تنظيم الوجود السوري إلى الواجهة مجدداً… “الداخلية” تتحرك والبلديات تتصدى باللحم الحي!
مؤخراً أصدرت وزارة الداخلية والبلديات تعميماً أوعزت فيه إلى المحافظين والبلديّات بتنظيم الوجود السوري في النطاق البلدي، وعدم تسجيل أي معاملة للنّازحين، والتحرك فورًا والعمل على إزالة أي من التعديات على البنى التحتية، والبدء بإجراء مسح شامل لكافة السوريين
كتبت يارا الهندي لـ”هنا لبنان”:
اثنا عشر عامًا ونيّف مرّت على الوجود السوري في لبنان، منذ دخول أول نازح سوري من تلكلخ السورية إلى عكار في أيار 2011، وقد تكبدت الدولة اللبنانيين منذ ذلك الحين ملايين الدولارات نتيجة تقاعسها عن تنظيم هذا الملف فضلاً عن الأعباء الاقتصادية التي لا تزال تتكبدها حتى اللحظة.
وقد صدرت تعاميم عدة في هذا الصدد وآخرها التعميم الذي أصدرته وزارة الداخلية والبلديات وأوعزت فيه إلى المحافظين والبلديّات بتنظيم الوجود السوري في النطاق البلدي، وعدم تسجيل أي معاملة للنّازحين، والعمل على إزالة أي من التعديات على البنى التحتية، والبدء بإجراء مسح شامل لكافة السوريين.
وكان قد سبق لعدد كبير من البلديات أن اتخذت إجراءات صارمة بهدف تنظيم الوجود السوري في محيطها، على الرغم من الإمكانات الضئيلة، وفي هذا الإطار يؤكد رئيس بلدية القاع المحامي بشير مطر في حديث خاص لـ”هنا لبنان” أنّ أي لاجئ سوري جديد يتم ترحيله وذلك بالتنسيق مع الجيش اللبناني، إلّا أنّ بعضهم يدخل خلسة من جهة أخرى ويدفع ثمناً قدره 100$، وهذه التجاوزات التي تحصل تمنع البلديات وكادرها البشري من تنظيم الوجود السوري رغم الجهود المكثفة.
كما يشير مطر إلى أن ضبط النزوح السوري يتمّ من خلال ضبط الحدود والمعابر، وعلى مفوضية اللاجئين التوقف عن تسجيل النازحين السوريين، وعلى سبيل المثال، بعض اللاجئين في المنطقة سجلتهم المفوضية عام 2021 حيث بات وضع اللبناني أتعس من وضع السوريين.
كلّ الإجراءات التي تقوم بها وزارة الداخلية والتعاميم التي تصدرها تساعد رؤساء البلديات، فضلاً عن اقتراح عرضه مطر حول إنشاء غرفة عمليات يعمل فيها القضاء والنيابة العامة والجيش والأمن العام والمحافظون والبلديات للمتابعة، وأي مشكلة تخص النزوح السوري تُعرض على هذه الغرفة لحل الموضوع وهي خطة عملية للحد من انتشار النازحين ودخولهم وضبط تحركاتهم بقوة القانون.
كما كشف مطر أن الادوية السورية، تغزو الأراضي اللبنانية، وكذلك، من أراد من السوريين ممارسة مهنة الطب والولادة من دون أي شهادات، يقوم بذلك، مع العلم أنّ جهات لبنانية تساعد هؤلاء السوريين لغايات مادية أو سياسية أو لاستعمالهم لاحقاً لأيّ اعتبار.
إلّا أنّ البلديات ورغم جهودها الجبارة، لا قدرة لديها على مراقبة كل الوافدين، غير أنّ بلدية القاع ورغم محدودية تمويلها كغيرها من البلديات، تؤمن موظفين يتابعون معها القضايا، من عسكريين متقاعدين وغيرهم بهدف محاولة ضبط المنطقة، وفي الآونة الأخيرة ظهرت بطاقات “مكتومي القيد” وهم سوريون مسجلون تحت هذه الحجة من قبل بعض المخاتير بهدف التحايل على القانون وهي بطاقات مزورة. ولا بد من الإشارة إلى أنّ جهاز الشرطة بحاجة إلى تمويل وهناك أكثر من 40 ألف سوري تتحمل أعباؤهم المنطقة، لذلك على الحكومة رفع موازنة البلديات التي تستقبل السوريين. فبلدية القاع، رغم كل المعوقات التي تواجهها، تعتبر ملف النزوح، قضية وخطر يهدد وجود اللبناني وسلامته، إذ من الممكن أن يتحول السوريون في أي لحظة إلى ورقة ضغط للاستعمال لزعزعة الأمن بتفجيرات وحركات إرهابية خطرة.
ولهذا الغاية بالذات، التنسيق قائم مع الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية على قدم وساق، وفق ما أكده مطر لـ”هنا لبنان”، حيث يواجه الأهالي بعض المشاكل مع المحيط لدى سؤالهم المارة “إذا كانوا سوريين أو لبنانيين وماذا تفعلون في المنطقة؟ ” باعتبار طريق القاع خطرًا ويصعب ضبط مداخلها. كما ينسى البعض أن هذه3 المنطقة واجهت خطر الإرهاب بثمانية انتحاريين ضربوا المنطقة.
ويذكر مطر بضرورة التنسيق بين البلديات في ما يخص الداتا عن بعض السوريين، كما يشدد أنّ على الجمعيات التوقف عن تمويلهم وتوزيع المساعدات التي يتم بمعظم الوقت “بيعها”.
والبلديات ليست وحدها في هذه الرحلة الشاقة، فاتحادات البلديات من شمال لبنان إلى جنوبه تحاول جاهدة تنظيم هذا الوجود السوري، فعلى سبيل المثال، بدأ اتحاد بلديات جبيل من العام 2019 تنظيمه في المنطقة، بمؤازرة البلديات المنضوية تحت الاتحاد، من خلال جولات رقابية من تفتيش منازل وصولاً إلى عدم إعطاء أي أوراق للسوريين غير الشرعيين.
وعلى خطاه سار اتحاد بلديات بشري، فيؤكد رئيسه إيلي مخلوف لـ “هنا لبنان” أنّ متابعة الموضوع قائمة منذ زمن، وبالتعاون مع بلديات قضاء بشري والقائمقام والمخاتير، حيث نقوم بتسجيل بيانات جميع السوريين لدى البلديات، كما يمنع على اللبنانيين تأجير منازلهم إذا لم تكن وجهة الاستعمال سكنية وإذا كان المنزل غير مؤهل للسكن. كما أنّ كل سوري لا يملك أوراقاً قانونية يُرحل بالتعاون مع القوى الأمنية. إلى ذلك، في هذا الموسم، يتم التنسيق مع المزارعين لجهة سكن السوريين الذين يعملون في موسم قطاف التفاح وغيرها من المواسم مع تنظيم التجول مساءً.
ويوجه مخلوف صرخة عبر “هنا لبنان”، فالمطالب أثقلت كاهل البلديات التي باتت حقوقها مهدورة في ظل ميزانياتها المحدودة وعائداتها التي باتت بلا قيمة تذكر.
صحيح أن السلطة المحلية وضعت ملف النازحين بالواجهة إلا أن الحاجة ماسة في هذه الفترة إلى دعم الدولة اللبنانية الغائبة عن السمع والفعل، فهل يجوز أن تُضبط المعابر من جهة واحدة وتشهد تفلتاً من الجهة المقابلة؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
ميقاتي وصفقة المليار يورو… على “ظهر اللبنانيين” | قنبلة الذوق الحراري: مواد كيميائية تنذر بكارثة جديدة في لبنان! | “دورة خفراء في الجمارك” تثير الجدل مجددًا… فهل يتم إقصاء المسيحيين من وظائف الدولة؟ |