في لبنان لا شيء يحدث صدفةً.. حملة غادة عون على شركة مكتّف مستمرّة نحو المصارف
لا يمكن لأي شخص أو مؤسسة أو “جمعية” غير مصرفية أن تتلقى الودائع من الناس لتعود وتستعملها في عمليات إقراض دون أن تكون مصرفاً مرخصاً له ومنشوراً على لائحة المصارف من قبل المصرف المركزي.
كتب طوني سكر لـ “هنا لبنان”:
تعرّف المادة ١٢١ من قانون النقد والتسليف المصارف بـ “المؤسسات التي موضوعها الأساسي أن تستعمل لحسابها الخاص في عمليات تسليف، الأموال التي تتلقاها من الجمهور” بما معناه أنّ المصارف هي المؤسسات التي تستخدم الودائع في عمليات الإقراض.
وتضيف المادة ١٢٥ من القانون المذكور أنه “يحظّر على كلّ شخص حقيقي أو معنوي لا يمارس المهنة المصرفية أن يتلقى ودائع”.
فمن هم الذين يحقّ لهم تلقي الودائع أو من هم الذين يمارسون المهنة المصرفية؟
جواباً على هذا التساؤل تنص المادة ١٢٨ من القانون عينه، أنه “يخضع لترخيص من مجلس المصرف المركزي تأسيس كل مصرف لبناني وفتح كل فرع لمصرف أجنبي في لبنان”.
ومن بعد مرحلة الترخيص والتسجيل لدى مصرف لبنان، يضع المصرف المركزي لائحة المصارف التي قَبِل تسجيلها وتسمى بـ “اللائحة” حسب المادة ١٣٦ من قانون النقد والتسليف.
وبالتالي وبعد هذا العرض القانوني يمكننا أن نستخلص أنّه لا يمكن لأي شخص أو مؤسسة أو “جمعية” غير مصرفية أن تتلقى الودائع من الناس لتعود وتستعملها في عمليات إقراض دون أن تكون مصرفاً مرخصاً له ومنشوراً على لائحة المصارف من قبل المصرف المركزي.
فيما لو قمنا بقياس هذه المعطيات القانونية وتعمقنا في أعمال جمعية “القرض الحسن” لوجدنا أنها جمعية موضوعها الأساسي أن تستعمل الأموال التي تتلقاها من الجمهور لحساب حزب الله في عمليات التسليف، بما معناه أن أعمال وموضوع هذه الجمعية موافق تماماً لما هو منصوص عليه في المادة ١٢١ ودون الالتزام بالمواد الأخرى.
وعليه ألا يمكننا أن نسأل وضمن سياق القانون كيف لجمعية مرتبطة بجناح عسكري يدعى حزب الله أن تقوم بعمل يعود للمؤسسات المصرفية؟ بأي حق وتحت سقف أيّ قانون؟ وإلى متى ستبقى الدولة بكافة مؤسساتها متفرجة على إسقاط القانون والمؤسسات، مؤسسة تلو الأخرى؟
وكيف لجمعية كهذه أن تفتح فروعاً لها على مختلف الأراضي اللبنانية وعلى مرأى من النيابات العامة المختصة؟
فهل أصبح همّ نيابة جبل لبنان الوحيد تعبيد الطريق لجمعيات غير قانونية على حساب المؤسسات القانونية المتمثلة بالمصارف، عبر استدعاءات وعراضات مترافقة مع هجمة تكسير وتحطيم ممنهجة من قبل مجموعة من مودعي “الحسن” الذين كما رأينا ليسوا أصحاب ودائع في المصارف؟
ما شهده الشارع هذا الأسبوع من موجة التحطيم والحرق للمصارف هو كناية عن تشابك مسرحيات “العهد القديم” المتمثّل برفاق النائبة العامة، وفولكلوريات “الحسن” ومستقرضيه. وكأنّ التحالف والتفاهم لم يتعكّر وما زال قائماً بالكيمياء، فلا داعي للتواصل والتخطيط بينهما على التخريب!
فكم من حسن مقلد سنرى على حساب ميشال مكتف؟ وإلى كم فرع سنصل مع جمعية القرض الحسن على حساب الاقتصاد والائتمان الوطني؟ …
ربما الساعة اقتربت فالأصوات العالية دليل ضعف وتبشر بنهاية المستبد!
وتعليقاً على التحركات الممنهجة ضدّ المصارف تشير مصادر مطلعة لـ “هنا لبنان” أن لا شيء في لبنان يأتي بالصدفة، فكل شيء منظم ومرتب، فإذا أمكننا أن نعود للمنهجية التي اتّبعتها غادة عون في الحملة على شركة مكتّف والتي تبين لاحقاً غياب أي جرم قضائي عليها، وعلى شركة نقل الأموال بلو ساك بعدها، نستطيع أن نرى بوضوح أنّ الحملة ذاتها مستمرّة ولكنّها اليوم تستهدف المصارف”.
وأضافت المصادر أن الذي يحصل بمثابة عملية لمحاصرة هذه القطاعات، مقابل غض نظر وحماية لمؤسسة أخرى تنمو على حساب المصارف ومنها مؤسسات تحويل الأموال والقرض الحسن، التي تنمو وتتوسّع، إذ تمّ ضرب المنافس الأكبر لهم المتمثل بالقطاع المصرفي.. والنتائج التي نراها على الأرض تؤكّد هذه المقاربة.
ولفتت المصادر إلى أنّ الحزب هو المنتفع الأكبر من تدمير القطاع المصرفي، هو والمتعاملين معه الّذين يخطّطون للحلول مكان هذا القطاع، والتخوّف هو أن تكون هذه التحركات من قضائية وتخريبية تصبّ بهدف واحد هو قيام أمثال القرض الحسن بشراء كافة القطاعات في لبنان ما سيؤدي إلى تغيير هوية لبنان تماماً، فبعد أن تمّت السيطرة بالسياسة والأمن العين اليوم على القطاع المصرفي والقطاع الاستشفائي من بعده.
مواضيع مماثلة للكاتب:
بسام مولوي من معدن الرجال الرجال! | لبنان يتأرجح بين مطرقة شاوول وسندان الشامي! | انتخابات القوات أمثولة… كيروز لـ “هنا لبنان”: القوات إطار جامع لأجيال المقاومة |