لبنانيون يلجأون إلى سوريا لإجراء عملياتهم الجراحية: البديل غير الآمن!
لأن الدولة لا تكترث للمواطن ولصحته، قرر بعض اللبنانيين سلوك “خط الشام” لإجراء عملياتهم، وذلك بسبب انخفاض تكاليف الطبابة مقارنة مع بلدهم الأم، فتكلفة عملية جراحية في سوريا أقل بنسبة 70% من تكلفتها في لبنان.
كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان”:
تكاليف الاستشفاء الباهظة باتت عبئاً يفوق قدرة اللبنانيين على التحمل، فمجرّد فكرة الذهاب إلى المستشفى عند حدوث أي عارض صحي كفيلة ببثّ القلق والخوف في نفس المواطن اللبناني، الذي يعلم أنه لن يتمكن من إجراء عملية جراحية إن لزم الأمر.
ولأن الدولة لا تكترث للمواطن ولصحته، قرر بعض اللبنانيين سلوك “خط الشام” لإجراء عملياتهم، وذلك بسبب انخفاض تكاليف الطبابة مقارنة مع بلدهم الأم، فتكلفة عملية جراحية في سوريا قد تكون أقل 70% من تكلفتها في لبنان.
حسم رامي أمره بعد أن رأى نتيجة عملية استئصال “اللوزتين واللحمية” التي أجراها صديقه في سوريا بـ 250 دولاراً فقط وهو سعر مقبول فيما تبلغ تكلفتها في لبنان 1200 دولار، وبالفعل توجه إلى سوريا وأجرى العملية في إحدى مستشفيات ضواحي دمشق.
والتواصل مع الأطباء في سوريا ليس معقداً، وعادة ما يكون عبر مواقع التواصل الاجتماعي حيث يُطلب من المريض تقارير طبية مفصلة عن حالته ووضعه الصحي ليحدد بعدها موعد إجراء العملية.
أما مروة فقررت الذهاب أيضاً إلى سوريا لإصلاح أسنانها بعدما طلب منها طبيب في لبنان 900 دولار مقابل علاج تزاحم أسنانها عبر استخدام جهاز تقويم، إضافة إلى مبلغ 40 دولار عن كل سن يحتاج “حشوة”، ولأن المبلغ لا يتناسب مع إمكانياتها المادية قررت الذهاب إلى سوريا توفيراً للتكاليف ووضعت التقويم مع ثلاث “حشوات” مقابل 100 دولار فقط لا غير.
كذلك الحال بالنسبة لفاطمة (إمرأة حامل) فهي أيضاً لا تستطيع تأمين تكاليف عملية الولادة القيصرية، في ظل غياب المؤسسات الضامنة في لبنان، فقررت بدورها اللجوء إلى طبيب سوري طلب منها 200 دولار فيما طلبت منها إحدى المستشفيات اللبنانية مبلغ 1000 دولار.
هكذا أصبح حال اللبنانيين، 70% منهم لا يستطيعون دخول المستشفى لإجراء عملية حتى وإن كانوا خاضعين لجهات ضامنة، الفواتير زادت من معاناتهم، في ظلّ تحديات حالت دون تمكن الدولة من مواجهتها أو إيجاد حلول لها، فأوجد المواطن الحل بنفسه، فهل هذا البديل الآمن له؟
يوضح د.رائد رطيل الاختصاصي في جراحة (أنف-أذن-حنجرة) وفي مجال طب التجميل، في حديثه لـ “هنا لبنان” أن نسبة اللبنانيين الذين يلجأون إلى العمليات الجراحية في الدول المجاورة بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد وارتفاع تكاليف الطبابة والاستشفاء ارتفعت، وهو أمر خطير للغاية لما قد تسببه من مضاعفات.
ويتابع: “إذا أردنا الحديث عن عملية جراحية للأنف فقد تتراوح تكلفتها ما بين 400 دولار لتصل إلى 6000 آلاف دولار في لبنان بحسب نوع العملية وتعقيداتها وخبرة الطبيب وسمعته، وهو الأمر الذي لا يريد اللبناني أن يدركه، فيتجه إلى الخارج لإجراء العملية توفيراً للمصاريف دون أن يبالي لما قد يترتب عنها من نتائج سلبية”.
ولا ينكر رطيل أن بعض العمليات قد تلقى نجاحاً فيما النسبة الأعلى عادة ما تفشل.
كما يلفت إلى أن “معظم العمليات الجراحية تتطلب المتابعة، وعندما يعود المريض إلى بلده تتوقف هذه المتابعة لرفض الأطباء اللبنانيين تحمل مسؤولية أي عمل لم يقوموا به”.
وتأكيداً على المضاعفات التي قد تسببها العمليات الجراحية في الخارج، يستشهد رطيل بالحادثة التي جرت منذ 8 أشهر في إحدى المستشفيات في الدول المجاورة وأدت إلى وفاة شاب لبناني خلال إجرائه عملية جراحية في أنفه.
كما تعرضت إمراة خضعت لعملية تجميل الثدي إلى إلتهابات حادة كادت أن تودي بحياتها.
ويوضح رطيل أيضاً أن “بعض المرضى يظنون أنهم يوفرون المال عند إجرائهم العمليات الجراحية في الخارج، إلا أنهم في الحقيقة يتكبدون أضعاف ما قد يوفرونه في عملية ما في حال فشلها”.
ويقول: “نحن لا نريد ذمّ الأطباء في الدول المجاورة بل نريد تسليط الضوء على هذه الظاهرة التي من شأنها أن تضر المريض وتؤدي إلى تدهور صحته”.
وفي سؤال عن كيفية حصول التواصل والتنسيق للعمليات في الخارج، يلفت إلى أنه في ما يخص العمليات التجميلية يعمل سائقو “التاكسي “سماسرة” في هذا المجال حيث ينصحون الركاب بزيارة طبيب معين دون سواه، كما يتم التنسيق أيضاً من خلال مواقع التواصل الاجتماعي مباشرة بين المريض والطبيب”.
ويختم: “الظروف الاقتصادية فرضت على اللبناني طلب العلاج من الدول المجاروة، وهو ما زاد من أزمة البلاد الاقتصادية وألحق ضرراً بالسياحة الطبية والتجميلية، ما أدى إلى تراجع اسم لبنان في مجال الاستشفاء والطبابة، وهذه الظاهرة لن تختفي إلا بعد تحسن الأحوال ودولرة الأجور”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تأمين الدم للمرضى…رحلة بحث شاقة وسعر الوحدة فوق الـ 100 دولار | بيوت جاهزة للنازحين.. ما مدى قانونيتها؟ | قائد الجيش “رجل المرحلة”.. التمديد أو الإطاحة بالـ1701! |