إنتقال مبادرة الحل الرئاسي من فرنسا إلى قطر.. وهذا مفتاح التسوية الإقليمية!
وسط كل التشنجات السياسية والتصعيد الحاصل وفي ظل هذه الحوارات المنتظرة فإن الأيام المقبلة قد تحمل جملة سيناريوهات قد تؤدي إما إلى المراوحة أو إلى انتظار تسوية إقليمية يكون مفتاحها سلطنة عمان.
كتبت شهير إدريس لـ “هنا لبنان”:
انشغل لبنان الأسبوع المنصرم بزيارتين مهمتين لكل من المفاوض الأميركي آموس هوكشتين ووزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان وقد حملتا شكلاً ومضموناً العديد من الملفات والخفايا التي من شأنها أن تكون باباً لحلحلة الأقفال الموصدة وفتح الأبواب أمام معالجات جذرية للملف الرئاسي في لبنان نظراً لدور دولتي الزائرين في المنطقة وفي معالجة القضايا الشائكة ولجهة مشاركتهما في اللجنة الخماسية المعنية بالشأن اللبناني والتي تكثف نشاطها لإيجاد حل للأزمة اللبنانية.
لكن تبقى الأنظار متجهة إلى زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان وما ستحمله لجهة دعوته للحوار وأسئلته التي لم تلقَ أجوبة من معظم القوى السياسية والتي تأتي أيضاً على وقع دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى الحوار الذي لم يلقَ حتى الساعة قبولاً من قبل قوى المعارضة التي شنت هجوماً عنيفاً عليها مؤكدة رفضها ومقاطعتها. وبحسب مصادر ديبلوماسية عربية رفيعة لموقع “هنا لبنان” فإن زيارة لودريان لن تحصل قبل 15 أيلول الجاري وقد تكون الأخيرة له تحت مسمى “وداعية” بعد تراجع الدور الفرنسي وفشل الديبلوماسية الفرنسية في تحقيق أي خرق في ملف الإستحقاق الرئاسي وسقوط المعادلة الفرنسية، مشيرة إلى أن إسم المرشح سليمان فرنجية قد سقط مقابل إسم مرشح ثالث وصعود إسم قائد الجيش العماد جوزيف عون والوزير السابق زياد بارود، فيما الدور الفعلي سينتقل إلى الجانب القطري بتنسيق سعودي وبدعم من اللجنة الخماسية لقدرته على التواصل مع مختلف الدول الفاعلة في المنطقة والمنخرطة في مساعي حل الأزمة اللبنانية وأبرزها إيران، ولفتت المصادر إلى أن الحراك القطري قد بدأت ترجمته فعلياً مع وصول السفير القطري الجديد إلى لبنان الشيخ سعود عبد الرحمن بن فيصل آل ثاني وهو من عائلة أمير قطر وسفير فوق العادة مفوضاً في لبنان والذي سيكون له دور مهم في الأيام المقبلة، وقد ظهر ذلك جلياً في الحفاوة اللافتة لدى إستقباله في المطار وفي زيارته البروتوكولية الأولى إلى عين التينة ولقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري حيث تطرق البحث إلى الإستحقاق الرئاسي وما يحيط به. ومن المتوقع أيضاً أن تتزامن زيارة لودريان مع زيارة موفد قطري على غرار الموفد الأمني لوضع مسار جديد للأزمة الحاصلة وذلك بعد إجتماعات اللجنة الخماسية في الدوحة.
وبالعودة إلى الحركة السياسية الداخلية بإنتظار زيارة لودريان فإن قوى المعارضة تتحضر للمواجهة وترص صفوفها عبر إجتماعات مكثفة تحضيراً لخطوات جديدة، وأشارت مصادر قواتية وكتائبية لموقع “هنا لبنان” أنّ هناك مساعٍ وجهود وأفكار لتشكيل جبهة وطنية سيادية لمواجهة المشروع الآخر مشيرة إلى أنه لا بد من إنتفاضة وجودية عميقة ومن وجود نصاب وطني معارض لمواكبة النصاب النيابي المعارض من أجل إنتخاب رئيس للجمهورية. واعتبرت مصادر القوات والكتائب أن الكلام عن حملة تشن على البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي غير صحيح، لافتة إلى أن رأس الكنيسة المارونية يعبر عن أفكاره بالطريقة التي يراها مناسبة وفي موقفه من الحوار إلتزام بالدستور ومن هنا فإنّ المعارضة لا تذهب إلى الحوار إلا التزاماً بالدستور وليس رفضاً لمبدأ الحوار.
رئيس جهاز التواصل والإعلام في حزب القوات اللبنانية شارل جبور إعتبر أن من مصلحة الممانعة أن يكون هناك تناقض بين بكركي والقوى الحزبية السيادية المسيحية والدليل على ذلك أن هذه القوى أيدت مشروعين للبطريرك الراعي رفضهما الآخر وهما الذهاب الى مؤتمر دولي لحل القضية اللبنانية تجسيداً للقرارات الدولية واتّفاق الطائف إضافة إلى موضوع حياد لبنان، وأضاف: “على الرغم من التجارب السيئة لفريق الممانعة والذي لا يلتزم بأي شيء فإنّ الحوار بمعرض إنتخابات رئاسية لا يصح وفي حال ذهبنا إلى الحوار تتحول طاولة الحوار إلى مدخل للإنتخابات وليس إلى مجلس النواب الذي تتعطل وتنتهي عندئذ وظيفته”.
فيما أكدت مصادر كتائبية لموقعنا أن لا صحة لوجود خلاف مع بكركي حول كلام البطريرك عن الحوار ومن يقرأ خطابه جيداً يعرف مدى التزامه ودقته في إنتقاء عباراته وقد تم تفسير دعوته للحوار بطريقة مغايرة لمعناها.
من جهة أخرى بدأت ملامح حوار حزب الله والتيار الوطني الحر بالظهور إذ كشف نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن الحزب سلك طريق الحوار مع التيار الوطني الحر في سبيل إنتخاب رئيس للجمهورية مشيراً إلى لقاءات قريبة وجلسات نقاش بين وفدين من الحزب والتيار حول اللامركزية الإدارية الموسعة وكذلك النقاش بشأنها مع حركة أمل وغيرهم من المعنيين بالملف. فيما أكدت مصادر في التيار الوطني الحر أن الحوار مع حزب الله يسير بخطوات ثابتة وأن النائب جبران باسيل أبلغ الحزب بأنه يسير بالمشروع الذي قدمه الوزير السابق زياد بارود حول اللامركزية الإدارية والمالية مع تعديلات بسيطة عليه.
وسط كل التشنجات السياسية والتصعيد الحاصل وفي ظل هذه الحوارات المنتظرة فإن الأيام المقبلة قد تحمل جملة سيناريوهات تبدأ من نتائج زيارة هوكشتين وعبد اللهيان وزيارة حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري إلى المملكة العربية السعودية وصولاً إلى زيارة لودريان الأخيرة والحراك القطري المستجد، وجميعها قد تؤدي إما إلى المراوحة أو إنتظار تسوية إقليمية يكون مفتاحها سلطنة عمان.