“عقبال الميّة”
سنذكر المئة بالتأكيد في الساعات المقبلة، ولكن مع إضافة ألفٍ إليها، أي مئة ألف، وهو الرقم الذي سيبلغه الدولار في السوق السوداء في الساعات المقبلة..
كتب زياد مكاوي لـ “هنا لبنان”:
نردّد في لبنان عبارة “عقبال الميّة” لمعايدة شخص يحتفل بعيد ميلاده. لست أدري فعلاً لماذا نحدّد رقم المئة، وكأنّه السقف الذي يمكن أن يبلغه الإنسان على قيد الحياة.
سنذكر المئة بالتأكيد في الساعات المقبلة، ولكن مع إضافة ألفٍ إليها، أي مئة ألف، وهو الرقم الذي سيبلغه الدولار في السوق السوداء في الساعات المقبلة.
فقد شهد دولار السوق السوداء ارتفاعاً منذ منتصف الأسبوع الماضي، وراح يقفز قفزةً تلو الأخرى حتى وصل الى عتبة المئة ألف، وهو الرقم الذي كنّا نشعر بأنّ الوصول إليه سيؤدّي إلى كارثة وإلى غضبٍ في الشارع وانفجارٍ اجتماعي، فإذا به يصبح كالقدر بالنسبة إلى لبنانيّين كثيرين، ينتظرونه كمصيرٍ محتّم.
واللافت، خصوصاً، أنّ من بلغوا المجلس النيابي تحت جناح “الثورة” غير مبالين، حتى تصح فيهم مقولة إحدى شخصيّات مسرحيّة “نزل السرور” لزياد الرحباني: “ولِك روح لا ثورة طلع منّك ولا طلع منّك غير شي”.
ويبدو واضحاً أنّ ما من إجراءٍ متوفّر يمكنه أن يعيد عجلة الدولار إلى الوراء، فمفعول التعاميم بات محدوداً، وقد استنفد حاكم مصرف لبنان سائر الحلول الممكنة، وفرغت قبّعته من الأرانب التي أخرجها طيلة الأعوام الثلاثة الماضية، وبات الدولار يسير صعوداً بوتيرة سريعة ليتخطّى المئة ألف ليرة.
ما الحلّ إذاً؟
لا حلّ إلا بتسوية تؤدّي إلى انتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة سريعاً، ما يعيد بعضاً من الثقة، ثمّ يبدأ تطبيق الإصلاحات واتخاذ الإجراءات الآيلة إلى تحسين وضع الليرة، شرط تأمين دعم عربي، وخليجي خصوصاً. وشرط تراجع، ولو شكلي على الأقل، لدور حزب الله في الحياة السياسيّة في لبنان.
هذا المسار ليس قريباً، كما يبدو واضحاً، وقد نكرّر قبل حصوله عبارة “عقبال الميتَين”، إذ أنّ دولار السوق السوداء قد يصل إلى المئتي ألف ليرة وربما أكثر.
“الحقّ على مين”؟ على من يعرقل انتخاب الرئيس وينسحب من الجلسات أو لا يدعو إليها أو يتمسّك بمرشّح غير مقبول من الأكثريّة… هؤلاء يتسبّبون بتجويع قسمٍ كبيرٍ من اللبنانيّين. الأكثر غرابةً أنّهم يجوعون بصمت.
مواضيع مماثلة للكاتب:
نهاية الحرب: قريبة أو بعيدة؟ | كيف ستدفع إسرائيل الثمن؟ | هل انتهت الحرب أم بدأت؟ |