السيد التقى هنية وتبادلا إبتسامات عريضة
صار مفهوماً لماذا ملأت الابتسامات وجهي نصرالله وهنيّة في صورة الأمس، كما صار مفهوماً لماذا هزّت الأسد النشوة وهو يسمع صوت رئيسي، فيعلن بثقة إنّ “بوادر انهيار إسرائيل أخذت تظهر”
كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:
ظهر الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله في الصورة التي وزّعها الحزب للقاء نصرالله مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية والوفد المرافق للأخير أمس الأحد، في حالة انشراح تقاسمها مع ضيفه الذي وصل إلى لبنان من دون تأشيرة دخول.
فهل كان هنيّة في حاجة لهذه التأشيرة؟
حالة الانشراح التي التقطتها الكاميرا لنصرالله وضيفه، بدت وكأنّها تؤكد المثل القائل “يا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا نحن الضيوف وأنت رب المنزل”. والمنزل هنا، أي لبنان بحسب نصرالله وكلّ الجهاز الدعائي لحزبه في هذا البلد، وكذلك بحسب كلّ البروبوغاندا الإيرانية التي ينضوي نصرالله وهنية في جيش ولاية فقيهها، تعني منزل المرشد الإيراني. فمن بحر قزوين حيث تبدأ حدود الجمهورية الإسلامية وصولاً إلى الشاطئ الجنوبي للبنان، هي من أطيان المرشد وأملاكه. أما ولاة الأمور في أراضي المرشد ليسوا سوى وكلاء لا أكثر ولا أقل.
تقول الصورة إنّ لقاء نصرالله وهنية حصل في بيروت. فهل يعني أنّ ذكر الضاحية الجنوبية لبيروت التي هي مقرّ نصرالله، والذي زيّنته صورتا مؤسس الجمهورية الإسلامية الخميني ومرشدها الحالي خامنئي، لا حاجة إليه بعد الآن، بعدما صارت الضاحية بحجم بيروت بأسرها على كل المستويات؟ وهل عندما تطل لاحقاً صورة لنصرالله مع ضيف ما، وتذيّل بعبارة “اللقاء حصل في لبنان”، ستعني عندئذ أنّ هذا البلد صار بكامله من أملاك حاكم إيران؟
ما يثير القلق أنّ فرنسا التي طالما تغنّت بلقب الأم الحنون للبنان، بدأت تغمر بحنانها “حزب الله” بطريقة صار معها لبنان هامشياً. ففي آخر الأنباء، قالت مصادر إسرائيلية إنّ قرار مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغّر تحييد “حزب الله” عن إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان يوم الخميس الماضي، والرد فقط على “حماس” جاء بعدما “أرسل “حزب الله” عبر وسطاء، منهم فرنسا، أن لا علاقة له بإطلاق الصواريخ، كما أنّه لا علم له مسبقاً بما جرى، وأنّه ينسق مع الحكومة اللبنانية. فهل باتت باريس ساعي بريد للسيد؟ وهل نالت موافقة من الحكومة اللبنانية لتلعب هذا الدور؟
كي يكون هناك جواب، لا بدّ من العودة إلى نظرية “أنّ من يملك الأرض له حق التصرّف بها كيفما شاء”. بالنسبة لـ”حزب الله” بصفته وكيلا لجمهورية خامنئي، يعتبر سهل القليلة جنوب صور حيث جرى نصب قواعد إطلاق الصواريخ التي سقطت الأسبوع الماضي في شمال إسرائيل، هي ملكية إيرانية بحسب شريعة حمورابي الفارسي. أما إدعاء حكومة تصريف الأعمال بشخص رئيسها نجيب ميقاتي بحسب كتاب الشكوى الذي وجهته وزارة الخارجية باسم الحكومة إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن، وأكّدت فيه “رفضها استعمال أراضي لبنان كمنصة لزعزعة الاستقرار”، فلا يعني سهل القليلة، كما هو حال معظم سهول لبنان مثلما أثبتت الوقائع. ففي كل منطقة يلوح فوقها العلم الأصفر، كالذي انتصب في الغرفة التي ضمت نصرالله وهنية، تعني أنّ مالكها من حفدة قورش، وأنّ وكيلها هو ممثل الملاك ممن يتكلم اللغة العربية بطلاقة.
وكم بدا البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي متدخلاً في ملكية لا صلة للبنان بها عندما سأل في رسالة عيد الفصح: “إلى متى تبقى أرض لبنان مُباحة لكلّ حامل سلاح؟ وإلى متى يتحمّل لبنان وشعبه نتائج السياسات الخارجيّة التي تخنقه يوماً بعد يوم؟”
من بيروت التي انشرح فيها صدر نصرالله وهنية وجهاً لوجه، إلى دمشق التي بدا فيها الوكيل الإيراني، رئيس النظام في بلد بلا دولة عملياً، أي بشار الأسد منتشياً وهو يسمع صوت المالك الفارسي الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي يقول له “أنّ المستقبل واعد ومشرق بالنسبة للمقاومة”. فيرد الأسد مزمجراً في غاية النشوة قائلاً، إنّ “بوادر انهيار إسرائيل أخذت تظهر”.
ماذا عن الذين يرددون في لبنان ليل نهار بضرورة إلتزام القرار 1701 بموجب القرار الدولي الذي أنهى حرب عام 2006 والذين يعتبرون لبنان بلداً سيداً حرّاً مستقلاً حيث يجب أن لا يكون فيه سلاح سوى سلاح الدولة اللبنانية حصرياً؟
نحيل هؤلاء إلى ما كتبه موقع “العهد الإخباري” الالكتروني الناطق باسم “حزب الله” السبت الماضي، قال: “المطروح على محور المقاومة، هو السعي العاجل لتفعيل مبادرة محور القدس، والسعي لتدشين ما يمكن أن يطلق عليه “الناتو المقاوم”، وذلك عن طريق اتفاقية للدفاع المشترك تعني أنّ كل عدوان على ساحة من ساحات المقاومة هو اعتداء على كامل المحور يستوجب رداً من كامل المحور”.
إذاً، صار مفهوماً لماذا ملأت الابتسامات وجهي نصرالله وهنيّة في صورة الأمس، كما صار مفهوماً لماذا هزّت الأسد النشوة وهو يسمع صوت رئيسي، فيعلن بثقة إنّ “بوادر انهيار إسرائيل أخذت تظهر”. فهؤلاء الوكلاء في لبنان وسوريا وفلسطين يستعدون لقيام حلف “ناتو” سيجعل سميّه على جانبي الأطلسي يرتجف وجلاً!
لم يعد أمام شعوب لبنان وسوريا وفلسطين إلا المسارعة لتهنئة نصرالله بـ “النصر” وتقديم “أسمى التهاني” لهنية، و”تبشير” بشار بظهور “الانهيار”. أما من يراوده السؤال عن أيّ “نصر” نتكلم، وعن أيّ “تهاني” نتحدث، وعن أي “بشارة” إنهيار بدأت تتمظهر، فعليه فقط رؤية ما أصبح عليه حال الدول الثلاث.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل بري وابتسامة لاريجاني | “مرشد” لبنان و”بطريرك” إيران | تفليسة “تفاهم” مار مخايل في عملية البترون |