من مصدر رزق وجذب للسياح إلى منبع للسموم والأمراض.. من يتحمّل مسؤولية تلوّث مياه بحيرة القرعون؟
نشرت مؤخّراً المصلحة الوطنيّة لنهر الليطاني، عبر حسابها على تويتر، مقطع فيديو يُظهر بقعاً من التلوث على سطح مياه بحيرة القرعون. وأظهرت نتائج معاينة المياه نمواً بكتيرياً في البحيرة، ما أدّى إلى تشكّل كميات من الطحالب ذات اللون البني، والتي تنجرف نحو شاطئ البحيرة بفعل الرياح والموج.
كتبت ريتا عبدو لـ “هنا لبنان”:
للبقاع الغربي حصّته من السياحة في لبنان وتحديداً في جوار بحيرة القرعون الساحرة، التي تحتضنها الجبال من كل جانب. ومن زار بحيرة القرعون، لا بدّ له من زيارة المتنزّهات والشّاليهات المحيطة بها، والتي كانت وما زالت تشكّل مصدر ترفيه وراحة للمقيمين والزائرين، وطبعاً منبع رزق ودخل للسياحة في المنطقة. لكن بين اخضرار الجبال وبريق مياه البحيرة وزحمة السياح والزوار، يبرز خطر يهددّ هذه المنطقة!
فأين سيذهب لبنان بالزوّار الذين كانوا يقصدون بحيرة القرعون للقيام بجولات القوارب في مياهها، والاستمتاع بالمناظر الجميلة أو للصيد، في الوقت الذي نشهد فيه على كارثة بيئيّة جرّاء تلوّث مياه البحيرة؟
سموم.. وخطر يهدد صحّة المواطن!
نشرت مؤخّراً المصلحة الوطنيّة لنهر الليطاني، عبر حسابها على تويتر، مقطع فيديو يُظهر بقعاً من التلوث على سطح مياه بحيرة القرعون. إلى ذلك، توجّه الفريق الفني من المصلحة، لمعاينة مياه البحيرة وأخذ العيّنات اللازمة. وبالتالي أظهرت النتائج نمواً بكتيرياً في البحيرة، ما أدّى إلى تشكّل كميات من الطحالب ذات اللون البني، والتي تنجرف نحو شاطئ البحيرة بفعل الرياح والموج. علماً أنّ حالات عديدة مشابهة سبق وأن تمّ رصدها في بحيرات عالميّة وحدثت بسبب خصوبة المياه المرتفعة.
وفي التفاصيل، تتسبّب البكتيريا بظهور حثالة بنية اللون في البحيرة، كدليل على تكاثر الطحالب. ينتج ذلك عن توافر فائض من العناصر الغذائية في المياه، كالنيتروجين والفوسفور، والتي يمكن أن تأتي من الصرف السطحي الزراعي، أو من تصريف مياه الصرف الصحي غير المعالجة في مياه البحيرة.
في هذا السياق، أشارت المصلحة الوطنيّة لنهر الليطاني إلى أنّ بعض أنواع الطحالب، من الممكن أن تنتج سموماً قد تكون ضارة بالبشر والحيوانات الأليفة وبالحياة البرّية. كذلك يمكن أن تسبّب هذه السموم تهيّجاً في الجلد ومشاكل في الجهاز التنفّسي، وحتى تلف الكبد…
سكان البقاع الغربي في قلق دائم… فما هو الحلّ؟
خلال جولة لموقع “هنا لبنان” في منطقة البقاع الغربي، أوضحت لِيا، وهي من سكّان القرى المجاورة لبحيرة القرعون، أنّ البحيرة لطالما كانت مرفقاً حيوياً للبقاع الغربي، سواء من الناحية الزراعيّة أو السياحيّة أو الاقتصاديّة… “لطالما كنا منطقة مميّزة في لبنان، سواء لناحية توافر الكهرباء والمياه بلا انقطاع، وأيضاً من الناحية السياحيّة باعتبار البحيرة نقطة جذب للسياح والزوار من داخل لبنان وخارجه. لكن اليوم أصبحت البحيرة موقعاً يشكّل خطراً على صحتنا نتيجة التلوّث الحاصل!”.
بدوره يقول رامي: “الإهمال وعدم تحمّل المسؤوليات والاستهتار بصحّة السكان وبجودة المزروعات في الجوار، سمح بتكوّن البكتيريا في مياه البحيرة وتزايدها، فهل من المقبول أن يتم التخلّص من النفايات المتنوّعة والسماح بتسريب مياه الصرف الصحي في البحيرة؟ هذه جريمة بيئيّة خطيرة!”.
مما لا شك فيه أن سكان المنطقة وما فيها من فعاليات في قلق مستمر، ويناشدون المعنيين بإيجاد الحلول البيئيّة اللازمة لإعادة مياه البحيرة إلى طبيعتها، “فحياتنا وحياة أولادنا خط أحمر”.
تجدر الإشارة، إلى أنّه في العام ٢٠٢١، جمع متطوّعون جيف أسماك متعفّنة، قرب بحيرة القرعون عند نهر الليطاني. في الوقت الذي حذّر نشطاء منذ سنوات، من خطر تلوث المياه بسبب الصرف الصحي والنفايات. وبالتالي، طفت على سطح مياه البحيرة أكوام القمامة، إلى جانب الأسماك النافقة، وانتشرت أسراب الذباب في المكان. ما يعني أن ملفّ تلوثّ المياه ليس بجديد، بل هو نتيجة تراكمات التلوّث، وطبعاً نتيجة إهمال هذه السلطة لمسؤوليتها بإيجاد حل جذري ونهائي لهذه المشكلة قبل فوات الأوان.. فحينها لن ينفع الندم!
مواضيع مماثلة للكاتب:
مساحات البناء المرخّصة تراجعت.. فهل يعاود القطاع نشاطه؟ | هاجس انقطاع الأدوية يرافق اللبنانيين… فهل من أزمة جديدة؟ | أشجار زيتون الجنوب من عمر لبنان… “قلوبنا احترقت عليها!” |