بين التهويل والتغيير
تكمن المشكلة في لبنان في أن هناك فريقاً لا يقبل بأنّ السلطة التي فرضها بحكم الأمر الواقع وقوة السلاح ورسم مسارها أضحت في وضع يمكن أن تتفلت من بين يديه بنسبة أو بأخرى وهذا ما لا يريده بتاتاً وقد لا يسمح به أيضاً
كتب بسام أبو زيد لـ “هنا لبنان”:
لن يفيد التهويل والتوتير السياسي في شيء، فالتغيير في الأداء السياسي على مستوى لبنان أصبح أمراً حتمياً وعلى الجميع أن يتعاطوا معه وفق عقل بارد وتقبل للنتائج، لأن العمل بعكس ذلك هو الذي قد يفجّر البلد.
في الانتخابات الرئاسية اليوم ليس هناك من عزلٍ لفريق من قبل فريق آخر، بل إنّ هناك تقاطعاً سياسياً جمع قوى كانت على خلاف واتفقت على مرشح رئاسي ليواجه مرشحاً آخر فأين المؤامرة في هذا الموضوع؟ هل أصبح الترشيح أو الترشّح للانتخابات عملاً من أعمال العدو؟ وهل تكون انتخابات من دون مرشحين؟ وهل نزاهة الانتخابات تقضي بفرض مرشح واحد من أي جهة كان يتم انتخابه بنسبة ٩٩%؟
تكمن المشكلة في لبنان في أن هناك فريقاً لا يقبل بأنّ السلطة التي فرضها بحكم الأمر الواقع وقوة السلاح ورسم مسارها أضحت في وضع يمكن أن تتفلت من بين يديه بنسبة أو بأخرى وهذا ما لا يريده بتاتاً وقد لا يسمح به أيضاً ولذلك يضع هذا الفريق كل تحرك لأخصامه السياسيين في خانة محاولات عزله والتآمر عليه وكأن العمل السياسي يفترض أن يكون منحصراً فقط في خياراته وتوجهاته، ولكن اللعبة الأخطر في هذا الإطار هي عملية التخوين الدوري والتي تلصق بمعارضيه تهمة العمالة لإسرائيل والأميركيين والعرب.
إنّ من مفارقات العمل السياسي لهذا الفريق هي دعوته المستمرة للحوار والتفاهم ولكن على وقع الوعيد والتهديد ولذلك ترفض دعوات الحوار لأنها معروفة النتائج مسبقاً وهي فقط من أجل ذرّ الرماد في عيون الرأي العام للقول بأننا حاولنا ولم نفلح ولذلك سنبقى على فرض خياراتنا وسياساتنا التي تتناقض في شكلٍ كلّي مع أي مفهوم للديمقراطية، فكيف يمكن الركون لفريق أدخل إلى المفاهيم السياسية اللبنانية أنّ تعطيل انتخابات الرئاسة والتسبب بالشغور في موقع رئاسة الجمهورية وما ينجم عن ذلك من تداعيات سلبية على البلاد والعباد هو عمل ديمقراطي ودستوري؟
إنّ تغيير هذا المفهوم لدى هذا الفريق يحتاج إلى تغيير في الذهنية والأداء، ففي البداية يفترض به تقبل الآخر ولو كان معارضاً لسياساته، ويفترض به أن يتقبل الخلاف حتى مع حلفائه ولو وصل الأمر إلى حدّ الطلاق، فالفريق القوي سياسياً ولدى الرأي العام لا يخشى من تغيرات سياسية بل يحاول تجييرها لمصلحته وإظهار هشاشتها، فالقوة في السياسة لا تنبع من قوة عسكرية يخشاها الناس لفترة بل من مشروع بناء دولة القانون والسيادة وعدا ذلك لن يدوم.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تنفيذ ١٧٠١ محكوم بقرار “الحزب” | يحقّ لنا أن نسأل | رابطة الدم في الجيش أقوى من كل الروابط |