بين فتح ملف وأقساط خيالية.. أطفال الروضة الأولى يُحرمون الدخول إلى المدرسة!
جميع المدارس بمختلف مستوياتها باتت متقاربة إلى حد كبير في أقساطها التي تبدأ من ١٠٠٠$ وما فوق.. هذا عدا عن كلفة “فتح الملف” للطلاب الجدد إذ وصلت كلفته إلى ٥٠٠$ وفي بعض المدارس وصلت الكلفة إلى ١٥٠٠$ !
كتبت هانية رمضان لـ “هنا لبنان”:
الفرحة التي ينتظرها الأهل عند إدخال أطفالهم إلى سنتهم الأولى في المدرسة، فيلتقطون لهم الصور التذكارية مع الحقيبة الصغيرة والزي المدرسي الجديد، هي فرحة أحالتها الأقساط المدرسية الخيالية إلى صدمة..
فبات الأهالي أسرى الحيرة بين تسجيل أبنائهم بمدرسة ذات مستوى متوسط أو حتى عدم تسجيلهم، ليفاجأوا بأن جميع المدارس بمختلف مستوياتها باتت متقاربة إلى حد كبير في أقساطها التي تبدأ من ١٠٠٠$ وما فوق.. هذا عدا عن كلفة “فتح الملف” للطلاب الجدد، والذي هو عبارة عن بيانات ترفق عبر ملف خاص بكل تلميذ وفيها المعلومات الكاملة عنه من مستواه التعليمي أو قدرته على التواصل والوضع الصحي وما إلى هنالك.. فهذه البيانات وصلت كلفة تسجيلها إلى ٥٠٠$ وفي بعض المدارس وصلت كلفة فتح الملف إلى ١٥٠٠$ !
هذا الأمر لم يستوعبه الأهالي الذين اعتبروا أنّ هذه ليست سوى طريقة جديدة تستعملها هذه المدارس للاستفادة التجارية وضمان تسجيل التلاميذ لديهم.
علماً أن أغلب هذه المدارس ضمّنت في بيانات أقساطها بأنه من الممكن تعديل القسط المدرسي لا سيما الدفعة بالليرة اللبنانية التي تخطت الـ ٢٠ مليون ليرة.
وهكذا بات مصير أطفال الروضة الأولى معلقاً بقدرة أو عدم قدرة الأهل على تسجيلهم في المدارس الخاصة، فهل نحن على أبواب حرمان أطفالنا من التعليم؟
تقول مهى الأم لثلاثة أبناء، في حديثها لـ “هنا لبنان” أن تسجيل أولادها في المدرسة أصبح عبارة عن كابوس تعيشه مع زوجها، ففي كل ليلة يناقشان الموضوع دون الوصول إلى نتيجة، خاصة مع دخول ابنها الأصغر إلى المدرسة في سنته الأولى.
وتابعت مهى بالقول “أبحث يومياً عن مدرسة رحيمة بأقساطها على الأقل لتسجيل ولدي اللذين دخلا المدرسة من قبل، لينصحني الجميع بأن أقوم بتعليم ابني الصغير في المنزل لأن منهاج الروضة الأولى سهل جداً وبذلك أستطيع توفير قسط سنة كاملة أو دفعه لأولادي الآخرين، وهذا ما سأحاول القيام به فعلياً”.
وفي جولة على مواقع التواصل الاجتماعي، لاحظنا فعلاً بأن هناك العديد من الأهالي الذين يسألون عن إمكانية تعليم أطفالهم في المنزل خاصة الذين سيدخلون سنتهم الأولى إلى المدرسة، فوجدنا كثيرين منهم سيطبقون هذه التجربة وأن هناك من طبقها فعلاً ونجح..
من جهتها قالت المعلمة ثريا، وهي التي تخصصت في الأدب الإنجليزي ولكنها عملت لمدة ٣٠ سنة في مجال التعليم برياض الأطفال منذ دراستها الجامعية على الرغم بأنه ليس اختصاصها ولكنها أحبت هذا المجال، في حديث لـ “هنا لبنان” بأنها “بقيت أعمل في حقل التعليم منذ اكثر من عشرين سنة، حتى أتت أزمة كورونا التي أدت إلى انتقال التعليم إلى الأونلاين فقررت البقاء في المنزل”.
وتابعت ثريا بالقول “بعد قرار تأخير عودة العام الدراسي من قبل الوزير السابق طارق المجذوب بسبب كورونا، شعرت بأن هناك العديد من التلاميذ الذين سيُظلمون بسبب تأخرهم في التعليم، فتحدّيت هذا القرار ونشرت عبر صفحتي على فيسبوك منشوراً أدعو به الأهالي للانضمام إلى مجموعة كنت قد أنشأتها عبر “واتساب” لصفوف الروضات، وقد شعر بعض الأهالي بأن الخدمة التي أقدمها في تعليم أطفال الروضات عبر الأونلاين أفضل من دفع قسط المدرسة، وبعضهم كانوا غير مؤهلين لذلك بسبب عدم توفر لديهم جهاز كمبيوتر أو tablet للمشاركة، من هنا طرحت عليهم فكرة وهي إعطاؤهم الإرشادات اللازمة التي تساعدهم على تعليم أولادهم من الألف إلى الياء، وهم عليهم التطبيق فقط”.
وتحدثت ثريا عن أن الأهالي الذين اتبعوا الإرشادات التي قدمتها لهم وجدوها أسهل من تلك التي تُعطى في المدرسة خاصة عبر الأونلاين.
وأسفت ثريا لحال بعض المدارس المعروفة التي لم تقبل بتسجيل الطفل في صف أعلى رغم تحقيقه الأهداف المرجوة من الصف السابق بطريقة صحيحة، ولكن هناك غيرها من المدارس التي لم تمانع في ذلك وتم قبول الأطفال فيها.
وفي هذه السنة لم تكن المعلمة ثريا في صدد إنشاء صف جديد بسبب انخفاض عدد الأهالي الذين يريدون هذه الخدمة خاصة بعد عودة المدراس بشكل طبيعي، ولكن تواصلت معها مجموعة من الأهالي طالبين منها إنشاء صف تعليم منزلي home schooling لصفوف الروضة الأولى، بسبب غلاء الأقساط المدرسية بشكل جنوني لصفوف الروضات التي تقارب صفوف الثانوي.
ولا ترى ثريا في تعليم طفل الروضة الأولى من قبل الأهل وداخل المنزل ظلماً للطفل لا بالعكس، مؤكدة أنه سيكتسب المهارات المطلوبة والقدرات التعليمية في حضن والدته أو والده.
أما فريال وهي معلمة رياض أطفال في إحدى حضانات بيروت، تحدثت عن تجربتها في تعليم أطفالها عبر الحضانة والمنزل، وصرحت لموقع “هنا لبنان” عن أن هناك العديد من الأشخاص الذين تعرفهم قاموا بخوض هذه التجربة مثلها، وقالت: “عندما علمت بأن المنهج الذي ستأخذه ابنتي في المدرسة هو نفسه الذي سيطبق في صفوف الحضانة وهذا اختصاصي، هذا فضلاً عن ارتفاع الأقساط بشكل كبير، كذلك الوضع مع ابني، قررت إبقاءهم معي في الحضانة التي أعمل بها لأنها أوفر بالنسبة لي من قسط المدرسة ومن ثم أدخلهم إلى صف أعلى في المدرسة، وأكون بذلك قد وفرت مبلغاً كبيراً من المال واستفاد أبنائي كأنهم دخلوا المدرسة من الصفوف الأولى”.
وتحدثت عن أن هناك عدداً كبيراً من الأمهات الذين لا يعرفون كيفة التصرف أو تعليم أبنائهم في المنزل أو في الحضانة، لذلك تقوم الحضانة بسؤال الأمهات اللواتي سجلن أولادهن لدينا إن كنّ يردن إبقاءهم في الحضانة بعد إتمامهم سن الثالثة من عمرهم، لتفاجأ بأن نسبة الأطفال التي ستبقى في الحضانة مرتفعة عن السنوات السابقة بسبب الأقساط المدرسية المرتفعة بشكل كبير.
وأكدت فريال أنه في قانون الدولة الطفل الذي يبلغ من العمر ٤ سنوات يستطيع الدخول مباشرة إلى صف الروضة الثانية، كما أن هناك بعض المدارس التي تطلب من الأهالي تأمين إفادة من الحضانة حيث كان طفلهم لتثبت بأنه تعلم أسس الروضة الأولى، ولكن لأسباب تجارية لا تقبل مدارس أخرى تسجيل التلاميذ إلا من صف الروضة الأولى حتى لو أنهم كانوا قد حققوا المكتسبات التعليمية اللازمة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
بين النزوح الدراسي والأزمات التعليمية.. مدارس في مهبّ الفوضى | أمان النازحين في قبضة السماسرة.. استغلال وجشع بلا حدود | براءة الأطفال في مهب الحرب.. وجروح نفسية لا تَلتئِم! |