قصص مؤلمة كتبها الزلزال: قلوب لبنانية عالقة تحت الركام.. وعروس عكار تنتظر عريسها

هي ليست الكارثة الأولى التي يكون للبنانيين حصة فيها، وكأنّ المعاناة والمآسي قدر بات يلازم اللبنانيين في أرض الوطن، ويلاحقهم إلى دول الاغتراب..

كتبت ريمان ضو لـ “هنا لبنان”:

أنعش خبر إنقاذ باسل حبقوق من تحت ركام فندق “OZCHIAN” في هاتاي، الآمال بخروج مزيد من الأحياء اللبنانيين من تحت أنقاض المباني المهدمة.

وحده الأمل والصلاة يجمع عائلات المفقودين اللبنانيين في تركيا وسوريا؛ بسماع أخبار تثلج نار قلوبهم المحترقة منذ الأحد.

يقول عبد القادر عجاج من قضاء زغرتا لموقع “هنا لبنان” أنه حتى الساعة لا أخبار رسمية عن عائلة خالته التي تعيش في تركيا منذ نحو خمس سنوات مع ثلاثة من أبنائها في إقليم كهرمان التركي، وقد انقطع التواصل معهم منذ فجر الاثنين. ورسمياً، لا تملك الخارجية اللبنانية ولا السفارة اللبنانية في تركيا أي معلومات، إلّا أنّ مقطع فيديو ظهر على قناة الجزيرة، كان كفيلاً بإنعاش الآمال. فبحسب عبد القادر “أظهر الفيديو عملية إنقاذ أحد المنكوبين تحت الركام، وفي الفيديو ظهرت خالته منى عجاج، من بين عداد الذين تم إنقاذهم”. ورغم هذا الفيديو، إلّا أنّهم لم يستطيعوا التواصل معها وينتظرون وصول ابنها الذي يقيم في اسطنبول إلى كهرمان لمواكبة أعمال الإغاثة، والاطمئنان على عائلته.

حال عائلة عبد القادر لا تختلف عن حالة عائلة أحمد المحمد، أصدقاؤه وأقاربه وأهله، يجلسون متسمرين إلى شاشات التلفزة، يعيشون صراعاً ما بين الأمل واليأس، أمل بخروج المزيد من الأحياء ويأس من فقدان الأحبة. يحاربون الوقت الذي إذا طال قد يُضيّق من فرص النجاة.

يشير شقيقه محمد لموقع “هنا لبنان” إلى أن لا تواصل مع أحمد، وفرق الإنقاذ والبحث تواصل عملها في الفندق في هاتاي الذي لم يبق فيه حجر على حجر وتهدّم فوق رؤوس قاطنيه. “كلنا أمل برؤيته على قيد الحياة، وخروج الياس منحنا بصيص أمل بخروجه حيّاَ، يقول شقيقه الذي يدرك أن صعوبات كثيرة تعترض عمليات الإنقاذ بفعل الردم وصعوبة التنقل للفرق المختصّة، إلّا أنّ اليأس لن يتغلّب على الأمل بخروجه حيًّا وعودته إلى أهله وإلى خطيبته دعاء عثمان، التي وجدت الصلاة سبيلاً وحيداً، وتقول لموقع “هنا لبنان” إنها “تتواصل مع القنصل اللبناني في تركيا، الذي لا يملك حتى الساعة أي معلومات رسمية عن أحمد” الذي سافر إلى تركيا، بحثاً عن فرصة عمل لتحسين واقعه، من دون أن يعلم أنّ هذه الرحلة قد تعرضه لهذا النوع من الخطر وتجعله يعيش أصعب أيام حياته وتجعل اسمه يتردّد على شاشات التلفزة لمعرفة مصيره.

وحدها شاشات التلفزة، وصفحات الصحف والمواقع الإلكترونية باتت مساحة الأمل لعائلات المفقودين، لتناشد عبرها السلطات الرسمية في لبنان، وفي تركيا لمساعدة المنكوبين، متمسكين بخيط أمل رفيع، يعيد القوّة إليهم والأمل إلى قلوبهم والفرحة إلى عيونهم.

عدد من اللبنانيين كُتِب لهم عمر جديد، وخرجوا أحياء من تحت الأنقاض، فيما المئات يصارعون للبقاء أحياء. منهم فرح أبو السل التي كانت تعيش في غازي عنتاب.

فرح وصلت حالياً إلى إسطنبول، كما شرحت في اتصال هاتفي مع موقع “هنا لبنان”، بعد أن تمكن أحد أقاربها في الخارج من تأمين بطاقة سفر لها.

لحظات عصيبة عاشتها فرح، لن تمحى من ذاكرتها قريباً. خرجت بعد اللحظات الأولى من وقوع الزلزال إلى الشارع بثياب النوم، ومعها هرّها الصغير. باتت ليلتها الأولى في الشارع، فمدينة غازي عنتاب غير مجهزة لهذه الأنواع من الكوارث، والاهتمام التركي بمساعدة المتضررين ينصب على مدينة كهرمان، موقع الزلزال. أمضى الناجون ساعاتهم الأولى من دون ماء لا طعام، في برد قارس، وثلوج غطت الطرقات. أكثر من ثلاثين ساعة قضتها فرح من دون طعام، 4 حبات تمر كانت زادها طوال الرحلة.

وبعد مرور الزلزال الثاني، عادت فرح إلى منزلها، جمعت أغراضها الأساسية، جواز السفر، حاسوبها الشخصي، وأوراق إقامتها في تركيا وتوجهت إلى المطار.

رحلة السفر من غازي عنتاب إلى إسطنبول كانت شاقة، فالطرقات مقطعة الأوصال. وخاضت رحلتها مشياً على الأقدام، وعلى الدراجات النارية أو سيارات عابري السبيل. في مطار غازي عنتاب، الذي لم يتضرر من الزلزال، فوضى عارمة. وصل إليه الناجون من دون الحصول حتى على بطاقات السفر، علّهم يتمكنون من الفرار.

حوالي عشر ساعات قضتها فرح في المطار، بعد تأجيل الرحلة لأكثر من مرة، حتى وصلت إلى اسطنبول على أن تعود إلى لبنان في 13 شباط.

تشيد فرح بتعاطي السفارة اللبنانية في تركيا والقنصل وسام بطرس مع اللبنانيين العالقين في المدن المنكوبة، إلّا أنّ التقصير ليس من السلطات اللبنانية بل من الجهات الرسمية التركية التي تركّز كلّ أعمال الإغاثة على مدينة كهرمان المتضررة.

وتقول فرح لـ “هنا لبنان” إن من بين اللبنانيين، عماد بزي وزوجته اللذين تمكنا من الوصول إلى أضنة قبل توجههما إلى بيروت.

من المؤكد أنّ عامل الوقت ليس لمصلحة المحتجزين تحت الركام، إلا أنّ من كُتب له عمر “ما بتقتلو شدة”، كما يقول المثل اللبناني.

هي ليست الكارثة الأولى التي يكون للبنانيين حصة فيها، وكأنّ المعاناة والمآسي قدر بات يلازم اللبنانيين في أرض الوطن، ويلاحقهم إلى دول الاغتراب التي قصدوها بحثاً عن مستقبل جديد، وفرصة عيش كريمة، حُرموا منها في بلد تفاقمت مشاكله وآلامه.

مواضيع مماثلة للكاتب:

المحكمة العسكرية ضحية “الكيدية”

مسؤولون لبنانيون للوفود الديبلوماسية: الأولوية للترسيم البري بدل الالتهاء بالقرار 1701

أونصات مزورة في السوق اللبناني… والقضاء يتحرك