365 يوم سياحي واعد في هذه الحالة.. وأكثر من 10 مليارات دولار سنويًا
بعد تلاشي موجة فيروس كورونا وإستيعاب تبعات الأزمة المالية، بدأت فترة الأعياد والعطلة الصيفية تُشكّل فرصة لانتعاش السياحة التي باتت تعتمد بشكل أساسي على المغتربين، في ظل تراجع أعداد السياح الأجانب، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على اللبنانيين
كتبت بشرى الوجه لـ “هنا لبنان”:
لطالما عُرف لبنان بأنه بلد سياحي بامتياز لما يمتلك من مقوّمات ميّزته عن دول المنطقة، الأمر الذي جعل من هذا القطاع العمود الأساس الذي اتكأ عليه إقتصاد البلد الذي يُعاني اليوم من أزمات متفاقمة منذ نحو 4 سنوات.
ومنذ سنتين، أي بعد تلاشي موجة فيروس كورونا وإستيعاب تبعات الأزمة المالية، بدأت فترة الأعياد والعطلة الصيفية تُشكّل فرصة لانتعاش السياحة التي باتت تعتمد بشكل أساسي على المغتربين، في ظل تراجع أعداد السياح الأجانب، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على اللبنانيين، إذ إن المغتربين والسياح يحفزونهم على القيام بمشاريع تدرّ عليهم الأموال، من خلال فتح المطاعم والمقاهي.
وبحسب الأمين العام لاتحادات النقابات السياحية في لبنان جان بيروتي، فإنّ الصيف سيكون واعدًا، إنّما كنا نتأمّل أن تكون فترة عيدي الفصح والفطر أفضل، إذ بلغت نسبة الحجوزات 70 في المئة، كما في العام الماضي، وهي نسبة مقبولة، لأنّ الأسواق العربية ليست على ما يُرام، فمصر متأثرة بوضعها الإقتصادي والسوق العراقية أيضًا ليست قوية، على عكس الحجوزات الأوروبية المرتفعة، فيما الحجوزات الخليجية لا تزال غائبة، لا سيّما على مستوى منطقة جونية وبيروت الساحلية.
أمّا حجوزات المغتربين، فهي بالطبع مرتفعة، كما يؤكّد بيروتي لـ “هنا لبنان”، “فاللبنانيين في الإغتراب أصبحوا اليوم ضعفي حجم اللبنانيين داخل البلد”، لافتًا إلى أنّ “لبنان أثبت أنه بلد جدًا رخيص بموضوع السياحة وهو يتمتّع بخدمات على مستوى عالٍ، وهذا ما تُسوّق له الدولة اللبنانية من خلال حملة “أهلا بهالطلّة أهلا” والتي نتعاون معها”.
كيف سينعكس موسم الصيف على الإقتصاد؟ يقول بيروتي إنّ “السياحة خلال هذا الفصل ستؤثر إيجابًا على الإقتصاد، ولو أنّ الوضع سليم مئة في المئة، لم نكن لنحتاج لأي جهة دولية ولا للبنك الدولي، فالسياحة كانت تدرّ 10 مليار دولار في الصيف، أمّا اليوم فهي تؤمّن ما بين الـ 3 و4 مليار”، مشيرًا إلى أن السياحة لا تُدخل الأرباح إلى “جيبة” شخص، إنما لكل الناس والقطاعات واليد العاملة المنتجة، من مزارعين وتجّار وموظّفين وفنادق ومطاعم..
365 يوم سياحي
فكرة أنّ لبنان بلد قائم على قطاعي الخدمات والسياحة ليست بأمرٍ سيّئ، بحسب الخبير الإقتصادي محمد الشامي، بل على العكس، فهذا الأمر إيجابيّ في حال استغّل بالشكل الصحيح لتنشيط السياحة، وعندها لن يكون هناك فقط موسم صيف أو موسم تزلّج.. بل سيملك لبنان 365 يوم أعياد وصيف.
ويضيف الشامي لـ “هنا لبنان”: “شهر نيسان كان حافلًا بالأعياد الأمر الذي نشّط الدورة الإقتصادية، لأنّ الأعياد والسهرات والمناسبات لا تدخل الأموال لأصحاب رؤوس الأموال فقط، إنّما تعود منفعتها أيضًا لأصغر عامل لا يتمتّع بالشهادات التعليميّة إلى الإداري والمحاسب وأصحاب المطاعم، وبالتالي هناك دورة إقتصادية كاملة”.
ولكن مردود هذا القطاع لا يجب أن يبقى محصورًا بالسياحة الداخلية للبنانيين فقط، علمًا أنّ هذه السياحة مهمّة وعلينا تشجيع اللبنانيين عليها، ولكن السائح الأجنبي هو أكثر من يدرّ الأموال للبلد، كونه بعيد عن أجواء الضغوطات النفسية التي يعيشها اللبنانيون بفعل الأزمات المتتالية، كما يقول الشامي.
إذًا كيف نُشجّع السائح الأجنبي أن يأتي إلى البلد؟ يوضح الشامي أنّ غنى لبنان بالطوائف يغنيه بالأعياد، كما تميزه دورة الفصول، ثانياً والأهم يجب أن نؤمّن الصفاء السياسي والأمني حتى نشجّع السياح، فالبلد الذي يعيش توتّرات سياسيّة وأمنيّة لن يُشجّعهم على القدوم، وفي لبنان دائمًا ما تحدث حوادث سرقة ورصاص وقتل، وفي النظرة الإقتصادية هذا ليس مؤشراً إيجابياً للحركة السياحية، أمّا على الصعيد السياسي، فالعلاقات دائمًا متوتّرة وهناك تخلّف عن المواعيد الدستورية إن كان في مسألة انتخاب رئيس أو تشكيل حكومة أو الانتخابات البلدية، والتوتر السياسي الحاصل ينعكس على الوضع الأمني في البلد، وبالتالي الدورة الاقتصادية المرتبطة بالسياحة ستتأثر.
ويختم الشامي: “السياحة بإمكانها إدخال مبالغ طائلة إلى لبنان، حيث أنّنا نعيش 12 شهرًا يمكن استثمارها كموسم سياحي وليس 3 شهور صيف فقط، ومبالغ الـ 3 و4 مليارات دولار التي تُدخلها السياحة يُمكنها أن تكون 10 مليار دولار وأكثر سنويًا، لكنّنا نُضيّع هذه الفرصة بسبب المناكفات السياسية والوضع الأمني المتوتّر، فالاستثمار في هذا المجال هو الأساس للإنطلاق بقطاع منتج قادر على تنشيط عمل الكثير من الناس وإدخال أموال طائلة للبلد”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
نبيل مملوك.. صحافي تحت تهمة “الرأي المخالف” | استهداف الجيش وقائده في غير محلّه.. “اتهامات سطحية لدواعٍ سياسية” | إسرائيل “تنهي الحياة” في القرى الحدودية.. ما الهدف من هذا التدمير الممنهج؟ |