تحذير للبنانيين: إعلانات توظيف وهمية على “السوشيل ميديا” لاصطيادكم!
“سماسرة” شركات التوظيف الوهميّة وجدوا لأنفسهم بيئة حاضنة في لبنان مستفيدين من واقع اقتصادي مهترئ وهشّ.
كتبت ناديا الحلاق لـ”هنا لبنان”:
بعد الأزمة الاقتصادية التي ألمّت بالبلاد ارتفعت نسبة البطالة إلى ما فوق الـ 29.6% وانعدمت القدرة الشرائية للمواطنين وأصبح 1.5 مليون منهم تقريباً تحت خط الفقر، فلجأوا مدفوعين بيأسهم وضيق أحوالهم إلى المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي للبحث عن عمل دون أن يضعوا في الحسبان مخاطر تلك الخطوة.
فقد ساهم ذلك في تأسيس شركات التوظيف الوهمية وإعلاناتها المغرية التي استطاعت أن توقع الراغبين في الحصول على وظيفة في شباكها، لجمع الأموال بطرق ملتوية، ولا شك أنّ “سماسرة” هذه الشركات وجدوا لأنفسهم بيئة حاضنة في لبنان مستفيدين من واقع اقتصادي مهترئ وهشّ.
لم يكن طارق (اسم مستعار وهو صحافي لبناني يعمل لحسابه مع مؤسّسات إعلامية عدة) يعلم أنّه سيكون ضحية سهلة الافتراس في سوق العمل الوهمية، ولم يكن يعرف أنّ الظروف الصعبة وغلاء المعيشة ستجعله يمتهن البحث في إعلانات التوظيف عبر مواقع التواصل الاجتماعي يوماً.
يتحدث طارق لـ “هنا لبنان” عن تفاصيل قصّته مع إحدى شركات التوظيف الوهمية التي قرأ عنها عبر تطبيق “لينكد إن”، عبر إعلانات “رنانة” تطلب صحفيين ومحررين للعمل عن بعد، فلم يتردد في تقديم طلبه للوظيفة الشاغرة، وبعد أسبوع تلقى بريداً إلكترونياً بقبوله للانضمام إلى فريق عمل الشركة، شرط أن يملأ استمارة ببياناته الشخصية بما فيها رقم حساب بطاقته المصرفية كي يتمّ سحب المبلغ المحدّد لقاء عرض ملفّه الشخصي على المنصة الخاصة بالشركة ويتمكن من التواصل مع العملاء الذين يبحثون عن موظفين”.
شكاوى عديدة رصدها “هنا لبنان” عن هذه الشركة في لبنان والعالم العربي، وعن كمية الإعلانات الهائلة التي تنشرها يومياً دون أن نسمع بعملية توظيف فعلية واحدة، ما وضع علامات استفهام عديدة حولها ودفع المتقدمين لطلب التوظيف إلى السؤال عن طبيعة عمل هذه الشركة وسبب المبالغة في حملاتها الإعلانية للوظائف.
في هذا الإطار، يرى المستشار في شؤون تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عامر طبش في حديثه لـ “هنا لبنان” أنّ “لسوق العمل متطلبات عديدة أهمّها ضرورة وجود إدارة شؤون موظفين التي تعنى بأمور التوظيف، فعندما يتقدم المواطن لوظيفة ما أوّل ما يجب التركيز عليه هو مدير الشركة أو الشخص المسؤول عن التوظيف، كي تبنى الثقة بين الطرفين ويحمي المتقدم للوظيفة نفسه من عمليات النصب والاحتيال”.
ويضيف: “عمليات التوظيف التي تتم عبر مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت معظمها وهمية حيث يتم من خلالها نشر الإعلانات بغية جمع الأموال، فتطلب الشركة المعلومات الخاصة بالمتقدم للوظيفة وبالبطاقة المصرفية الخاصة به كي تعزز ثقته بها، كما تعتمد أسلوباً جاذباً واحترافياً لزرع الأمل لدى كل من يرغب في الحصول على وظيفة وعادة ما تكون أهداف هذه الشركات متعددة الأبعاد”.
ويتابع طبش: “قد يكون لهذه الشركات الوهمية أبعاد عسكرية وأمنية وسياسية، وقد تكون وسيلة لتجنيد عملاء لصالح دول معينة مثل إسرائيل، أو طريقة لاستدراج الأشخاص إلى خارج لبنان وتدريبهم من ثم إعادتهم لغرض ما”.
ويلفت إلى أنّه “يمكن تصنيف هذه الأعمال ضمن خانة العمل الاحتيالي والإجرامي المنظم حيث أصبحت رائجة مؤخراً على تطبيق “تيك توك” الذي يعتمد أساليب ملفتة للأنظار كما وأن والمبالغ التي تطلبها هذه الشركات مقابل الحصول على وظيفة، عادة ما تكون مناسبة لمختلف طبقات المجتمع ما يدفع المتقدمين للوظيفة إلى المجازفة وخوض التجربة”.
ويعطي مثالاً: “إذا رضخ 100 شخص لعرض هذه الشركات تكون أهدافها المرجوة قد تحققت”.
ويشير طبش إلى أنّ “بعض مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت ضحايا لإعلانات الشركات الاحتيالية، فالشركة التي تملك رقماً تجارياً أو علماً وخبراً في بلد ما، تستخدم شركات أخرى كي تشتري الإعلانات على “السوشال ميديا” وبالتالي تكون عملية الاحتيال ليست فقط على المتقدم للوظيفة بل أيضاً على وسيلة التواصل الاجتماعي نفسها”.
ويقول: “جميع دول العالم معرضة لهذا النوع من الاحتيال، هناك بلدان متقدمة تقنياً ولديها الوعي الكافي لإدخال التشريعات والقوانين لحماية مواطنيها أما لبنان فيفتقر لذلك في ظل غياب الدولة ومؤسساتها”.
ويتمنى طبش على كل مواطن أن يكون لديه مسؤولية اجتماعية ويقوم بالتبليغ عن أيّ إعلان مشبوه تمّ نشره على مواقع التواصل الاجتماعي لحماية نفسه وحماية الآخرين”.
من جهته، يرى المحلل الاقتصادي د. طالب سعد أن الوضع القاهر والأزمات المتتالية التي يمر بها لبنان ولعل أسوأها انهيار العملة الوطنية وفقدانها لأكثر من 85% من قيمتها، وتدهور القدرة الشرائية حيث أن أكثر من 70 % من اللبنانيين أصبحوا عاجزين عن تأمين حاجاتهم المعيشية الأساسية، ما حوّل المجتمع إلى مجتمع استهلاكي، كلّ ذلك قتل آمال اللبنانيين ودفعهم للبحث عن أيّ فرصة عمل خارج لبنان، ما عرّض العديد منهم للاحتيال والابتزاز بسبب ضيق الخيارات المتاحة أمامهم. لذا ننصح كلّ المتقدمين لوظيفة ما التحقق من الشركة وطبيعة عملها قبل قبول عرض العمل وإرسال البيانات الشخصية تجنباً لأيّ عملية احتيال”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تأمين الدم للمرضى…رحلة بحث شاقة وسعر الوحدة فوق الـ 100 دولار | بيوت جاهزة للنازحين.. ما مدى قانونيتها؟ | قائد الجيش “رجل المرحلة”.. التمديد أو الإطاحة بالـ1701! |