بعد هدم جزء من الدرج التاريخيّ في عاليه… هل تصنّفه المديريّة العامة للآثار درجاً تراثياً؟!
انقسم أهالي عاليه بين مؤيّدٍ لموقف المجلس البلدي بهدم جزء من الدرج العام التراثي وبين معارضٍ لهذا القرار.
كتب أنطوني الغبيرة لـ “هنا لبنان”:
تُعتبر عروس المصايف “عاليه” من أجمل المناطق اللبنانيّة السياحية، وتكثر فيها المنازل التقليديّة والشوارع التراثيّة. غير أنّه ومع بداية شهر حزيران الحالي إنقسم أهالي المنطقة بين مؤيّدٍ لموقف المجلس البلدي بهدم جزء من الدرج العام التراثي في شارع البيسين كما أسمته البلديّة بسبب وقوعه في عقارٍ خاص، وبين معارضٍ لهذا القرار.
وأمام هذا الشرخ الحاصل، كيف تعاطت الجهات المسؤولة مع هذه القضيّة؟
الناشطة في حملة “أوقفوا هدم أدراج عاليه” المحامية زينة جابر أفادت في حديث خاص لـ “هنا لبنان” أنّه منذ سنتين تكلّم جيران العقار الخاص الذي يحمل الرقم 5219 المُحاذي للدرج التراثي عن إستعداد أصحاب العقار لإقامة مشروع فيه، وبعد المراجعة نفت البلدية إقامة مشروع مع ضمان عدم تغيير شكل الدرج الذي هو تراثي وليس أثرياً والقانون يفرّق بين الإثنين، ولكنّه يحمي الإثنين أيضاً.
وأكملت: “منذ نحو أسبوعين عاد الجيران وأبلغونا البدء بالأعمال وهدم جزء من الدرج، فتوجّهنا بكتاب اعتراض سجل رسمياً في البلدية ولم يتمّ التواصل معنا من قبلها؛ وتقدمنا بشكوى أمام القائمقاميّة التي يحقّ لها بالقانون توقيف أعمال البلدية؛ وقدّمنا عريضة لتوقيف الأعمال وبتّ الجهات المختصة بالموضوع”.
بحسب جابر، لم تأخذ البلديّة الكتاب بعين الإعتبار، رغم اطّلاع إثنين من أعضائها على الإعتراض قبل تسجيله، أمّا القائمقام فقد اعتبرت أنّها أخلاقياً لا تستطيع توقيف قرار بلديّ.
من جهته اعتبر مفوّض الثقافة السابق في الحزب التقدمي الإشتراكي فوزي بو دياب وخلال مُتابعته للموضوع، أنّ مسألة الدرج لم تُحسم باعتباره درجاً عثمانياً! مؤكّداً أنّه تراثي فقد مرّ على بنائه نحو خمسون عاماً. مُشيراً إلى حسم الأمر منذ أيام بين وزارة الثقافة ومديرية الآثار ومديرية الأشغال، واعتبار الدرج لا يعود إلى الحقبة العثمانيّة وعلى الأرجح قد تمّ البدء ببنائه خلال تلك الحقبة أو طريقة البناء هي وفق التقليد العثماني لكن ليس ضمن تلك الحقبة.
وأضاف: “هذا لا يعني أننا نسمح أو نوافق على إزالته؛ القرار لم يصدر بإزالة الدرج. فقد حصلت بعض الإنهيارات نتيجة أعمال حفر في أملاك خاصة مُلاصقة له، وجرت الإتصالات بالبلدية وبمديرية الآثار وبوزارتي الثقافة والأشغال وشُكّل وفد كشف على الدرج ولم يصدر بعد تقرير نهائي بهذا الأمر”.
مؤكّداً على قرار قاضية الأمور المُستعجلة التي أعطت للبلديّة الموافقة بالاستمرار بالعمل. اليوم هناك تريّث بهذا الأمر لمعالجة هذه القضيّة بما يحمي ويحافظ على التراث. وأثنى بو دياب على حرص البلدية على حماية التراث والبنيان القديم وتجلّى ذلك بمشاريعٍ عديدة تعاونت بها مع وزارة المهجرين في إعادة إحياء السوق القديم وفق التقليد الذي كان فيه، وغيرها من المشاريع.
خاتماً أنّ اليوم الموضوع بحالة تريّث، ومُتابعة دقيقة وستتمّ المعالجة بشكل يحافظ على جمالية ومكانة الدرج وبنفس الوقت لا يعيق أعمال البناء بالأملاك الخاصة، آملاً أن تصل الأمور إلى ختامها ولمصلحة الجميع.
وقد أشارت جابر إلى قيام مجموعة من المُدافعين عن أدراج عاليه، السبت الفائت بتحرّك ميداني لإيصال الصوت، فتوجهت شرطة البلدية وحاولت قمع هذا التحرك؛ والإدعاء لا يزال رهن التحقيق الذي لم ينتهِ، والمفاوضات لا تزال قائمة.
وأكّدت: “الإثنين الفائت وجّهنا كتابين لمديرية العامة للآثار ونقابة المهندسين سجّلاً رسمياً، وبعد كشف المديرية ومبادرة نقيب المهندسين وافقت البلدية التي لن تتراجع عن قرارها بتغيير شكل الدرج الجديد بما يتلاءم مع الطابع العام والنسيج العمراني المتواجد في عاليه، مع الإشارة إلى أنّ المصلحة العامة بعدم هدم الدرج القديم أهمّ من المصلحة الخاصة”.
جابر أوضحت أن الطلب الذي قدّم للمديريّة هو بحماية جميع الأدراج والأبنية التراثية في عاليه وإدراج المنطقة على لائحة الجرد العام، وأثنت على تجاوب المديرية بالحفاظ على الشكل التراثي للمنطقة كي لا تتحول إلى ضاحية إسمنتيّة للمحافظة على نسيجها وهويتها الأساسية.
تجدر الإشارة إلى أنّنا تواصلنا مع مدير عام المديريّة العامة للآثار، غير أنّ عطلة عيد الأضحى والروتين الإداري بأخذ موافقة وزير الثقافة حالا دون حصولنا على رأي الإدارة.
ننتظر اليوم القرار الذي سيصدر عن الجهات الرسميّة؛ فهل سيكون مُرضياً للجميع كما تظهر التوقعات أو أنّه سيرضي مصالح معيّنة على حساب مصالحٍ أخرى!