المدارس الخاصة إلى “الدولرة” والمدارس الرسمية إلى “الزّوال”!
في ظل الغياب الكامل لدور الدولة اللبنانية كن ضرورياً أن تلجأ المدارس الخاصة إلى رفع أقساطها ولكن بنسبة مقبولة لتراعي وضع الأهالي وتفهماً للأزمة، فيما وضعت المدارس الرسمية التي تغرق في الإضرابات الأهالي والطلاب في خانة “المجهول”.
كتبت ريتا صالح لـ “هنا لبنان”:
لم تقف الظروف الاقتصادية اللبنانية الراهنة عائقاً أمام استكمال العام الدراسي 2022-2023 في المدارس الخاصة، التي لجأت كلّها على دولرة قسم بسيط من القسط المدرسي، مقابل مبلغ ضخم بالليرة اللبنانية. وذلك لتأمين استمراريتها وعدم حرمان الطلاب من إكمال دراستهم وتعليمهم ولتأمين كافة مستلزماتهم. أمّا بالنسبة للمدارس الرسمية، فالحل لمشاكلها لم يبصر النور بعد. فمع بداية السنة الدراسية، أضرب المعلمون وتوقفوا عن التعليم بسبب سوء حالتهم الاقتصادية وعدم الحصول على مطالبهم المحقة.
مستلزمات العام الدراسي لا تنتهي، من كتب وأوراق وشهادات وقرطاسية، بالإضافة إلى تأمين المحروقات مثل المازوت لإضاءة الصفوف والمكاتب، والكثير من المدارس باتت تفتقر إلى العديد من هذه المستلزمات للاستمرار في التعليم، كما ضاعت حقوق المعلمين الضرورية والأساسية لنجاح العام الدراسي. لذلك، كان من الضروري في الوضع الراهن، وفي ظل الغياب الكامل لدور الدولة اللبنانية أن تلجأ المدارس إلى رفع أقساطها ولكن بنسبة مقبولة لتراعي وضع الأهالي وتفهماً للأزمة. والأهالي باتوا في وضع لا يحسدون عليه، فالانهيار الاقتصادي قد تسبّب بشلل في جميع القطاعات، ومنها القطاع التربوي، ما جعل الأهالي وإدارات المدارس في “حرب” مستمرة.
وفي المقابل، المدارس الرسمية التي تغرق في الإضرابات، وضعت بعض الأهالي والطلاب في خانة “المجهول”. فلم يبقَ للأهالي حلّ سوى الانتظار لإعادة أبنائهم الى المسار التعليمي الصحيح هذه السنة، بحيث أصبحنا في نصف السنة، والطلاب لم يجتازوا قسماً بسيطاً من المنهاج الدراسي. وفيما تلجأ المدارس الرسمية بعد فكّ إضراب المعلمين، إلى استمرار العام الدراسي “بمن حضر”، فإن خوف الأهالي والطلاب من توقيف العام الدراسي وضياع سنة من عمرهم، يقابله تخوّف المعلمين من عدم تحقيق مطالبهم المحقة لاستمراريتهم..
فهل نحن مقبلون على “دولرة” كاملة لأقساط المدارس الخاصة بعدما لم تعطِ الدولرة الجزئية نتائجها المرجوة؟ وهل باتت المدراس الرسمية مهدّدة بالزوال؟
في هذا الإطار، تشير مصادر مطلعة لـ “هنا لبنان” أنه لا يوجد حتى الساعة أي قرار نهائي من قبل الأمانة العامة للمدارس الخاصة بخصوص دولرة الأقساط المدرسية، ولكن لا بدّ من طرح هذا الموضوع، خصوصاً وأن كل شيء في البلد أصبح بالدولار. كما تضيف المعلومات أن القطاع التربوي لا يمكنه أن يكون خارج هذه المعادلة، وإلا سيخسر جزءاً كبيراً من الجسم التعليمي، بالإضافة إلى نوعية التعليم التي ستتدنّى بشكل ملحوظ. وأفادت المصادر أنّه من الطبيعي ارتفاع الأقساط المدرسية في السنة عن السنة الحالية.
في المقابل، يشير قسم من الأهالي في حديث لـ “هنا لبنان” أنهم ضد دولرة الاقساط المدرسية، لأنهم غير قادرين على تحمّل أعباء إضافية، قائلين أنّ وضع المدارس أفضل من أوضاع العائلات بالرغم من التخفيف من الأنشطة المدرسية وسواها. ومنهم من لوّح بمعارضة الاتجاه إلى الدولرة في الأقساط ورفض تنفيذ هذا القرار، لأنّه “ظالم” بحق غالبية الأهالي والتلاميذ.
إذاً فالعام الدراسي على “المحكّ” والأمور تشي بالأسوأ، فإذا تمّت “دولرة” أقساط المدارس الخاصة، قسم كبير من الأهالي سيرفضون لعدم إمكانيتهم على دفع كامل القسط بالدولار، وإذا لجأوا إلى المدارس الرسمية، فالأخيرة مصيرها مجهول ومقوماتها محدودة ومعدومة نوعاً ما… فهل يصبح التعليم في لبنان حلماً أو حكراً على من يملك الدولار فقط؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
الصحة الإنجابية في خطرٍ كبير… لبنان كالصين: ولد واحد لكل عائلة! | القطاع التعليمي في لبنان عالق بين “الردّين” و”المفاوضات” | أحداث الجنوب تربك اللبنانيين.. إلغاء رحلات ورفع للأسعار! |