قروض مالية للبنان لضمان صموده.. وعجز متواصل لسدادها!
بات لبنان دولة قائمة على طلب المساعدات والقروض وتعمد إلى صرف الأموال يميناً ويساراً وهذا وضع سيئ، لأنّ المطلوب إعادة هيكلة الاقتصاد وتحريك القطاعات الإنتاجية من أجل تأمين إيرادات في المستقبل.
كتبت كارول سلوم لـ “هنا لبنان”:
منذ أن أعلن الرئيس حسان دياب تخلف الدولة عن دفع مستحقاتها من سندات اليوربوندز، دخل لبنان نادي الدول المتعثرة مالياً ما أعطى مؤشراً على إفلاسه، وأصبحت مسألة تسديده أي قرض يحصل عليه من المؤسسات الدولية تواجه صعوبة.
قبل تلك المرحلة، كان مصرف لبنان يعمل على إعادة برمجة الدفع أو reschedule ولم يكن هناك تخلف على الإطلاق.
وهذه القروض التي يتم إمداد البلاد بها بدافع ضمان حماية اللبنانيين من انعكاسات الأزمات عليهم، ترتدي بمعظمها الطابع الاجتماعي أو الغذائي، ومهما كانت شروطها فإن من الواجب سدادها في مرحلة ما، وهنا يسود الاعتقاد أن لا قدرة على ذلك ما لم تكن هناك رؤية شاملة تقوم على إعادة هيكلة الاقتصاد.
يعني ذلك باختصار، أنّ لبنان سيبقى بحاجة إلى القروض والهبات كي يواصل صموده، فيما سيكون في الوقت عينه غير قادر على سدادها.
وكان قد كشف وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال، يوسف الخليل، مؤخّراً عن عزم البنك الدولي مد لبنان بقرض قيمته قرابة 200 مليون دولار أميركي لدعم القطاعات التنموية، لا سيما القطاع الزراعي والمتمثل بمشروع التطوير Green Agri-food transformation for economic recovery project.
ومن المتعارف عليه أن المشاريع الممولة من البنك هي قروض المساعدة لبرنامج الأسر الأكثر فقراً ودعم القمح. وكان مجلس المدراء التنفيذيين لمجموعة البنك الدولي قد وافق على تمويل إضافي للمشروع الطارئ لدعم شبكة الأمان الاجتماعي للإستجابة للأزمة وجائحة كوفيد-19 في لبنان، (مشروع شبكة الأمان الاجتماعي ESSN) ما سيسمح بمواصلة وتوسيع نطاق تقديم التحويلات النقدية للأسر اللبنانية الفقيرة والأكثر احتياجاً، فضلاً عن دعم تطوير نظام موحد لشبكات الأمان الاجتماعي يمكّن من الاستجابة للصدمات الحالية والمستقبلية على نحو أفضل.
وسيمكّن التمويل الإضافي لبنان من الاستمرار في حماية سكانه من تأثير الأزمات المختلفة، فضلاً عن مساعدة البلاد على تطوير نظام شبكة أمان اجتماعي رقمي ومستهدِف. وفي المرحلة القادمة، سيحتاج لبنان إلى تأمين الحيّز المالي اللازم لتمويل احتياجات قطاع الحماية الاجتماعية بما في ذلك شبكات الأمان الاجتماعي على المدى الطويل.
قروض غير قابلة للتسديد
في هذا الإطار، يقول الخبير الاقتصادي الدكتور بلال علامة في حديثه لـ “هنا لبنان” أن أي قرض يسجّل كدين على الدولة ويتم تسديده بموجب شروط البنك الدولي، وكل قرض له طريقة للتسديد وما من معيار موحد لأن لكلٍّ منها أهداف وتواريخ للتسديد. ويشير إلى أن لبنان حصل في السابق على قروض من البنك الدولي وكان يعيد جدولتها من خلال مصرف لبنان، وأي تأجيل للدفع كان يتم بهدوء لكن الأمور اختلفت عندما أعلن الرئيس حسان دياب التوقف عن دفع مستحقات اليوربوندز وتم إعلان إفلاس الدولة بشكل غير رسمي وتعثرها عن دفع المستحقات.
ويوضح الدكتور علامة أن بعض القروض يقرر المجلس المركزي للبنك الدولي إعفاء الدول من سدادها، لكن لا يعرف الأمر إلا في حينه وهي تحصل في نهاية العام نتيجة لظروف معينة، معلناً أن لبنان عضو في المؤسسات المالية الدولية وله الحق في طلب المساعدات سواء من صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي أو بنك الإنشاء والتعمير، ولا يمكن لها رفض الطلب، لافتاً إلى أنّ هذه القروض موجهة نحو ما يسمى الدعم الاجتماعي والدعم الأساسي وما من قروض للإنشاءات والتنمية والتطوير، والهدف هو دعم المواطن في صموده ومعالجة أزماته ومنها قرض القمح وشبكة أمان.
ويضيف: على الرغم من ذلك فكل ما جرى في موضوع البطاقة التمويلية ليس إلا مجرد “فقاعة صابون”. وها هي البطاقة لم تبصر النور بعد ولبنان بحاجة إلى القرض لتغطية الثغرة التي حصلت، لافتاً إلى أنّ وزير الشؤون الاجتماعية كان يطالب منذ فترة بأموال من المؤسسات الدولية لتسيير المشاريع
ويرى بأن القروض التي تمنح للبنان تهدف إلى إبقائه واقفاً على قدميه، ويبدي أسفه لتحول لبنان إلى “دولة شحادة” ولأن كل حركة تقوم على نيل المساعدات والقروض وهذا ما ينطبق على قطاع التربية، وعلى الرغم من ذلك فالأموال تبخّرت، هناك مبلغ وقدره ١٠ ملايين دولار لم يعرف أين صُرف. أما برامج وزارة الاقتصاد فتحتاج إلى قروض لدعم المواطن اللبناني.
ويتوقف عند استخدام لبنان لأموال حقوق السحب الخاصة الـ sdr التي حولها صندوق النقد الدولي وصرف مبلغ ٩٠٠ مليون دولار من أصل مليار ومليون دولار. ويكرر القول أن الدولة قائمة على طلب المساعدات والقروض وتعمد إلى صرف الأموال يميناً ويساراً وهذا وضع سيئ، لأنّ المطلوب إعادة هيكلة الاقتصاد وتحريك القطاعات الإنتاجية من أجل تأمين إيرادات في المستقبل.
قد يكون من باب التكهن القول أنّ البنك الدولي يدرك حجم المخاطرة في تسديد لبنان للقروض لكنه ربما يراهن على تغيير النهج القائم، أما الوقائع فتفيد أن المسؤولين يراهنون على المجهول حتى وإن كانت هناك ضرورة للقروض من أجل البقاء فقط.