رسومٌ إضافيّة وسوء جباية… الشامي لـ “هنا لبنان”: تأثير عدم الجباية يؤدي إلى تهالك خزينة الدولة ويضعف كيانها!
بين دولارٍ جمركيّ غير مستقرّ وجبايةٍ مناطقيّة غير عادلة، من يتحمّل مسؤولية إفلاس الدولة اللّبنانيّة؟
كتب أنطوني الغبيرة لـ “هنا لبنان”:
في وطننا لا أرقام واضحة للإيرادات ولا للنفقات ولا لعدد الموظفين خاصةً في السنوات الثلاث الأخيرة، بل نعيش على قرارات آنيّة خلفيّاتها تُنهك جيب المواطن! فمنذ أقل من ستّة أشهرٍ تغيّرت تعرفة الإتصالات والرسوم والدولار الجمركيّ إلى أن وصلنا إلى حلقةٍ مُفرغة. ومع إقرار الزيادات ستتصاعد تكلفة القطاع العام إلى 76 ألف مليار ليرة، مُقابل إيرادات لا تتعدّى 40 ألفاً.
وبين دولارٍ جمركيّ غير مستقرّ وجبايةٍ مناطقيّة غير عادلة، من يتحمّل مسؤولية إفلاس الدولة اللّبنانيّة؟
في حديثه لـ “هنا لبنان” أشار الخبير الإقتصاديّ محمد الشامي إلى أنّ تأثير عدم الجباية له بعدين، معنويّ وعمليّ؛ من الناحية العمليّة عدم الجباية يؤدي إلى تهالك خزينة الدولة وقدرتها على دفع المستحقات المتوجبة عليها ممّا يؤثر على التنمية… أما البعد المعنويّ يظهر ضعف كيان الدولة، والإنتماء لها ودخولها في حلقةٍ مفرغةٍ.
وأضاف: “عندما تقبض الدولة من مواطنيها تعمل لمصلحتهم، وعندما تقبض من الخارج قد تكون مجبرة على تنفيذ أجندات خارجية وتصبح مرتهنة لها؛ وهذا ما يحصل في لبنان للأسف”.
أمّا عن إفلاس لبنان، إعتبر الشامي أنّ هذا الوطن لم ولن يكون بلداً مفلساً لأن مقوّماته ومقدّراته الإقتصاديّة هائلة سواء من الناحية البشرية أو الطبيعية؛ ولكنه مسروقٌ ومنهوبٌ بسبب المخطّطات الدولية والإقليمية والداخلية. وأثنى على دور قطاع السياحة والخدمات الّذي يستطيع درّ الثروات في حال تمّ إستغلاله بشكلٍ صائِب.
وبحسب الشامي، السياسات البديلة التي تبحث عنها الحكومات لزيادة إيراداتها ليست كافية، لذا يجب البحث عن سياسة واحدة أساسيّة لزيادة إيرادات وتكون مرتكزة على العدالة والمساواة. مع غياب العدالة وغياب الخطة الخماسيّة٥ المتكاملة – سياسية، إقتصادية، إجتماعية، أمنية، مالية – لا إيرادات للدولة وبالتالي لن نحصد أي نتيجة في ظلّ الزيادات الإعتباطية غير المخطط لها.
وعمّا إذا كانت زيادة الدولار الجمركيّ ستؤثر إيجاباً على خزينة الدولة، أوضح الشامي أنّ الأرقام الصادرة عن الدولة اللّبنانيّة هي مغلوطة؛ وبظل الأزمة الإقتصاديّة يصعب الحديث عن أي إيجابيات لزيادة الضرائب والرسوم. فحلقة الفساد بالنسبة له هي نفسها، رغم الإيرادات المحققة نتيجة الزيادة.
مُردفاً: “بعض الموظفين الفاسدين يتغلغلون في الإدارات الرسمية، ويتقاضون الرشاوى دون محاسبة؛ عندما تبدأ المحاسبة نستطيع التكلّم عن إيجابيات القرارات المتخذة ومن ضمنها رفع الدولار الجمركيّ”.
أمّا أبرز سلبيات رفع الدولار الجمركيّ على إقتصاد الوطن تتجلّى بإنخفاض القدرة الشرائية لدى المواطن في ظلّ غياب الخطط. وتنشيط عملية التهريب، ففي لبنان بات معلوماً من يسيطر عن كل معبر شرعي وغير شرعي وكل مرفق من مرافق الدولة. لدى كل الطوائف والأحزاب بشكلٍ عام هناك مناطق ومخيّمات محظورة لا تستطيع الدولة تأمين الجباية الكافية فيها. لذا لا يمكن الإستمرار في ظل مناطق محظورة!
وأردف الشامي: “الحلّ هو الخصخصة ضمن شروط عالمية واضحة وليس لإفادة المافيات، ونحن لسنا من دعاة إضعاف الدولة. فمع الإدارات الحكيمة والرشيدة نقوّي القطاع العام من خلال شركات عالمية لديها خطط وليس تقوية القطاع العام لصالح الأحزاب المسيطرة على البلد. فلا يوجد جهاز من أجهزة الدولة يعمل اليوم بطريقة طبيعيّة، السرقة في لبنان مقوننة لذا تغيب المحاسبة”.
من جهته أشار المحلل لسياسي “خيرالله خيرالله” إلى أنّ من أبرز مقوّمات الدولة هو احتكارها لسلاحها، على عكس ما هو الوضع اللّبنانيّ. فالدولة اللبنانيّة ليس لديها مواصفات الدولة، فكيف ستستطيع ممارسة الجباية وهي لا تمارس سلتطها على كامل الأراضي اللبنانيّة؟ فالعائق يكمن بسلاح حزب الله المسيطر على جزء من أراضي الدولة والقرارات أجمع.
وأكمل: “تدهور وضع الدولة بدأ من خريف 1969 مع توقيع إتفاق القاهرة عندما تنازلت الدولة سابقاً عن جزء من سيادتها، حينها كانت بداية التدهور! وصمودها طول هذه الفترة أمرٌ إيجابي؛ وما نشهده حالياً هو نتيجة طبيعية لكل ما مر به لبنان”.
نحن اليوم أمام مفترق طرقٍ، فالحلّ بيد منظومة فاسدة تجيد السرقة ولا تريد إيجاد الحلول، وموضوع الأرقام بات يشكّل أزمة ثقة بين الدولة والجهات المانحة.