قطاع النحل في لبنان: من المعاناة والتحديات إلى انفراج جزئي قريباً
يتميز النحل اللبناني بشكل عام بقدرته على جمع العسل بغض النظر عن قوته، حيث يمكن للنحل الصغير أيضًا أن ينتج كميات جيدة من العسل. ويتمتع بقدرته على صنع غطاء الشمع الأبيض الذي يغطي العسل، وهذا يعتبر أمرًا مهمًا جدًا في عملية تربية الملكات.
كتب مازن مجوز لـ “هنا لبنان”:
تربية الملكات ليست مجرد عمل، بل هي فنّ يتطلب دقة واهتمامًا عاليًا للنجاح في إنتاج ملكة نحل هادئة ومنتجة للعسل المقاوم للأمراض.
محمد عباس الجمال مربي النّحل، الذي يفتخر بإتقانه هذا الفن، يمتلك العديد من المناحل التي يربي فيها الملكات، وينقلها عادةً بين مواقع مختلفة حيث تكون هناك خلايا كبيرة تحتوي على ذكور لضمان عملية التلقيح، على أن تكون الذكور من نوعية جيدة.
ويتميز النحل اللبناني بشكل عام بقدرته على جمع العسل بغض النظر عن قوته، حيث يمكن للنحل الصغير أيضًا أن ينتج كميات جيدة من العسل. ويتمتع بقدرته على صنع غطاء الشمع الأبيض الذي يغطي العسل، وهذا يعتبر أمرًا مهمًا جدًا في عملية تربية الملكات.
وبمناسبة اليوم العالمي للنحل الذي احتفل به لبنان قبل بضعة أيام (في العشرين من الشهر الحالي)، أكد الجمال في حديثه لـ “هنا لبنان” أنّ تربية النحل لها صلة مباشرة بالقطاعات الزراعية والصناعية والتجارية وتساهم في النشاط الإنتاجي في لبنان. إذ تتطلب تربية النحل التفرغ للعمل وعمليات النقل. لافتاً إلى أنّه “على سبيل المثال، يجب علينا نقل النحل إلى المناطق الساحلية مثل الجنوب، وهذا يشكل أحد أهم التحديات التي تستغرق وقتًا وجهودًا أكبر بكثير مما كانت عليه في الماضي.
لا يزال عالم تربية النحل يخضع حتى اليوم لسيطرة الرجال أو الشباب اللبنانيين، ويمثل الجمال نموذجًا لعاشقي تربية النحل الذين يعملون بمهارة ويتحركون في مناحلهم بنشاط لا يعرف الملل. إنها مهنة تم توارثها عبر الأجيال حتى وصلت إلى الجمال، الذي ورث هذا الاهتمام عن أجداده قبل عقود من الزمن. ويعبر الجمال عن امتنانه لهذا التراث الثقافي ويذكر أنه كان يعتمد فقط على دخله كمربي نحل، ولكنّه يكشف أيضًا عن تلقيه مساعدات مالية من مجموعة من الأقارب والأصدقاء المقيمين في الخارج، وهذه المساعدات تساعده على تجاوز التحديات ومواصلة مهنته بعد توقف المساعدات التي كان يتلقاها من بعض الجمعيات والنقابات.
هذا وينتج النحل اللبناني العسل خلال فصلي الربيع والصيف، وتختلف نوعية العسل من منطقة إلى أخرى حسب مراعي النحل (الأزهار)، ما يدفع الجمال إلى نقل نحلاته إلى الساحل خلال فصل الصيف بسبب اختلاف الأزهار في تلك المناطق عن تلك الموجودة في المناطق الوسطى أو العالية في لبنان. كما يلتزم أيضًا بجولة ثابتة للتنقل مع قفران النحل إلى جرود بعلبك التي بدأها قبل يومين في هذا التوقيت.
وفي ما يتعلق بالعلاقة بين النحل والتوازن البيئي والأمن الغذائي، يشدد الجمال على وجود حوالي 6000 نحال في لبنان يعتنون بحوالي 417 ألف خلية، وهو عدد معترف به رسميًا من قبل وزارة الزراعة. ويضيف أن هذا القطاع ينتج حوالي 1200 طن من العسل سنويًا.
وفيما نبّه الجمال إلى تأثيرات الأزمة التي اندلعت في 17 تشرين الأول 2019 على هذا القطاع، اعتبر أن عدد النحالين والخلايا كافٍ، ولكن التحديات تكمن في ارتفاع أسعار المستلزمات والأدوية بالدولار، وهذا ينعكس سلبًا على أسعار العسل (سواء العسل العادي أو العسل بشهده)، وذلك بسبب ارتفاع سعر متطلبات العمل، مثل المبيدات والأدوية لعلاج أمراض النحل ومراقبة حالتها، وأسعار بيوت النحل. فمثلاً، كان سعر البيت النحلي الذي كان يبلغ 500,000 ليرة لبنانية في السابق، ولكن اليوم يتراوح بين 40 إلى 50 دولارًا.
وفي هذا السياق يجب أن نذكر التعاون الذي كان قائمًا بين عدة وزارات والاتحاد الأوروبي لفتح أسواق الاتحاد الأوروبي للعسل اللبناني قبل جائحة كوفيد-19. حيث أكد المهندس حسين جرادي، الخبير في تربية النحل في وزارة الزراعة، في 30 نيسان/أبريل الماضي أن هذا التعاون سيؤتي ثماره قريبًا وسيتم فتح أبواب السوق الأوروبية أمام العسل اللبناني بعد انجاز الخطوات المطلوبة في هذا التعاون.
مواضيع مماثلة للكاتب:
“ابتكار لبناني”.. أملٌ واعد لفاقدي البصر! | بين القوننة والأنسنة.. هل تهدّد التكنولوجيا أطفالنا؟ | لبنان غنيّ بالمياه الجوفية العذبة.. ثروة مهدورة بلا استثمار! |