تعافي لبنان يمر من السعودية، خرابه يمرّ من أين؟


أخبار بارزة, خاص 23 آذار, 2023

الملفت في الأخبار الثلاثة هو أن لا رأي للبنان الرسمي في أيٍّ منها مع أنها كلها إما مرتبطة عضوياً بلبنان، كلقاء البخاري مع بعثة صندوق النقد الدولي للبحث في متطلبات خطة تعافي لبنان، أو أنها تحمل ارتدادات مباشرة على لبنان كالغارة الإسرائيلية على مطاري حلب والنيرب واغتيال مهندس حركة الجهاد الإسلامي معطوفاً على مزاعم إسرائيل بأن مسلحاً تسلل من الحدود اللبنانية إلى الأراضي التي تحتلها وفجر قنبلة…

كتب محمد سلام لـ “هنا لبنان”:

أهم خبر للبنان في أسبوع الآلام وتذبذب الأرقام وصراع الأحلام والأوهام هو ليس التظاهرات والغضب الشعبي وقطع الطرقات إحتجاجاً على الإنهيار الإقتصادي، ولا نقاشات نواب برج بابل الأقرب إلى نعيق الغربان في سوق الأحزان ولا حركة الدولار على مقياس زلازل ريختر.

أهم خبر، بل الخبر الأهم والأصدق تعبيراً عن مشهد لبنان، هو بلا منازع إجتماع وفد صندوق النقد الدولي إلى السفير السعودي وليد البخاري في منزله بضاحية اليرزة شرقي بيروت.

وأهم ما بحثه وفد الصندوق برئاسة أرنستو ريغو راميريز مع السفير البخاري هو “.. شروط التعافي التي يحتاجها لبنان ليخرج من الأزمة السياسية والاقتصادية التي يعيشها بالإضافة إلى القضايا والموضوعات ذات الإهتمام المشترك”، وفق البيان الرسمي الصادر بعد اللقاء.

ملفت جداً أن يكون مسار تعافي لبنان مرتبطاً برؤية السعودية لمستقبل لبنان، مع ما يعنيه هذا التوجه الدولي من أن نعيق ضفادع منظومة لبنان الداخلية مهمته الحقيقية هي عرقلة التعافي المشروط بإصلاحات ليس أقلها الشفافية والمساءلة وعدم الإفلات من العقاب، وهي المحرمات الثلاثة في قاموس منظومة تحالف السلاح والفساد.

ثاني أهم خبر للبنان في أسبوع صراع الأحلام والأوهام هو أنّ الطيران الإسرائيلي أغار للمرة الثانية في 14 يوماً على مطار حلب وتوأمه العسكري مطار النيرب مع ما يحمله ذلك من إرتدادات القوى الإيرانية والمتأيرنة الموجودة في المطارين باتجاه العمق اللبناني.

منظومة تحالف السلاح والفساد لم تهتم بتأثر الداخل اللبناني بارتدادات الغارات الإسرائيلية على سوريا، واكتفت بإدانة “الإعتداءات الصهيونية” على سوريا الساعية إلى العودة إلى حضن جامعة الدول العربية، من دون أن يثير لبنان أو “محرّك مدافئ حضن” الجامعة ضرورة معرفة مصير قرابة 630 لبنانياً مخطوفين إلى أقبية معتقلات الأسد يرفض النظام الإعتراف بوجودهم، أو على الأقل يزعم أنهم، أو بعضهم، قد توفوا ولا يسلّم رفاتهم بما يتناقض مع القاعدة العلمية التي تنص على أن “لا وفاة من دون رُفات”…

وثالث أهم خبر للبنان في أسبوع صراع الأحلام والأوهام أيضاً في دول الهلال الأخضر (العراق- سوريا- الأردن- لبنان) هو أن إسرائيل إغتالت مهندس حركة الجهاد الإسلامي علي الأسود رمياً بالرصاص في ريف دمشق بعد يوم واحد على اجتماعه بأمين عام حزب السلاح الفارسي حسن نصر الله في ضاحيته ذات السيادة جنوبي العاصمة اللبنانية وبعد بضعة أيام من إعلان إسرائيل أن شخصاً تسلل من لبنان إلى الأراضي التي تحتلها وفجّر قنبلة في عمقها، ما يوقظ كوابيس الحروب عبر حدود لبنان الجنوبية..

الملفت في الأخبار الثلاثة هو أن لا رأي للبنان الرسمي في أيٍّ منها مع أنها كلها إما مرتبطة عضوياً بلبنان، كلقاء البخاري مع بعثة صندوق النقد الدولي للبحث في متطلبات خطة تعافي لبنان، أو أنها تحمل ارتدادات مباشرة على لبنان كالغارة الإسرائيلية على مطاري حلب والنيرب واغتيال مهندس حركة الجهاد الإسلامي معطوفاً على مزاعم إسرائيل بأن مسلحاً تسلل من الحدود اللبنانية إلى الأراضي التي تحتلها وفجر قنبلة… ما يوقظ كوابيس نشوب حرب جديدة على أرض لبنان لا علاقة للبنان بها.

وبما أن المحور الإيراني في لبنان غير متورط في “صراع معلن” عابر للحدود مع إسرائيل بعد إتفاق الصلح السعودي- الإيراني بضمانة صينية. فلماذا تستيقظ كوابيس نشوب حرب جديدة على أرض لبنان؟

لأن مسار الأحداث يتيح للمتابعين المدققين تلمّس نزعة “إستباقية- وقائية” تعمل على إعادة إحياء “شكل” الصراع عبر الحدود الجنوبية بإلباسه ثوب الفدائيين الفلسطينيين كما كان متعارفاً عليه بموجب إتفاق القاهرة لعام 1969 والتي ألغاها مجلس النواب اللبناني بعد إنتهاء الحرب الأهلية.

ومن البديهي الإفتراض بأن استيلاد شكل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي عبر الحدودين السورية واللبنانية قد يساهم في رفع مسؤولية اندلاعها عن إيران، راعية ما يعرف بمحور المقاومة والممانعة، إذا طولبت بموجب اتفاق الصلح بممارسة ضغوط على مسلحيها في لبنان وسوريا لعدم إشعال حرب والتزام التهدئة على قاعدة “عدم التدخل في شؤون الدول” التي وردت في نص إتفاق الصلح السعودي-الإيراني.

لكن وزير الخارجية عبد الله بو حبيب سمح بالتدخل الإيراني في الشؤون اللبنانية عندما بحث معه رئيس المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية الإيرانية الدكتور كمل خرازي في “أهمية إجراء الإنتخابات الرئاسية في لبنان بالتوافق بين اللبنانيين دون تدخلات خارجية”.

أليست وصية أو توصية أو رغبة خرازي حول إجراء الإنتخابات الرئاسية اللبنانية “بالتوافق” هي في حد ذاتها تدخّل سافر في الشؤون اللبنانية تحاول طهران تغليف التمسك به وترفض التخلي عنه؟

صدق من قال: كما للحقيقة أكثر من وجه، كذلك للتكاذب سيل من الوجوه وبحر من المصدّقين…

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us