خوف من ارتفاع أسعار خدمات الإنترنت: موظّفو أوجيرو بإضراب مفتوح والقرم يتّهم وزارة المال
المشكلة الأساسيّة وفق وزير الاتصالات جوني القرم هي مع وزارة الماليّة التي منعت وزارة الاتصالات من دفع بدل الصيانة لأوجيرو، ومن إعطاء الموظفين حقوقهم، التي أقرّت بالأساس لجميع موظفي القطاع العام.
كتبت باولا عطيّة لـ “هنا لبنان”:
ضجّت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة، بخبر احتمال رفع وزارة الاتصالات لتعرفة أوجيرو، في الوقت الذي تقنّن فيه أوجيرو خدمة الإنترنت، وسط مشاكل كبيرة تواجهها في تأمين مداخيل لتسديد فواتير المولّدات، وصيانة الكابلات والسنترالات والخطوط، إلى جانب الاعتصامات والإضرابات المستمرّة والمفتوحة من قبل موظفيها المحتجين على الرواتب التي لا تتلاءم ووضعهم المعيشي، فيما اشتكى المواطنون من غلاء سعر بطاقات تشريج كلّ من شركتي ألفا وتاتش، التي ارتفع سعرها بالليرة اللبنانيّة بعد ملامسة سعر منصّة صيرفة الـ 90 ألف ليرة.
أسعار الخدمات لم تتغيّر
ولتوضيح هذه الملابسات تواصل موقع “هنا لبنان” مع وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني القرم، الذي أشار في حديث خاص إلى أنّه “يجب التفريق بين خدمة الإنترنت من شركتي “ألفا” و”تاتش” وخدمة الإنترنت من “أوجيرو”. فخدمة الإنترنت من شركتي “ألفا” و”تاتش”، تدار مباشرة من قبل وزارة الاتصالات، المسؤولة عن تقاضي الإيرادات والتصرّف بها، وإعطاء الدولة الممثلة بوزارة المالية حصتها من الأرباح”، موضحاً أنّ “هيئة أوجيرو ملتزمة الصيانة والتشغيل من قبل وزارة الاتصالات وفق عقد صبانة وتشغيل”.
ويلفت القرم إلى أنّه “من ضمن موازنة مديرية الاستثمار والصيانة تلحظ وزارة الاتصالات مساهمة لرواتب هيئة أوجيرو، في حين يتمّ تحصيل الواردات لغاية الآن من قبل مديرية الاستثمار والصيانة لحسبها في مصرف لبنان”.
ويتابع: “لكن بعد صدور قانون الموازنة ٢٠٢٢ وإلغاء المحتسب المركزي والمحلي ونقل الاعتمادات من باب 115 إلى الباب 15، دون تنظيم واصدار المراسيم التطبيقيه، أصبحنا في المشكلة التي نعاني منها اليوم، فوزارة الاتصالات لا تستطيع القبض أو الدفع، في حين أنّ وزارة الماليه لم تنهِ المراسيم التطبيقية كي تسهل الأمور”.
وعن خدمة أوجيرو يوضح القرم أنّ “الوزارة قامت برفع التسعيرة آخر مرّة بموجب مرسوم أقرّته الحكومة بتاريخ الجمعة 20 أيار طُرِحَت نسبة 2.5 لتكون معدّلاً تُحتَسَب وفقه الفواتير، ما يعني أن أسعار أوجيرو عمليًّا لا تزال تحتسب على سعر الـ3650 ليرة، فيما كان مصروف أوجيرو من الدولار آنذاك يحتسب وفق سعر صرف 20 ألف ليرة. لذلك لا يزال اشتراك الـ80 جيغابايت بـ60 ألف ليرة.
أمّا فواتير خدمة الإنترنت من ألفا وتاتش، وبناء على نفس الجلسة الحكوميّة، يقول الوزير، “فربطت بمنصّة صيرفة بعد أن يتمّ قسم قيمة الفاتورة بالدولار على 3.3% ثمّ ضربها بسعر صيرفة بالليرة اللبنانيّة. ولذلك شعر بعض المواطنين بارتفاع سعر بطاقات التشريج، لأنّ سعر صيرفة ارتفع، وبالتالي تبدّلت قيمة البطاقات بالليرة اللبنانيّة، فيما أسعارها لا تزال ثابتة بالدولار”.
مصاريف الوزارة بالدولار
معلّلاً ذلك بأنّ “مصروف الوزارة من فواتير للموردين الأجانب (نوكيا، هواوي، أريكسن)، ومازوت للمولدات، وعقود شركات السوفتوير، هو بالدولار، ما عدا جزء من رواتب الموظفين (حيث يتقاضى الموظفون نصف رواتبهم بالليرة اللبنانية والنصف الآخر بالدولار، إلاّ أنّ ذلك غير كافٍ للموظفين الذين غالباً ما يحتجون مطالبين بتقاضي رواتبهم كاملة بالدولار الفريش لكون معظم السلع والخدمات التي يشترونها أصبحت بالدولار إلّا أنّ الوزارة لا تملك القدرة على ذلك وتعيش في هاجس التوفيق بين المصروف والمدخول، إيجارات المكاتب (تدفع بالليرة اللبنانيّة، علماً أنّ الوزارة أقفلت أكثر من 500 محطّة لتخفيض التكاليف) لذلك ربطنا سعر الخدمات بمنصّة صيرفة للحدّ من خسائرنا، مع العلم أننا خفّضنا السعر الرئيسي للتعرفة إلى الثلث”.
85 ألف مشترك استغنوا عن خطوطهم
ويكشف أنه “ومنذ تاريخ تعديل تعرفة شركتي ألفا وتاتش، خرج 85 ألف مشترك من أصل 5 مليون من شبكة الشركتين، و50% منهم، كانوا من أصحاب الخطوط غير القانونيّة، أي خطوطهم غير موصولة على هويّة، وجاء ذلك بطلب من الجهات الرقابيّة لأسباب أمنيّة، فيما الـ50% الثانية فبمعظمهم كانوا يملكون خطّين، واكتفوا بالخطّ الواحد علماً أنّنا كنّا نتوقّع أن يكون عدد المستغنين عن الخطوط أكبر”.
القرم يتّهم وزارة المال
وتبقى المشكلة الرئيسيّة في تقنين خدمات أوجيرو، هي بتكاليف الصيانة المرتفعة، وبإضراب الموظفين المستمرّ، احتجاجاً على رواتبهم.
ويشرح الوزير أنّه “في عام 2019، أقرّ قانون الموازنة العامّة، والذي طالب بإلغاء جميع الموازنات الملحقة على أن تتحوّل إلى مراسيم تدقيقيّة في شهر 6 من العام 2020. وبعد تسلّمي الوزارة في شهر أيلول من العام 2021، لم يتواصل معي أحد بخصوص هذا القانون ومراسيمه التطبيقيّة، لأتفاجأ بأنّه وبعد إقرار موازنة الـ 2022 في شهر 11، تمّ إلغاء الموازنات الملحقة الخاصة بنا كوزارة اتصالات. ما يعني أننا كوزارة لا نملك حقّ القبض ولا الدفع، لشركة أوجيرو، بل أعطي الحقّ حصراً لوزارة المال”.
ويتابع “عدنا وأصدرنا عدّة قرارات في مجلس الوزراء في هذا الشأن ولكنّ جميعها لم تطبّق حتى الآن. القرار الأوّل كان عقد صيانة بين وزارة الاتصالات وأوجيرو، عن موازنة الـ 2022 يسمح لنا كوزارة بدفع أموال الصيانة لأوجيرو وقيمتها 645 مليار ليرة لبنانيّة (وكانت الوزارة قد أخذت سلفة لتسديد جزء من المبلغ وتبقى 54 مليار ليرة لبنانيّة، وبما أنّ وزارة الاتصالات تملك مبلغاً جمعته من الاتصالات الدولية، تم تحويل جزء منه إلى الفريش دولار، وبلغت قيمته 26 مليون دولار على سعر صرف 1500 ليرة، وقسّم مبلغ 40 مليار لبدل تشغيل وصيانة لأوجيرو وتبقى 14 مليار ليرة لبنانية) إلّا أنّ هذا القرار والذي يحمل رقم 21 والصادر بتاريخ 5-12-2022 لم يطبّق حتى الآن والأموال عالقة في وزارة الماليّة”.
أمّا القرار الثاني هو تأمين سلفة خزينة، بحسب القرم “وكان حول إعطاء موظفي أوجيرو مساعدات إجتماعيّة تصل قيمتها إلى 469 مليار على غرار موظفي ألفا وتاتش، تسديداً لأجور ورواتب النصف الأوّل من العام 2023، ويحمل رقم 6 وصدر بتاريخ 27 -2- 2022 ، ولم ينفّذ حتى الآن”.
ويضيف “القرار الثالث هو قرار تعليق العمل بقانون الموازنة العامة لحين صدور المراسيم التطبيقيّة، ينصّ على إلغاء الموازنات الملحقة بالـ 2019 مع إعطاء سنة لصدور المراسيم التطبيقيّة، لينتهي عام 2020 دون أن تصدر المراسيم، فيما تمّ إلغاء أمناء الصناديق وبالتالي أصبحت الوزارة عاجزة عن الدفع، ولم يطبّق القرار وتمّ نقل كلّ شيء إلى الباب 15 التابع لوزراة المالية وطبّق القانون بالوقت الذي لم تطبق فيه المراسيم”.
إذاً، مشكلتنا الأساسيّة، يقول القرم “هي مع وزارة الماليّة التي منعتنا من دفع بدل الصيانة لأوجيرو، ومن إعطاء الموظفين حقوقهم، التي أقرّت بالأساس لجميع موظفي القطاع العام”.
ولكن إذا كانت الأموال موجودة، فلماذا تمتنع وزارة المال عن الدفع؟
يجيب القرم “الوزارة لا تفتح أبوابها إلا يوم الأربعاء، وتتجاهل مطالبنا، والتقيت رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أكثر من مرّة وتحدّثت معه عن الموضوع وفي كلّ مرّة يتواصل مع الماليّة لحلحلة المسألة ويطمئنونه بمتابعة الموضوع ويقولون له انشالله خير ولا حلحلة حتى الآن، وما شفنا الخير بعد”.
لا رفع قريب لتسعيرة أوجيرو
وعن احتمال تعديل تعرفة أوجيرو يجيب بأنّ “التعرفة يجب أن تعدّل، فمن غير المنطقي أن تكون الـ2000 دقيقة بدولار، ولكن ليس لدينا استعداد كوزارة اتصالات لرفع التعرفة وإعطاء الأموال لوزراة المال، دون الإستفادة منها لجهة تسيير القطاع وإعطاء الموظفين حقوقهم”، مؤكّداً أنّ “المسألة لم تطرح بعد، ولم نتداول في الآليّة حتى”.