الخدعة: جلسات مفتوحة أم دورات؟
تؤكد مبادرة الرئيس بري أن الممانعة مأزومة رئاسياً، وتؤكّد أكثر أنّ هذه الأزمة سيكون لها ترددات ونتائج في الداخل اللبناني.
كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان”:
زرع الرئيس نبيه بري حول مبادرته الداعية إلى الحوار، ألغاماً كثيرة. كعادته لم يترك شيئاً للمصادفات، واحتاط للآتي من الجلسات، سواء كانت مفتوحة أو مقفلة.
في المبادرة التي طرحها رئيس المجلس، الكثير من الأهداف والألغام، ويمكن على هامش هذه المبادرة التأكيد على الوقائع الآتية:
أوّلاً: تعتبر المبادرة نسبة إلى التوازنات الحالية، تراجعاً تكتيكياً، لم يكن رئيس المجلس مجبراً على القيام به، لولا تغير التوازنات، الداخلية والخارجية على وجه التحديد. فالمبادرة بالمعنى الموضوعي، تشكل خطوة كبيرة إلى الوراء، وهي تطمح إلى تراجع قوى المعارضة، والقبول بالجلوس على الطاولة، وهذا ما تعرفه المعارضة جيداً، وهي تعرف بناءً على المشاورات الداخلية، أنها حقّقت تقدّماً، لكن ليس حاسماً، وهي ستتّفق على صيغة للإجابة على مبادرة بري مفادها، عقد الجلسات والدورات المفتوحة، ولعبارة الدورات، تفسيرها الأكبر من أن يحصر في الزاوية التقنية.
ثانياً: يهدف رئيس المجلس من المبادرة، إلى ملاقاة واستباق جولة لودريان، بإحراج المعارضة، وتصويرها على أنها ترفض الحوار، كما يهدف لتعبيد الطريق أمام لودريان، كي يصر على رعاية الحوار، ذلك مع علم بري وكذلك الموفد الفرنسي، بأنّ الحوار قبل انتخاب الرئيس مرفوض بالمطلق، وبأنّ تحديد الجلسات والدورات الانتخابية التي تؤدي إلى الانتخاب، هو الطريق إلى وصول رئيس إلى بعبدا، يكون على عاتقه في الحكومة، أن يرعى حلولاً للمشاكل الكبرى، وأن تبدأ معه عملية الإصلاح والإنقاذ.
ثالثاً: تريد المبادرة أن تخرق الجدار الدولي والعربي المقفل بوجه مرشح الممانعة، هذا الجدار الذي تم تثبيته في بيان مجموعة الخمس في الدوحة، والذي يقف حجرة عثرة أمام استمرار الممانعة بهذا الترشيح، إلا إذا لجأت إلى استعمال العنف والاغتيال، وهذا ما تتحسّب له أكثر من جهة معارضة، وقد بدأت علاماته تظهر في اغتيال المسؤول القواتي الياس الحصروني، كإنذار أولي يوحي بإعادة افتتاح عصر التهديد الجسدي.
تؤكد مبادرة الرئيس بري أن الممانعة مأزومة رئاسياً، وتؤكّد أكثر أنّ هذه الأزمة سيكون لها ترددات ونتائج في الداخل اللبناني، لأن حزب الله بتمسكه بورقة بعبدا، إنّما يتمسّك بورقة لبنان ككل، التي تعتبرها إيران الورقة الأهم في تدعيم نفوذها الإقليمي.
لا شك أنّ طهران تعيد حساباتها في المنطقة. هي ثبتت الهدنة مع المملكة العربية السعودية، وتعمل على التخفيف من حدة التوتر، تحت سقف ترسيخ النفوذ. في الملف اللبناني تجد نفسها مع الإصرار على الإمساك بالملف كاملاً، أمام مأزق وعبثية الاستمرار بفرض مرشح رئاسي. هل ستعمد عبر ذراعها الأمنية إلى قلب المعادلة باللجوء إلى العنف؟ ليس الأمر مستبعداً، ولذا فإنّ أطرافاً بدأت تتّخذ إجراءات أمنية وقائية، تبعاً لهذا الانسداد.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل وهمي والحرب تتصاعد | لبنان على موعد مع أشهر صعبة | ترامب اللبناني |