مؤشر الدول الأكثر بؤساً في العالم… لبنان في المراتب الأولى
احتلّ لبنان المرتبة الثانية عربياً والرابعة عالمياً على مؤشر البؤس العالمي الذي يقوم برصد الوضع الاقتصادي للدول، وعلى أساسه يتم تحديد مستوى معيشة مواطنيها.
كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان”:
الأزمات المتراكمة التي حلت على لبنان في السنوات الأخيرة قلبت حياة اللبنانيين رأساً على عقب بدءًا من كورونا وصولاً إلى الأزمات المعيشية الخانقة التي سرقت كل آمالهم وطموحاتهم حتى أصبح 74% منهم يعيشون فقراً، وخسرت مداخيلهم القدرة الشرائية، وفي النتيجة تحوّل الشعب اللبناني إلى واحد من أتعس شعوب العالم.
ووفقاً لمؤشر البؤس العالمي الذي يرصد أوضاع التعليم والصحة ودخل الفرد في كل دولة، تواجه أربع دول عربية ظروفاً اقتصادية صعبة جعلتها ضمن أكثر 7 دول بؤساً في العالم في 2022.
ومن بين الدول الأربعة جاءت ثلاث دول ضمن الخمس الأكثر بؤساً في العالم، وجاءت الدولة الرابعة في المرتبة السابعة، حسبما تشير إحصائيات موقع “ستاتيستا” الأمريكي.
واحتلت سوريا المرتبة الأولى عربياً والثالثة عالمياً، أما لبنان فاحتل المرتبة الثانية عربياً والرابعة عالمياً فيما احتلّ السودان المرتبة الثالثة عربياً والخامسة عالمياً واليمن جاء في المرتبة الرابعة عربياً والسابعة عالمياً.
ويقوم مؤشر البؤس العالمي برصد الوضع الاقتصادي للدول، وعلى أساسه يتم تحديد مستوى معيشة مواطنيها معتمداً في ذلك على معدلات البطالة، حجم ديون الدولة، مستوى التضخم مقابل دخل الفرد، متوسط عمر الأفراد، مستوى التعليم والخدمات الصحية، الدخل القومي للدولة.
الخبير الاقتصادي البرفسور بيار الخوري يرى في حديثه لـ “هنا لبنان” أن “مؤشر البؤس يحتاج للتدقيق عندما يطال الأمر لبنان، لاعتماده على الأرقام الرسمية المتداولة أو الأرقام الناتجة عن المؤسسات الدولية، لافتاً إلى أنّ كل الأرقام الصادرة مؤخراً لا تخلو من الفوضى والعشوائية في التصنيف خصوصاً بعد الأزمة الاقتصادية”.
ويشير إلى أنّ “لبنان وفي الأساس لديه نقص في قواعد المعلومات الوطنية إضافة إلى تضارب التقديرات التي قامت بها المؤسسات الدولية والمؤسسات المحلية بعد الأزمة، اليوم لا يتفق حتى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي على رقم واحد لناحية نسبة النمو وحجم الناتج حيث هناك تقديرات لحجمه تفوق تماماً أرقام المؤسسات الدولية”.
ويشدد الخوري على ضرورة “أخذ فوضى الأرقام الصادرة بالنسبة للبنان بتحفظ كي لا نتعرض لمؤشرات غير دقيقة”.
ولا ينكر أن مؤشر البؤس في لبنان قد ارتفع بطريقة واسعة منذ بداية الأزمة، متسائلاً: “لكن هل يصحّ وضعه على القائمة قبل السودان واليمن؟ برأيي الشخصي أشكك في هذه الأرقام خصوصاً وأن لبنان لديه مصادر دعم اقتصادي قد لا تكون قائمة في حسابات الناتج بل في حسابات التحاويل مما ينتج نوعاً من المناعة المجتمعية تجاه عناصر البؤس الاقتصادي”.
من هذا المنطلق يفضّل الخوري الاتجاه نحو مفاهيم الفقر المتعدد الأبعاد، كونه يمكّننا من فهم وضع لبنان بصورة أدق ويغطي جميع الجوانب الاقتصادية والاجتماعية وعدالة إتاحة الفرص للمواطنين للمشاركة في الاقتصاد وصناعة إنتاجهم الخاص. فالفقر المتعدد الأبعاد هو دائماً المؤشر الأشمل وينطبق تماماً على لبنان.
إذاً، لبنان الثاني على قائمة البلاد الأكثر بؤساً في العالم رغم معارضة البرفسور الخوري مع هذا التصنيف فماذا عن رأي علم النفس؟
من جهتها تقول المعالجة النفسية سهام رمضان لـ “هنا لبنان” أن لبنان “صنف منذ منتصف القرن التاسع عشر، بأتعس دولة من بين أول سبع دول في العالم، وهنا لا بدّ من التوقف عند هذا الإنجاز الذي حققه لبنان على مستوى عالمي من البؤس والتعاسة، ولا بد أنه استحق هذا المركز عن جدارة، بفضل مسؤوليه وسياسييه، والتعاسة بمعنى حياة الشقاء والحرمان وسوء الحظ والحال”.
وترى أنه “وبحسب حالات معظم المرضى الذين يزورون عيادات الطبيب النفسي والذين يعانون من القلق والإحباط والاكتئاب بسبب أوضاعهم المعيشية والاقتصادية لاحظنا ارتفاعاً في نسب البؤس والتعاسة لدى اللبنانيين ما أثر على نمط حياتهم ومعيشتهم فأصبحوا يتوجهون إلى طلب الاستشارة النفسية أكثر، رغم أن كثيراً منهم يجدون صعوبة في ذلك بسبب أوضاعهم المادية”.
وتتابع: “على اختلاف باقي الخدمات الصحيّة، زاد الطلب بشكل واضح على خدمات الصحة النفسية، كما أكّد أكثر من طبيب ومعالج نفسي، وارتفعت كلفة المعاينة والعلاجات الدوائية التي لا تغطيها الجهات الضامنة. ولم ينجُ قطاع الصحة النفسية من تأثيرات الأزمة اللبنانية، فزيادة الطلب على المساعدة يُقابلها عدم قدرة مالية على تحمّل تكاليف الجلسات النفسية والأدوية التي تختلف بين عيادة وأخرى، إلّا أنّها تبقى بالنسبة إلى فئة كبيرة من اللبنانيين مرتفعة”.
وعن طرق مساعدة اللبنانيين لتخطي هذه الأزمة تلفت رمضان إلى “ضرورة تحقيق تعافٍ محوره المواطن يعيد سبل العيش المستدامة للشعب اللبناني، وتعزيز العدالة الإجتماعية للجميع، ويضمن المشاركة في صنع القرار”.
إضافة إلى “إعادة بناء الأصول والخدمات والبنى التحتية الحيوية التي تتيح للجميع إمكانية متساوية للحصول على الخدمات الأساسية الجيدة وتهيئة الظروف الملائمة للتعافي الاقتصادي المستدام”.
وأخيراً، “تنفيذ الإصلاحات اللازمة للقطاعات كافة للمساعدة على استعادة ثقة المواطن في المؤسسات الحكومية من خلال تحسين أنظمة الحوكمة”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تأمين الدم للمرضى…رحلة بحث شاقة وسعر الوحدة فوق الـ 100 دولار | بيوت جاهزة للنازحين.. ما مدى قانونيتها؟ | قائد الجيش “رجل المرحلة”.. التمديد أو الإطاحة بالـ1701! |