّة تخضع على كل ما لم يرد ذكره في مواده، ناهيك عن تعديلات على قانون حماية المستهلك.

لكنّ الطبقة السياسية في لبنان تستغل الثغرات القانونية لتطبّق القوانين على مقاسها خدمةً لمصالحها الخاصة دون أيّ اعتبار للمنفعة العامة، فهل يكفي قانون واحد صادر منذ خمس سنواتٍ لتنظيم تجارة غير تقليديّة في ظلّ الغزو العالميّ للتكنولوجيا؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us