تخبّط في سوق العقارات.. هل تعود الأسعار كما كانت قبل 2019؟
بعد الحركة الملحوظة التي شهدتها السوق العقارية مع بداية الأزمة، عادت السوق لتشهد جمودًا خلال السنوات الماضية، لكن في الآونة الأخيرة ارتفعت الأسعار قليلًا وعاد النشاط في السوق ولو بشكل خفيف، فهل ستعود الأسعار إلى ما كانت عليه قبل الأزمة؟
كتبت بشرى الوجه لـ “هنا لبنان”:
مع بداية الأزمة المالية والإقتصادية في عام 2019، شهد سوق العقارات حركة بيع وشراء ملحوظة بسبب حاجة بعض المواطنين إلى الأموال، في مقابل حاجة البعض آخر إلى تحويل الودائع المالية إلى عقارات عبر “الشيكات المصرفية”.
وبعد أن سدّد المطوّرون ديونهم المتراكمة، توقّفوا عن قبول الشيكات، وعادت سوق العقارات لتشهد جمودًا خلال السنوات الماضية، لكن في الآونة الأخيرة ارتفعت الأسعار قليلًا وعاد النشاط في السوق ولو بشكل خفيف، فهل ستعود الأسعار إلى ما كانت عليه قبل الأزمة؟
السوق العقارية حاليًا في حالة تخبّط، فهناك فرق كبير بين العقار المبني حديثًا والعقار القديم الذي تمّ بناؤه قبل تشرين 2019، لذلك يتم تمييز العقار بناءً على هذين النوعين، يقول الخبير الإقتصادي محمد الشامي، ففي بداية الأزمة حدث هبوط بأسعار العقارات وذلك “لأنّ الناس كانت بحاجة إلى سيولة، فبدأت بتسييل جزء من العقارات التي تمتلكها حتى تحصل على الأموال النقدية السريعة (Quick Cash)، ما أدّى إلى انخفاض الأسعار العقارية بشكل كبير، وبالتالي تنشيط حركة البيع والشراء من قِبل من كان يدّخر المال”.
ويوضح الشامي لـ “هنا لبنان” أنّ “السوق بدأت تتحسّن قليلًا، والأسعار بدأت تتعافى ولكنّها لن تعود كما كانت قبل تشرين 2019، فالأسعار ارتفعت قليلًا لوجود طلب على العقار من قِبل لبنانيين مقيمين في الخارج، إلّا أنّ الطلب هو على العقارات القديمة فقط ولا يشمل العقارات المبنية حديثًا، وهذا الأمر يُحدِث نوعاً من الجمود، لأنّ كلفة العقارات الحديثة باتت مرتفعة جدًا وذلك بسبب ارتفاع كلفة البناء عالميًا”.
ويضيف: “في حال بقيت الأزمة العالمية الإقتصادية على مسارها، سيكون سعر العقار المبني حديثًا مرتفعًا، بينما العقارات المبنية سابقًا ستحافظ على قيمتها وكلفتها التي بُنيت فيها، وهي ما زالت تحقّق هامشاً من الربح ولكن ليس الهامش الذي كان يطمح له من بنى هذا العقار”.
هل ما زالت العقارات استثماراً آمناً؟
يقول الشامي: “كنا نعاني من أزمات إقتصادية متتالية في لبنان، وكانت أسعار العقارات في لبنان مضخّمة ولم تكن تُمثّل حالة السوق الفعلية ولم تمثّل القيمة الفعلية للعقارات، لأن الناس كانوا يلجأون إليها خوفًا من حدوث إنهيار إقتصادي كبير في البلد”، لافتًا إلى أنّ “الوضع في لبنان دائمًا مؤاتٍ لشراء العقارات، التي تبقى دائمًا استثمارًا آمنًا، ولذلك هناك توجّه مستمر لشراء العقارات في لبنان، وإن كانت قد خسرت من قيمتها في فترة من الفترات بفعل الأزمة، وإن كانت إيجاراتها قد تبدّلت، فعلى الأقل العقار لم يخسر وما زال موجوداَ ولا أحد يستطيع التصرّف به سوى صاحب الملك، ولذلك ينشط الآن ولو قليلاً”.
ويأمل الشامي أن يشهد لبنان إستقرارًا سياسيًا وأمنيًا، “ففي عام 2008 وعند حدوث الأزمة العالمية، كان الوضع في لبنان لا بأس به، وقد شهد نزوحاً لرؤوس أموال خليجية ولبنانية مقيمة في الخارج للاستثمار في السوق العقارية، وبالتالي نحن اليوم نحتاج إلى خطة إنمائية حتّى نحصد نتائج الأزمة العالمية بطريقة إيجابية، وحتّى نتمكّن من جذب رؤوس الأموال، كما نحتاج إلى استقرار أمنيّ وسياسيّ، حتّى تتحرّك الدوائر العقارية بشكل طبيعي، وللحفاظ على ما تبقّى من أسواق نشطة في السوق اللبنانية”.
شراء عقارات بأغلى من سعرها!
يشير أستاذ استراتيجيات الاستثمار في الأسواق العقارية في الجامعة اللبنانية الأميركية، جهاد الحكيّم، إلى أنّ عملية البيع والشراء تتفاوت بين المناطق اللبنانية، وأنّ هناك أشخاص يشترون عقارات بأغلى من سعرها حتّى لا يتركوا الأموال في بيوتهم.
أمّا أسباب عدم نشاط السوق كما يجب، فيُرجعها الحكيّم إلى: الرواتب الضئيلة، تراجع القدرة الشرائية لدى الناس، وعدم توفّر القروض من المؤسسة العامة للإسكان، كما أنّ بعض المغتربين يتلقّون رواتب أقل من السابق”.
ويلفت لـ”هنا لبنان” إلى أنّ “بيوت الضيافة في مناطق سياحية معيّنة هي الأكثر نشاطًا في السوق العقارية، تليها الإيجارات وذلك بسبب عدم قدرة المواطنين على الشراء”، موضحًا أنّ وضع السوق لن يتحسّن إلّا إذا تحسّن الوضع الإقتصادي في البلد، فالوضع السياسي لن يُغيّر شيئاً في حال لم ينعكس إيجابًا على الإقتصاد، وانتخاب رئيس لن يُنعش السوق إذا لم يترافق الأمر مع الإصلاحات اللازمة”.
“العقار يمرض ولا يموت”
يوضح الوسيط العقاري محمد إسماعيل أنّ “أسعار الشقق انخفضت أكثرمن 50 في المئة عن ما قبل عام 2019، فمتر الشقة في بيروت مثلًا انخفض من ٨ آلاف دولار أميركي إلى ٣ آلاف دولار، بينما أسعار الأرض لم تنخفض بنفس النسبة، وهي رغم الأزمات حافظت على قيمتها تقريبًا، وهذا دليل على أنّ العقار يمرض ولا يموت”.
ويقول إسماعيل في حديث لـ”هنا لبنان” إنّ “الطلب على العقارات حاليًا لا يُعد مرتفعاً إنّما مقبول، وهو يتفاوت من منطقة لأخرى، حيث أنّ الحركة جيّدة في المناطق حيث هناك عدد كبير من المغتربين”، مشيرًا إلى أنّه “في السنوات الأربعة السابقة كان التوجّه الأكبر نحو شراء العقارات الزراعية، أمّا اليوم فالحركة تعود إلى العقارات التجارية”.
ويتوقّع إسماعيل أن يزداد الطلب على العقارات في حال انتخب رئيس للجمهورية وتشكّلت حكومة واستقرّ البلد سياسيًا”، لافتًا إلى أنّ “المواطن اللبناني أصبح يُفضّل الاستثمار بالأصول الثابتة مثل العقارات والذهب في ظلّ الأزمات التي تضرب لبنان والعالم ككل”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
نبيل مملوك.. صحافي تحت تهمة “الرأي المخالف” | استهداف الجيش وقائده في غير محلّه.. “اتهامات سطحية لدواعٍ سياسية” | إسرائيل “تنهي الحياة” في القرى الحدودية.. ما الهدف من هذا التدمير الممنهج؟ |