أبو ظبي على قائمة المدن الذكية.. هل تلحق بها بيروت يوماً؟


أخبار بارزة, خاص 18 شباط, 2023

كيف لنا أن نتحدّث عن مدينة ذكية ولبنان بلد بلا كهرباء وبلا ماء، أليست هذه أقلّ العوامل الواجب توافرها كي نباشر بمشروع كهذا؟


كتب مازن مجوز لـ “هنا لبنان”:

إشارات مرور يمكن ضبطها لتنظيم حركة المرور ومنع الازدحام المروري، شوارع ذكية توفّر مجموعة كاملة من التطبيقات الذكية: الإضاءة الذكية، التطبيق المساعد للوصول إلى مواقف السيارات، محطات متصلة لشحن السيارات الذكية، حاويات النفايات المتصلة، محطات المحافظة على البيئة، المراقبة عن بعد، إدارة الفيديو، ري أوتوماتيكي، المعلومات الحيوية، شبكة الـ “واي فاي”، دورات مياه عامة، النقل والتنقل، إدارة التدفق. هذه لمحة سريعة لما تتمتع به مدينة أبو ظبي الّتي تصدّرت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مؤشر المدن الذكية للعام 2021 واحتلت المركز 28 عالمياً في العام نفسه.

أمّا بيروت فقد حلّت في المرتبة 240؛ أي قبل الأخيرة بمرتبتين فقط، ضمن صفوف المدن الأسوأ عالمياً.. شتّان ما بين المدينتين، فعلى ما يبدو ليس هناك أمل ولو ضئيل بأن تتحوّل مدينتنا إلى مدينة ذكيّة، والسّبب ليس إرادتها كمدينة تتحدّى المخاطر وتقوم كطائر الفينيق، كما أكّد البروفسور يوسف المونس “بيروت ستقوم كطائر الفينيق لأنّ لها تُقرع أجراس وتؤذّن مآذن الحرية والعدالة والكرامة”، ولكن وضعها المأساوي على كافة الأصعدة هو الّذي سيمنع القيامة هذه المرّة.

يرى المستشار الإقليمي السابق في اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) وخبير التنمية المستدامة د. أديب نعمة في حديث لـ “هنا لبنان” أنّ الفكرة خيالية وكل الموضوع غير قابل للتفكير حتى، في ظل ظروف بيروت أوّلًا، وظروف لبنان ثانياً، وظروف المنطقة ثالثاً”، لافتاً إلى أنّ الموضوع بعيد جدًّا عن الواقع، مشدّداً على أنّه “قبل الحديث عن المدينة الذكية نحتاج إلى ناس أذكياء، والوضع المزري والمتدهور في لبنان بات معروفاً لدى الجميع إن في الداخل أو في الخارج”.

ويسأل نعمة: “كيف لنا أن نتحدّث عن مدينة ذكية ولبنان بلد بلا كهرباء وبلا ماء، أليست هذه من أقلّ العوامل الواجب توافرها كي نباشر بمشروع كهذا؟”.

وفي نظرة أشمل إلى المقومات الواجب توافرها لتحويل بيروت إلى مدينة ذكية، نجد أنّ بيروت تفتقر إلى هذه المقوّمات جميعها، إن لجهة توفّر مصادر الطاقة اللازمة لتشغيل البُنى التحتية والأنظمة المعلوماتية، أو لجهة توجّه الحكومات المتعاقبة للاهتمام بمفهوم المدن الذكية، أو بتوفير العنصر البشري والعقول الذكية، إضافة الى الاندماج والتفاعل الإيجابي من قبل سكانها.

كما أنّ هذا التحول يتطلّب توفير الأطر القانونية والتشريعية والمؤسساتية الداعمة لعملية التحوّل، خاصة على صعيد ضمان أمن النظم الذكية وحماية الخصوصية وحماية المستهلك وضمان المنافسة العادلة. إذ تُعدّ المدن الذكية في العالم العربي بمثابة تحدٍّ جديدٍ لاحتواء العديد من الأزمات، خاصة أزمة الزيادة السكانية، فيما أزمات بيروت لا تُعدّ ولا تحصى.

عرفت العديد من المدن العربية كيف تحوّل هذا التحدّي إلى بطاقة رابحة خلال الفترة الحالية وفي المراحل المقبلة لا سيّما أبو ظبي وقطر والرياض التي عرفت كيف تستفيد من التطورات التقنية المُصاحبة للثورة الصناعية الرابعة.

ومن هنا يشير نعمة إلى أنّ التفكير في المدن الذكية ممكنٌ في البلدان المتقدّمة الشديدة الاعتماد على التكنولوجيا، لا في بلادنا.. هذا ما عدا بعض الحالات الاستثنائية، كما في دبي وأبو ظبي والرياض حيث تتوفّر لديهم الإمكانات للمباشرة بمشاريع من هذا النوع فقد تمّ إنفاق ملايين الدولارات على المدن الذكية التي تجعل المدن أكثر ملائمة للعيش وأكثر حيوية”.

أما في لبنان فأينما ذهبت تطالعك النفايات المنتشرة في الشوارع، والنقل العام شبه ميت، لا كهرباء ولا ماء، والتلوث يلاحقك في الماء والهواء والتربة، ولا حكومة، ولا إنترنت، ولا ورق لآلات الطباعة في البلديات ولا طوابع لدى المخاتير أو في الدوائر الرسمية. هو واقع لا يسمح لنا بالحديث ولا بالتفكير بأن تصبح “بيروت مدينة ذكية” فالمدن الذكية هي تعزيز التقنيات لخدمة الناس وتهدف إلى الاستخدام الأمثل للموارد البيئية لخدمة المجتمع والاقتصاد وبالتالي تعزيز التنمية المستدامة والسليمة.

ليبقى السؤال، في ظلّ هذا الواقع الشديد التعقد للعاصمة اللبنانية، كم سنة علينا أن ننتظر كي نشاهد بيروت تعتمد على التنمية الاقتصادية المستدامة، مع الإدارة الحكيمة للموارد الطبيعية، وتُحقق الاستثمارات فى رأس المال البشري بفعل التقنيات الذكية التي تجعل الحياة الحضرية أكثر راحة وأماناً؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us