مهمة لودريان تتعثر…وقطر على خط اتصالات جديدة
لقد فشلت فرنسا في إرضاء الحزب ومن خلاله إيران لتسهيل انتخاب رئيس، لذلك لم تكن باريس متحمسة “للتدابير” التي اقترحتها قطر والسعودية تجنباً للتصعيد.
كتب فيليب أبي عقل لـ”هنا لبنان”:
أكّدت خماسية باريس خلال اجتماعها في الدوحة في 17 الجاري، أنّ انتخاب الرئيس مؤجل إلى موعد غيرمحدد ،بسبب غياب التوافق الإقليمي، وبسبب الانقسام بين القوى السياسية، وذلك وفق ما نقل الحاضرون للمبعوث الفرنسي جان إيف لودريان.
ورغم التباين بين الأعضاء شدّد البيان على مسلمات وثوابت باستعجال انتخاب رئيس وفق الدستور وتأجيل الحوار إلى ما بعد الانتخاب، والتأكيد على السيادة والاستقلال والالتزام بقرارات الشرعية الدولية والعربية، واتخاذ إجراءات (عقوبات) بحق المعرقلين
.لم يتمّ التطرق في الاجتماع إلى الأسماء، وحدها مصرعرضت اسم قائد الجيش العماد جوزف عون كمرشح وفاق كما تردد، إلاّ أنّ الحاضرين حددوا مواصفات الرئيس: أن يكون، نزيهاً، يوحد البلاد، ويضع مصالح الدولة فوق كل اعتبار، وأن يشكّل ائتلافًا واسعاً وشاملاً لتنفيذ الاصلاحات المطلوبة.
لقد تريّث الثنائي الشيعي في تحديد موقف من البيان الذي “حشره بأن أسقط مشروعه لمصلحة المرشح الثالث، مع سقوط المعادلة الفرنسية وسقوط الحوار قبل الانتخاب”.
فردّ الثنائي بالتمسك بمرشحه، وأبدى حزب الله عدم رضاه عن البيان ووصفه بأنّه “وصاية جديدة” على لبنان، وردّ بالقول “ما بيصير إلّا متل مابدنا، لإيصال مرشحنا سليمان فرنجيه وإلاّ…”.
إنّ غياب إيران عن الخماسية بعد رفض أعضائها تحويلها سداسية، يدفع الحزب إلى التصعيد والتوتر السياسي خصوصاً بعد سقوط مبادرة فرنسا، وإجهاض مهمة لودرريان،كما تقول المعارضة. فبات ملف الاستحقاق مرتبطاً بالملف النووي.
لقد فشلت فرنسا في إرضاء الحزب ومن خلاله إيران لتسهيل انتخاب رئيس، لذلك لم تكن باريس متحمسة “للتدابير” التي اقترحتها قطر والسعودية تجنباً للتصعيد.
ولقد أزعج ما حصل في الدوحة الحزب، ما قد يدفعه إلى التشدّد في التمسك بمرشحه، فلا رئيس إلاّ مرشح الحزب، كما تقول أوساط سياسية قريبة من الضاحية. إلى ذلك لقد وضعت الدوحة مصير مهمة لودريان في مهب الريح، فلا حلّ الاّ بتدخل خارجي، قالها لودريان في الاجتماع عندما عرض نتائج اتصالاته.
ويبقى السؤال عن الآلية التي ستعتمدها الخماسية لإنجاز الاستحقاق،عندما تنضج الطبخة خارجيا، بعدما تبيّن أنّ لا اتفاق بين الأعضاء على أجندة ورؤية واحدة.
يرى الحزب في بيان الدوحة صياغة سعودية أميركية لاسيّما البند المتعلقة بـ”التدابير” التي طرحتها قطر ووافقت عليها السعودية وأميركا، ما يؤشر إلى دخول فاعل لقطر إلى جانب فرنسا على الملف لتقريب وجهات النظر.
وفي موقف لافت أكّدت الخماسية رفضها طلب الثنائي عقد حوار للاتفاق على رئيس، فالحوار يقوده رئيس البلاد وليس سواه، ولذلك يفترض انتخاب رئيس، ولن يتم تكرار حوار 2006 في مجلس النواب بدعوة من الرئيس نبيه برّي، لانّه أمّن الغطاء للمقاومة من دون أن ينفذ أيّ من القرارات التي اتخذتها الهيئة في حينه، خصوصا إلغاء السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وفق أوساط قواتية .
في هذا السياق تتخوّف أوساط دبلوماسية من سخونة اقتصادية تترافق مع عمليات أمنية تستهدف الأمن الاجتماعي، على سبيل المثال ما حصل في الشياح وغيرها من المناطق من نماذج واضحة لاهتزاز الأمن الاجتماعي إضافة لتخوّف من انفجار شعبي.
وفي سياق الحديث عن انتخابات الرئاسة تسأل أوساط في المعارضة عن أرانب الرئيس برّي ولماذا لم يخرج أحدها من قبعته بعد بدل الدعوة إلى الحوار؟
تقول أوساط في المعارضة إنّ موقف بري يتماهى مع موقف حزب الله. هنالك توقعات لحصول خضّة كبيرة في البلاد بعدها يتم انتخاب رئيس “على نار حامية”.
إنّ شهرآب هو شهرساخن، مالياً، اقتصادياً سياسياً، وأمنياً، وفق أحد المراقبين مع خروج رياض سلامه من المشهد المالي بانتهاء ولايته، إلاّ إذا نجحت المساعي في تدارك التداعيات المالية وتأمين انتقال هادىء في المركزي.
في هذا السياق، يتخوّف سياسي معارض من حصول حال من الفلتان والفوضى لأنّ لا مرجعية في الدولة، والدولة تسير بغياب مسؤولين وبدون ضوابط وفرامل.
من جهتها تسعى المعارضة إلى مراكمة الخطوات لواقع سياسي جديد، ورفض مرشح الثنائي والحوار وأجندة حزب الله مهما كان الثمن.
إنّ الثنائي يستنجد بالخارج لإيصال مرشحه لذلك فهو مقيّد بـ”حل إقليمي”، ويتممسك بمرشحه. تقول أوساط قواتية “لا بد من بلورة إرادة لبنانية تقف بوجه مخطط حزب الله ومرشحه”.
واعتبرت الأوساط، مبادرة الحزب بالحوار مع التيار، ردّاً على قيام تقاطع المعارضة، وإضعافها من خلال إبعاد التيار عنها.
فالحزب وفق الأوساط هو من بادر بالخطوة لأنّه محرج ومأزوم، ويريد أن يبقى التيار في محور المقاومة يؤمن لها الغطاء المسيحي ويضعف المعارضة. في المقابل فإنّ باسيل الذي شعر بحاجة الحزب إليه رفع سقف شروطه بالمطالبة بالتخّلي عن فرنجيه، ليعيد النظر في شروطه.
فباسيل وفق الأوساط يعرف خطورة وصول فرنجيه إلى بعبدا على التيار الذي سيكون مستهدفاً من قبل برّي في محاولة للإطباق على مستقبل التيار السياسي ورئيسه.
ختاماً، إنّ انتخاب الرئيس استحقاق وطني لا يجوز ربطه بأجندات خارجية ووضعه تحت عنوان كباش ماروني شيعي. إنّ الرئيس لكل لبنان، وفق الأوساط.
مواضيع مماثلة للكاتب:
“الغرب” يريد فصل لبنان عن غزّة | بلينكن يخفق في إقناع إسرائيل بالحل.. وهوكشتاين يستطلع أفق المرحلة لبنانياً | باسيل يعد خطّة “انقلابية” تقطع طريق انتخاب عون |