المنافسة مفتاح الحلّ

أخبار بارزة, خاص 17 أيار, 2023

ترجمة “هنا لبنان”

كتب نيكولا صبيح لـ “Ici Beyrouth“:

تعمد المنظمات الدولية إلى ابتكار معجم خاص بها فتصف على سبيل المثال، بعض الفئات الاجتماعية بـ “المهمشة” أو “الأكثر ضعفاً”. هذا يعني بلغتنا المتواضعة، الفقراء والبائسين والمحتاجين الذين لا يحظون بأي مساعدة من أوساط السلطة فيجدون أنفسهم وحيدين ومجبرين على انتظار مساعدات المحسنين.. بمفردهم تماماً، كما لو أن وجود الوزير المعني للديكور فقط.

وبدلاً من تقديم العون، يبدو أن الإدارة المحلية لا توفر جهداً لوضع العصي في الدواليب. هذا ما يؤكده على سبيل المثال، برنامج “أمان” الممول من قبل البنك الدولي والذي فشل في تحقيق أهدافه. فبعدما كان من المفترض أن يستهدف 150 ألف أسرة، فشل في الوصول لهامش الـ 100 ألف أسرة حتى بعد مضي ثلاث سنوات على إطلاقه وسنة على وضعه قيد التنفيذ. وذلك بسبب محاولة من هم في السلطة، حشر “فقرائهم” في قائمة المستفيدين متجاهلين مربع “التحقق الميداني”، الإلزامي لهذا البرنامج.

بالنسبة للبعض، هذا الوضع أكثر من طبيعي في بلد مفلس: يترك الأفقر بانتظار فاعلي الخير والمحسنين من حول العالم. ولكن بانتظار هذا الحل العالمي والجذري لأزمتنا الاقتصادية، عن طريق صندوق النقد الدولي بشكل مرجح، ألا يمكننا القيام بأي شيء على المستوى المحلي، حتى ولو كنا مفلسين تمامًا؟ نعم! ففي الحقيقة، بما أننا لا نستطيع تزويد الفقراء بالمساعدات، يمكننا على الأقل السعي لخفض تكلفة المعيشة من خلال المنافسة.. إحدى أفضل الطرق المثبتة اقتصاديًا لخفض التكاليف. وهنا يطرح السؤال: ولكن في أي مجالات يمكن الإستفادة من المنافسة؟ الإجابة، في كل المجالات، لكننا سنكتفي ببعض الأمثلة أدناه:

المولدات: كسر الاحتكارات حسب المناطق، خصوصاً وأن المحتكرين يعملون في ظل تواطؤ سياسي وبلدي واضح، من خلال إشراك جميع أصحاب المصلحة وفرض الأسعار التنافسية.

الخليوي: وضع حد لاحتكار الدولة لتوأم شركتيها بخدماتهما السيئة وبفائض مئات الموظفين، من خلال إدخال مشغل ثالث خاص، بانتظار التحرير الكامل لهذا القطاع، والسماح للمشتركين بالانتقال بين المشغلين دون أي غرامات. ولنترك الباقي للمنافسة، التي لم تكن موجودة أصلاً في هذا القطاع.

الإنترنت: التوقف عن مضايقة الموردين الخاصين والسماح لهم بإرساء اتصالات دولية مباشرة، دون المرور باحتكار الدولة. ثم السماح لهم بتوسيع واستغلال شبكة الألياف الضوئية. الأمر الذي عجزت شركة أوجيرو، بخمولها الأسطوري، عن فعله، حتى في أوج مجدها قبل الأزمة.

النقل: الحدّ من عرقلة حلول النقل الجماعي البديلة، مثل “التوك توك” أو مشاركة السيارات أو التطبيقات الجديدة التي أطلقت مؤخرًا (في نهاية المطاف، لا بد من الاعتراف بأننا نقيم حالياً في بلد فقير!). ثم وقبل كل شيء، تكليف شركة خاصة بمحطة شارل حلو، لضمان تنظيم الخدمة بشكل أفضل وتقليل تكاليف التشغيل والأجور. ثم نرجوكم سيداتي وسادتي المتبرعين، هلا توقفتم عن تقديم الحافلات لوزارة النقل، وأوكلتموها بدلاً من ذلك للشركات الخاصة والمنظمات غير الربحية في مختلف المناطق!

التجارة: لقد تكيّف التجار المستوردون مع الأزمة من خلال العمل على إدخال منتجات جديدة وأقل تكلفة أو الحصول على المنتجات نفسها من دولة ثالثة. وهذا يفسر على سبيل المثال، السعر التنافسي لمعجون أسنان سيجنال أو جبنة سميدس: “صنع في مصر” ، بموجب ترخيص. أما بالنسبة للمنتجات المحلية، يمكن تكليف المنظمات غير الحكومية بتنظيم أسواق بشكل أسبوعي في جميع أنحاء البلاد، لعرض المنتجات المحلية مباشرة للمستهلك دون أي وسيط، مما يسهم بخفض أسعارها بعد.

التوزيع: السماح بالإعلان والمقارنة بين المنتجات ونقاط البيع وتسليط الضوء من جملة أمور أخرى مثلاً، على المتاجر الأقل تكلفة، وفقًا لمعايير موضوعية وللأسعار المنخفضة حسب نوع المنتج في كل سوبر ماركت.

الطيران: وضع حد لاحتكار شركة طيران الشرق الأوسط، التي تحولت لرمز وطني مقدس في الوقت الذي تتراكم فيه الأخطاء الإدارية عدا عن تسعيراتها المرتفعة، والسماح لشركات أخرى بدخول المجال، ودعم الطيران العارض ومنخفض التكاليف على وجه التحديد.

أمثلة بالعشرات قد تضاف إلى ما ذكر أعلاه، ولكن أي خطوة تستدعي وجود وزارة للاقتصاد لتكشف النقاب عنها. وكل ذلك يتطلب، بادئ ذي بدء، إقلاع الدولة عن عادتيها السيئتين الأكثر ضلالاً: عدم القيام بأي شيء على الإطلاق، وعرقلة مشاريع الآخرين.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us