الثّنائي والسّطو على الجمهوريّة
لقد وصل الثنائي بلبنان إلى موقع خطر جداً، وهو مستمرٌّ بسلوكه هذا، لأنّ أولويته الاستمرار بالإمساك بمفاصل السلطة، وتنصيب مضموني الولاء في المواقع الرئيسية..
كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان”:
لا يتأخر ثنائي حركة أمل وحزب الله ولو للحظة، في تأكيد سطوه على الجمهورية والدولة والمؤسسات، بقوة الترهيب والتعطيل. ها هو حليفه التيار الوطني الحر، يخرج عن صمته بسبب اعتقاده أنه الابن المدلل لهذا السطو، الذي مورس منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري وإلى اليوم، على شكل استقواءٍ مسلّح، مرّ بكلّ مراحل التعطيل، من السابع من أيار، إلى فرض الثلث المعطل، وإسقاط الحكومات، وفرض الفراغ الرئاسي، والفراغ في تشكيل الحكومات المتعاقبة، وكلّ ذلك ما زال مستمراً رغم الانهيار المريع الذي سبّبه ويستمرّ بالتّسبّب به.
لم تكن خطوة ترشيح سليمان فرنجية، التي أعلنها الأمين العام لحزب الله، لتختلف عن سابقاتها. حزب الله يريد إفهام الجميع أنّ ورقة الرئاسة محجوزة للحزب الذي يضع البلد كلّه في يد إيران، ولهذا وسواء كان ترشيح فرنجية للمناورة أم لإيصاله، فالآتي من الأيام سوف يشهد الاستمرار بالتعطيل، حتى تأمين وصول رئيسٍ حليفٍ إلى بعبدا، ولو كلّف ذلك استمرار الانهيار والوصول إلى الارتطام الكبير.
أن يضع رئيس المجلس المفتاح في جيبه، فيفتح القاعة العامة للبرلمان ويقفلها حسب بوانتاج الـ 65 صوتاً، فهذا يمثّل سطواً على الحياة البرلمانية، وعلى آخر ما تبقى من هيبةٍ للمجلس النيابي، وعلى كل تاريخ العمل البرلماني منذ الاستقلال وحتى العام 1975، حيث كان يُنتخب رئيس الجمهورية في الفترة الدستورية، بتنافسٍ وصل إلى فرق الصوت الواحد، في بداية السبعينات.
لقد وصل الثنائي بلبنان إلى موقع خطر جداً، وهو مستمرٌّ بسلوكه هذا، لأنّ أولويته الاستمرار بالإمساك بمفاصل السلطة، وتنصيب مضموني الولاء في المواقع الرئيسية، فقد استطاع حزب الله أن يدجّن الخصوم بسيف الفوضى والتهديد، وأن يغري الانتهازيين بحفظ حصصهم في كعكة السلطة، وقد خرج بعضهم منها يستنكرون تجاهلهم من قبل الحزب، والمقصود التيار العوني الذي وجد نفسه في موقع الحليف المتساوي مع آخرين، وليس المفضّل على أيٍّ منهم، ولهذا لا تصحّ ولن تصحَّ تسمية خلاف التيار العوني مع حزب الله بالاستفاقة السياسية، أو بعودة الابن الضالّ كما يحلو لبكركي أن تصفها، بل هي مجرّد خلافٍ على نيل الحصص والمصالح لا يمكن التأسيس على نتائجه، للقول أنّ هناك تموضعاً جديداً في المعادلة السياسية.
في مرحلة ما بعد الإعلان عن ترشيح فرنجية، لا يمكن استبعاد الذهاب إلى جلسة يحدّدها الرئيس بري، الهدف منها إجبار المعارضة على تأمين الثلث المعطل ومنع انعقاد الجلسة، وربما نشهد بروفة مماثلة لجلسة انتخاب الرئيس الجدّ سليمان فرنجية في العام في قصر منصور،1988 التي عطّلها قائد الجيش العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع، والسؤال سيكوشن عن مرحلة ما بعد تعطيل جلسة انتخاب فرنجية الحفيد، وعن المرحلة اللاحقة لهذا التعطيل، وعن توقيت التسوية إذا توافرت مقوّماتها، وعن هوية مخايل الضاهر الجديد، الذي سيولد بفعل التسوية المفترضة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل وهمي والحرب تتصاعد | لبنان على موعد مع أشهر صعبة | ترامب اللبناني |