دولرة رسوم الأملاك البحريّة: قرار غير قانوني ولكن
دولرة حكومة ميقاتي لضريبة الاعتداء على الأملاك البحريّة في محاولة لتأمين زيادة إيرادات لخزينة الدولة لتمويل سلسلة الرتب والرواتب، لا تحمي المعتدين على الأملاك البحريّة فقط، بل تشرّع عملهم بطريقة غير مباشرة.
كتبت باولا عطية لـ “هنا لبنان”:
لا يزال قرار دولرة بدل إشغال الأملاك العامة البحرية، الذي اتّخذته حكومة تصريف الأعمال في جلستها التي عُقدت بتاريخ 18 نيسان الماضي، يلقى جملة من المواقف المتناقضة بين مؤيّد ورافض لهذا القرار. وعلى رأس هذا الأخير يأتي كلّ من تكتّل “الجمهوريّة القويّة” و “لبنان القوي”. فدولرة حكومة ميقاتي لضريبة الاعتداء على الأملاك البحريّة في محاولة لتأمين زيادة إيرادات لخزينة الدولة لتمويل سلسلة الرتب والرواتب، لا تحمي المعتدين على الأملاك البحريّة فقط، بل تشرّع عملهم بطريقة غير مباشرة.
القوانين تمنع دولرة الضرائب
وهو ما أكّدته عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائبة غادة أيوب في حديثها إلى موقع “هنا لبنان”، معتبرة أنّ “المشكلة قانونيّة، حيث تقوم الحكومة بتبرير مخالفة القانون والدستور تحت ذريعة جباية المزيد من الضرائب، لتستّر على عجزها عن إزالة هذه المخالفات، والتي لا شكّ أنها تحتاج إلى إعادة ضبط، والمبدأ العام يقول بإزالتها بالكامل، ولكن إذا عجزت الدولة عن إزالة المخالفات فلا يحقّ لها الذهاب باتجاه دولرة هذه الضرائب في ظلّ وجود قوانين تمنع ذلك. خصوصاً وأنّ بدل إشغال الأملاك العامة البحرية هو بمثابة رسم أي مشابه للضرائب غير المباشرة، ووفقاً لمبدأ السيادة الوطنية وقانون النقد والتسليف لا يجوز فرض الضرائب وتحصيلها إلا بالعملة الوطنية أيّ بالليرة اللبنانيّة وليس بالدولار”.
واستشهدت أيّوب باجتهاد مجلس شورى الدولة الصريح والواضح رقم 180 تاريخ 22/5/1979 حول شركة الفنادق السياحية في لبنان، الذي قضى بأنّ البدل السنوي الذي تستوفيه الدولة لقاء السماح بإشغال الأملاك العامة، له طابع الرسم المالي المساوي للضرائب المباشرة، وهو يستوفى بموجب المرسوم الذي يرخّص بإشغال الأملاك العمومية وذلك وفقاً للمادة 17 في فقرتها الثانية من القرار رقم 144/1925. كذلك ذكرت بالمادة 87 من قانون موازنة العام 2022 والمواد الدستورية التي تؤكّد أنّ كلّ الضرائب والرسوم يجب أن تُستوفى بالعملة الوطنية.
خطأ في توصيف طبيعة البدل وسعر الصرف
واعتبرت أنّ “وزير الأشغال العامة والنقل علي حميّة، ووزير المال يوسف خليل، أخطأ بدولرة بدل إشغال الأملاك العامة البحرية لأنهما أخطآ في توصيف طبيعة هذا البدل، ومعهم مجلس شورى الدولة الذي نسي الشق القانوني ولم يدخل في تصنيف نوع البدل بل اكتفى بتوضيح وفق أيّ سعر صرف دولار يجب أن يدفع البدل، فعندما يكون البدل بمثابة ضريبة يدفع بالعملة الرسميّة للبلد، فكيف نسمح بمخالفة كلّ هذه القوانين بقرار وزاري واحد فقط بحجة جباية الضرائب؟”
وعن احتساب الضريبة وفق سعر منصّة صيرفة أو السوق السوداء أجابت أيّوب “كيف يمكن للحكومة احتساب تسعير الضرائب وفق سعر صيرفة أو سعر السوق السوداء في الوقت الذي تعتمد فيه الدولة اللبنانيّة سعر صرف رسمي وهو 15 ألف ليرة؟”
الأملاك البحريّة vs النهريّة
ولفتت إلى أنّ “النوّاب لا يحقّ لهم الطعن بالقرار، بل أصحاب المصلحة والصفة هم الذين سيتقدّمون بطعن في القانون”، معتبرة أنّ “هناك حملة شعبيّة مدافعة عن قرار الحكومة، وعلى الرغم من ذلك فأنا ضدّ طريقة “التيار الوطني الحر” باستعمال الطائفية لمعالجة هذا الملف على قاعدة فتح ملفّ الأملاك النهريّة الذي يطال المسلمين إذا ما تمّ فتح ملفّ الأملاك البحريّة”.
وعن مطالبة البعض بفرض ضرائب على هذه المؤسسات بالدولار لكونها تجني أرباحها بالدولار أشارت أيّوب إلى أنّ “حكومة تصريف الأعمال متقاعسة عن القيام بعملها، فهي تسعى إلى جباية المزيد من الضرائب بطريقة غير قانونيّة، في الوقت الذي لم تقم بإقرار موازنة الـ2023 بعد، وقد مرّت 5 أشهر من هذا العام والحكومة صرفت فيها على القاعدة الاثني عشرية”.
مطالبة برفع ضريبة الأملاك البحريّة إلى 10%
من جهّته يقول محمد أيوب، رئيس جمعية “نحن”، وعضو في حملة “الشاطئ لكلّ الناس”، في حديثه لموقع “هنا لبنان” أنّ “هناك نوعين من التعديات، التعديات التي يجب إزالتها فوراً دون أيّ تسوية قانونيّة، والتعديّات التي تسعى الحكومة إلى تسويتها مؤقتاً وفرض ضرائب عليها، على أن تتمّ إزالتها في ما بعد. وهناك الكثير من المعتدين الذين لم يسوّوا وضعهم وآخرون لا ينطبق عليهم القانون بالأصل، وبالتالي هؤلاء يحتلّون الأملاك العامّة البحريّة، ويجب إزالتها. والحديث عن الغرامات فقط دون الحديث عن إزالة هذه التعديّات فوراً هو أمر مستغرب”.
واعتبر أيّوب أنّه “مع دولرة الغرامة الماليّة المفروضة من قبل الحكومة على أصحاب هذه الأملاك، إلاّ أنّها لا تزال قليلة بالنسبة للأرباح التي يجنيها هؤلاء بالدولار. فدولرة الضريبة كانت وفق آليّة احتساب تفرض ضريبة 0.5%، بالمقابل يدفع أيّ شخص يريد استئجار مكان ما ضريبة 5% على الأقلّ. وهي نفس الضريبة التي يجب أن تفرض على المعتدين على هذه الأملاك، لا بل يجب أن تصل الضريبة إلى 10% لكون المعتدين يستثمرون بالأملاك العامّة”.
35 مليون دولار بدل جباية ضرائب من الأملاك البحريّة
وعن الأرقام التي يمكن للدولة تحصيلها يجيب “سمعنا أنّ الدولة تسعى إلى تحصيل 35 مليون دولار، إلّا أنّها تستطيع تحصيل ما يفوق المليار دولار سنوياً من الأملاك العامّة البحريّة إذا أقرّت الحكومة ضرائب عادلة. وبالتالي قرار حميّة وإن كان جيّداً لكنّه غير كافٍ. ونحن نطالبه بإزالة التعديّات بالدرجة الأولى”.
ويضيف “وعن كلّ ما قيل حول قيام طائفة بدفع مبالغ أكثر من طائفة أخرى جرّاء دولرة الضرائب، فهذا الكلام غير صحيح، فنحن أجرينا مسحاً وتبيّن معنا أن التعدي على الأملاك البحريّة جاء من جميع الطوائف، ومن يقول ذلك لم يجر أيّ مسح. وكيف بإمكان شخص حماية 6 متعدّين ينتمون إلى طائفة ما مقابل منع أكثر من 100 ألف مواطن لبناني من حقّهم الطبيعي بقصد الشاطئ العام؟”
واعتبر أنّ “السياسيين يفرّطون بسيادة الدولة، وبأموال المواطنين وحقوقهم، ونحن نشجع ما قام به الوزير لكنّه لا يزال قليلاً وغير كافٍ وقيمته بتطبيق قانون العقوبات بهدم التعديات وتغريم أصحابها”.