التدخين سبب رئيسي ولكنّه ليس الوحيد.. “رئة لبنان تختنق”!
مؤخّراً أظهرت العديد من الإحصائيات ارتفاع نسبة الإصابة بسرطان الرئة في العالم، وأتى لبنان من ضمن الدول التي احتلّت أعلى المراكز من حيث عدد السكان، مع تزايد الحديث عن وجود مسبّبات مساهمة كالتلوث الجوي الناتج عن كثرة المولّدات الكهربائية في الأحياء والأزقة..
كتبت هانية رمضان لـ “هنا لبنان”:
تعدّدت الأسباب والمرض واحد، ففي لبنان لم تعد المسببات الرئيسية للإصابة بسرطان الرئة تقتصر على ما قدّمه العلم، بل تداخلت مع عوامل الحياة الصعبة التي باتت تساهم في توغّل هذا الخبيث بجسد المريض.
مؤخّراً أظهرت العديد من الإحصائيات ارتفاع نسبة الإصابة بسرطان الرئة في العالم، وأتى لبنان من ضمن الدول التي احتلّت أعلى المراكز من حيث عدد السكان، مع تزايد الحديث عن وجود مسبّبات مساهمة لا سيّما في السنتين الأخيرتين كالتلوث الجوي الناتج عن تكاثر المولّدات الكهربائية في الأحياء والأزقة التي أحرقت رئة المواطنين بدخانها المضرّ والمتصاعد في الجو.
وهذا الارتفاع في أعداد المصابين، قوبِلَ بغيابٍ تامٍّ لحملات التوعية للكشف المبكر عن هذا النوع من السرطان، خاصّةً وأنّ أعراضه تبقى مخفيّة لحين انتشاره إلى أعضاء أخرى داخل الجسم ومن ثم الوفاة!
هذا فضلاً عن معاناة المصابين بسرطان الرئة كغيرهم من ذوي الأمراض المستعصية، في تأمين كلفة العلاج والأدوية الخاصة بهم، حيث أكد أحد الممرضين في إحدى مستشفيات بيروت، أن تكلفة علاج سرطان الرئة في لبنان ممكن أن تتعدى الـ ٢٥٠٠٠ دولار أمريكي فيما تصل كلفة الجلسة الواحدة إلى نحو ١٦٠٠ دولار، ما يعني أن المريض الذي لا يملك تغطية شاملة من قبل شركات التأمين لن يستطيع تحمل تكاليف العلاج.
من جهته أكد الاختصاصيّ في الأمراض الصدرية والإنعاش الطبي د. توفيق شعبان أنّ “نسبة الإصابة بسرطان الرئة في ازدياد مطّرد في العالم خاصة في الدول النامية، وفي لبنان النسب مرتفعة بالمقارنة مع بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حيث يعتبر لبنان على رأس قائمة الدول المعرضة للمرض تليه تركيا ومن ثم فلسطين، كما أنّه من أكثر البلدان التي ارتفعت فيها نسبة الوفاة بسرطان الرئة مقارنة بعدد السكان”.
وأضاف شعبان أنّ نسبة الإصابة ارتفعت في لبنان بأكثر من ٧٠ إلى ٨٠ بالمئة منذ العام ١٩٩٩ حتى العام ٢٠١٩، أما السّبب فيعود بشكل رئيسي إلى التدخين الذي يُعتبر المسبب الأول والأساسي للإصابة بسرطان الرئة، فهو المسبب المباشر للإصابة في أكثر من ٨٠% من الحالات، وبالتالي فإن ارتفاع نسبة الإصابة يعود إلى ارتفاع عدد المدخنين في لبنان بين مراهقين ونساء ورجال، ولكن لا ينفي ذلك إصابة غير المدخنين بالمرض.
فتحدث د. شعبان عن مسببات أخرى غير التدخين وخصوصاً في لبنان، وذكر منها التلوث الجوي الخارجي كالمعامل والمولّدات وهو عامل مساعد لانتشار سرطان الرئة، هذا فضلاً عن إشعال الحرائق داخل المنزل كالفحم والوقود وما إلى هنالك.
مشيراً إلى أنّ هناك عوامل أخرى مساهمة منها مادة “الإسبستوس” أو ما يعرف بالحرير الصخري وهي مادة تستعمل في أعمال البناء والترميم، بالإضافة إلى وجود مسببات أخرى مثل العوامل الوراثية والجينية والمكملات الغذائية التي تحتوي على كمية عالية من مادة الـ “بيتا كاروتين” والزرنيخ الآتي من النفايات الصناعية.
أما في لبنان، يرى د. شعبان أنّه في بعض الأحيان يصاب بهذا المرض من هم في مرحلة عمرية أصغر من التي اعتدنا عليها، فالمشكلة هي أنّ هذا النوع من السرطان يأتي بصمت، لذلك فإن خطر الوفاة يزيد كلما تطوّرت الورم وانتشر، وفي المراحل الأولية لا يعاني المصاب من عوارض لذلك يُكتشف سرطان الرئة بمراحل متقدمة.
وأكد شعبان أن هذه النسبة من الممكن أن تتراجع مع انخفاض نسبة المدخنين في لبنان في السنوات اللاحقة، ونصح كل مدخن لأكثر من ١٥ سنة أن يقوم بتصوير طبقي محوري CT scan كل سنة أو كل سنتين ليتم الكشف عن سرطان الرئة مبكرًا.
وختم د. شعبان بالحديث عن وجود تطور كبير في علاج سرطان الرئة وعلاجات جديدة تساهم في تطويل سنوات الحياة والشفاء وشدد على أهمية الكشف المبكر وفي مراحل أولية من الإصابة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
بين النزوح الدراسي والأزمات التعليمية.. مدارس في مهبّ الفوضى | أمان النازحين في قبضة السماسرة.. استغلال وجشع بلا حدود | براءة الأطفال في مهب الحرب.. وجروح نفسية لا تَلتئِم! |