بين الرياض وطهران: مسار طويل لا زال في بداياته!
غالباً ما تتلاعب طهران بالمواقيت والمواعيد والالتزامات، وهي تمارس الصبر السياسي كما تمارسه في حياكة السجاد، فتجمع الخيوط وتعيد توزيعها ثم تنسجها بما يتلاءم مع مصلحتها المباشرة.
كتب رامي الريّس لـ “هنا لبنان”:
تدافعت التساؤلات اللبنانيّة عند انتشار خبر التفاهم السعودي- الإيراني على القيام بخطوة نوعيّة على طريق تطبيع العلاقات الثنائيّة بينهما على طريق إعادة التبادل الديبلوماسي وفتح السفارتين في البلدين في غضون شهرين. ومن الطبيعي أن تلك التساؤلات كانت تتصل بالانعكاس المحتمل لذلك على الساحة المحليّة المأزومة.
لا شك أن أي تقارب محتمل بين قطبين إقليميين هو خطوة إيجابيّة ليس فقط على الصعيد المحلي اللبناني بل أيضاً في المنطقة بأكملها إذ أن مسارات التوتر والصراعات “بالواسطة” التي وقعت في عدد من الساحات العربيّة تنذر بعواقب وخيمة في الكثير من المواقع وفي طليعتها اليمن والعراق ولبنان وسوريا.
ولكن بقدر ما يفترض تأييد أي تقارب بين هذين القطبين الإقليميين بما ينفّس الاحتقان في المنطقة والاحتدام الكبير في العديد من المواقع، بقدر ما يتطلب التحليل السياسي والمنطقي التريث في قراءة هذه الخطوة ومآلاتها المستقبليّة ومساراتها المحتملة.
غالباً ما تتلاعب طهران بالمواقيت والمواعيد والالتزامات، وهي تمارس الصبر السياسي كما تمارسه في حياكة السجاد، فتجمع الخيوط وتعيد توزيعها ثم تنسجها بما يتلاءم مع مصلحتها المباشرة.
ليس هذا الأداء مستغرباً في أداء الدول التي غالباً ما تسعى خلف مصالحها حتى ولو تطلب ذلك الدوس على مصالح اخصامها وحلفائها في آن، إذ ليس من المتوقع لدولة ما أن تخدم مصالح من يناهضها سياسيّاً واقتصاديّاً. إلا أن ذلك لا يلغي أن سياسة المراوغة لن تبقى قائمة في التعامل مع الأطراف الإقليميّة بهدف تحسين الشروط مع الأطراف الدوليّة.
قد لا يضير دولة ما أن تتخذ سلة من الإجراءات المرحليّة التي تساهم في تخفيف الاحتقان والتوتر بهدف تمرير مرحلة دقيقة أو تلافي المزيد من الضغوط في ملف ما أو للحيلولة دون وقوع إنفجار معيّن في موقع ما بلحظة معيّنة بما يؤدي إلى خروج الأمور عن السيطرة.
ولكن هذا لا يلغي أن توقع الحلول الناجعة والجذريّة من الصعب أن تتم من دون مراعاة عدد من الاعتبارات المصلحيّة خصوصاً تلك التي من شأنها أن تساهم بشكل أو بآخر في فك العزلة الدوليّة أو التخفيف من العقوبات القاسية المفروضة على طهران. ولا شك بأن الرعاية الصينيّة للاتفاق تكتسب أهميّة كبيرة في ضبط الايقاع الإيراني إذا صح التعبير.
صحيح أن واشنطن سارعت إلى الإعلان عن علمها بأجواء المحادثات وأنها ترحب بأي خطوات من شأنها تخفيف التوتر في اليمن والشرق الأوسط عموماً، ولكن تبقى العبرة في التنفيذ. الحذر هو سيد الموقف في لحظة كهذه ولو كان مشوباً بمسحة من التفاؤل.
مواضيع مماثلة للكاتب:
7 أكتوبر: منعطف جديد في الشرق الأوسط! | لبنان يُهمَّشُ أكثر فأكثر! | إلى متى انتظار تطورات المشهد الإقليمي؟ |