ثنائيّة الرياض- طهران والمسارات المستقبليّة!


أخبار بارزة, خاص 6 حزيران, 2023

بقدر ما ينجح التفاهم السعودي- الإيراني وتتلاحق خطوات بناء الثقة بينهما وتترجم في حلول سياسيّة لمعضلات عديدة في اليمن وسوريا ولبنان والعراق وسواها من الملفات، بقدر ما تتضرّر إسرائيل وتتأخر رهاناتها بتطبيع سريع مع باقي الدول العربيّة من دون حل القضيّة الفلسطينيّة التي تبقى القضيّة المركزيّة.


كتب رامي الريّس لـ “هنا لبنان”:

أعلنت طهران عن الاستعداد لإقامة مناورات بحريّة مشتركة مع المملكة العربيّة السعوديّة بالإضافة إلى ثلاث دول خليجيّة هي قطر والإمارات العربيّة المتحدة والبحرين وكل من الهند وباكستان.

بمعزل عن “الطابع الجماعي” للمناورة العسكريّة البحريّة، إلّا أن ثنائيّة الرياض- طهران تستدعي الاهتمام لا سيّما أنها تأتي بعد الإتفاق الذي وُقّع برعاية الصين منذ بضعة أشهر والذي لا تزال مفاعيله غير واضحة تماماً باستثناء الخطوات التطبيعيّة المتسارعة بين البلدين والتي شملت زيارات متبادلة وإعادة تفعيل العلاقات الدبلوماسيّة التي كانت مقطوعة وسوى ذلك من الخطوات اللاحقة.

وبمعزل عمّا إذا كانت طهران سوف تلتزم تماماً بمضمون الإتفاق وتوقف تدخلها المباشر في عدد من الساحات العربيّة، وهذا الأمر قد لا يتحقق بسهولة؛ إلا أنّ مجرّد حصوله ساهم بإعادة خلط الأوراق في المنطقة خصوصاً بعد اتفاقات “أبراهام” التي وُقعت في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وأدّت إلى إطلاق أوسع خطوات تطبيع بين عدد من الدول العربيّة وإسرائيل.

بقدر ما ينجح التفاهم السعودي- الإيراني وتتلاحق خطوات بناء الثقة بينهما وتترجم في حلول سياسيّة لمعضلات عديدة في اليمن وسوريا ولبنان والعراق وسواها من الملفات، بقدر ما تتضرّر إسرائيل وتتأخر رهاناتها بتطبيع سريع مع باقي الدول العربيّة من دون حل القضيّة الفلسطينيّة التي تبقى القضيّة المركزيّة.

لقد بيّنت الدعاية الإسرائيليّة القائمة على فكرة تسريع التطبيع مع الدول العربيّة وفي الوقت ذاته الإهمال التام لقضيّة فلسطين أنها مجرّد مسار معاكس لحقائق التاريخ والجغرافيا، وأنها مهما حاولت إشاحة النظر عن معالجة تلك القضيّة عبر إعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة، لن تتمكن من تغيير المسار الصحيح وأنها لن تتمكن من “القفز” فوق تلك الحقوق.

إن الحيويّة التي لا يزال الشعب الفلسطيني يتمتّع بها في مواجهة الاحتلال رغم مرور ٧٥ عاماً على “النكبة” وإصراره على عدم التراجع عن تلك الحقوق مهما تبدلت الظروف والمعطيات، ولو بقي وحيداً وأعزل تماماً، تؤكد أنه في نهاية المطاف لا بد أن يصح الصحيح وأن ينال هذا الشعب الصامد حقوقه المشروعة.

لذلك، يبدو أي حراك سياسي في منطقة الشرق الأوسط خارج الدائرة الإسرائيليّة هو حراك ذو فائدة كبرى على مستوى إعادة رسم موازين القوى الإقليميّة، حتى ولو لم تتقاطع الرؤى السياسيّة والاستراتيجيّة تماماً في المرحلة المقبلة واختلفت المسارات بشكل أو بآخر. لكن يبقى التلويح لإسرائيل بأنّ أهدافها الاستراتيجيّة لم تتحقق وأنّ مسيرتها في طمس الحقائق التاريخيّة وتزويرها وإعادة تركيبها وفق معطياتها المصلحيّة الفئويّة الحاقدة لا يمكن أن يُكتب لها النجاح.

ثمّة مصلحة أكيدة في تحصين الاتفاق السعودي- الإيراني، ولعل الطريق الأقصر والأسرع لذلك هو بتنفيذ بنوده دون إبطاء أو مماطلة أو تسويف، مقصود أم غير مقصود.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us