انهيار مبنى في طرابلس.. جريمة مدبّرة أم إهمال؟
توقيت انهيار المبنى في طرابلس، طرح تساؤلاً حول “افتعاله”، سيّما وأنّ شهوداً عيان كانوا قد تحدثوا عن حركة مشبوهة في الداخل
كتبت بشرى الوجه لـ “هنا لبنان”:
لم يكن ليل طرابلس هادئاً، فسكان الزاهرية عاشوا لحظات صعبة، مع انهيار مبنى سكني بالقرب منهم وتحديداً في محيط أفران المير.
الأضرار لم تكن بشرية هذه المرة بقدر ما هي مادية، فهذه المنطقة التي “تغلي” بالناس نهاراً، تدخل حالة من الركود في هذا الوقت، وبالتالي لم يسفر الانهيار المروّع إلّا عن سقوط جريحين من المارة، أما الإصابات فكانت طفيفة.
غير أنّ توقيت الانهيار، طرح تساؤلاً حول “افتعاله”، سيّما وأنّ شهوداً عيان كانوا قد تحدثوا عن حركة مشبوهة داخل المبنى.
في المقابل، أحيت هذه الحادثة مخاوف أهل المدينة من “القنابل الموقوتة” التي قد تسقط فوق رؤوسهم في أي لحظة، فهذه الحادثة ليست الأولى إذ سبقها منذ مدّة ليست بطويلة انهيار مبنى في منطقة ضهر المغر.
وبالمجمل، تضم طرابلس مئات المباني المهددة بالسقوط، وسط عجز بلدي، وتقاعس المسؤولين عن التحرّك أو محاولة اتخاذ أيّ خطوات جدّية لتفادي الكوارث المحتملة.
وبالعودة إلى مبنى الزاهرية، فقد علم “هنا لبنان” أنّ الحادثة أتت بعد أشهر من إخلاء المبنى من ساكنيه من قبل البلدية، وأنّ هذه الخطوة جاءت نتيجة التيقّن من أنّ مخاطر الانهيار كبيرة، وهذا ما يعلمه جيداً جميع أبناء المنطقة.
مصادر بلدية طرابلس، ترفض من جهتها تحميلها المسؤولية، موضحة لـ “هنا لبنان” أنّ البلدية لا أموال لديها للرواتب فكيف لأعمال الترميم والتدعيم؟”، ومضيفة: الدولة وحدها من تتحمل المسؤولية فهي التي “تُهمل ملف المباني المهددة بالسقوط”.
هذا الانهيار، يأخذنا إلى أسواق طرابلس، فهناك العديد من الأبنية المتشققة والمعرضة للسقوط، ووفق ما تؤكد مصادر متابعة لـ “هنا لبنان” فإنّ هذه الأبنية مأهولة بالسكان وهي تقع بين التربيعة وبركة الملاحة، أما الخوف الحقيقي فهو من حصول الانهيار في وقت مبكر، ما يعني كارثة حقيقية في ظلّ ازدحام هذه الشوارع بالباعة والوافدين.
ووفق المصادر نفسها فإنّ هذه الأبنية مشيّدة من الحجر الرملي وهذا ما يجعلها تراثية، ولكن هذا لا يبرّر إهمالها، فهي بحاجة لتدعيم مثلها مثل العديد من الأبنية التي رمّمت في وقت سابق.
تدمير ممنهج
إلى ذلك حمّل بعض أبناء المدينة مسؤولية الانهيار إلى مالك المبنى نقيب الأفران في طرابلس طارق المير، وأعلن هؤلاء أنّ المير كان يعمد إلى هدم المبنى من الداخل كي يسقط.
وللتحقّق من هذه المعلومات حاولنا التواصل مع المير، الذي تهرّب من الردّ عبر القول إنّه “مشغول” و”يُمكن التواصل لاحقًا”.. وعندما كررنا الاتصال في وقت لاحق، امتنع عن الرد تماماً.
“لا يمكننا النفي”، بهذه العبارة علّق مصدر بلدي لـ “هنا لبنان” على اتهام البعض للنقيب، مضيفاً: “مديرية الآثار في وزارة الثقافة سبق ووجّهت للمير تحذيرات بضرورة تدعيم وترميم المبنى الأثري الذي لا يُمكن هدمه، ولم يتجاوب”.
وفي ما يخصّ موضوع المباني القديمة في طرابلس، لفت المصدر إلى أنّ هناك لائحة مفصلة بكل المباني المهددة بالسقوط، وبالأضرار التي يعاني منها كل مبنى.
أمّا عن تحميل البلدية المسؤولية، فشدّد على أنّ “تدعيم المباني هو على حساب السكان والملاك، وفي حال لزم الأمر وتولّت البلدية مسؤولية الترميم، فتوضع إشارة على المبنى للدفع قبل التصرف به، غير أنّ ذلك لا يمكن أن يحصل اليوم بسبب الانهيار الذي تمر به البلاد، فالبلدية تُعاني من نقصٍ بالأموال، والأموال الموجودة حاليًا لا تكفي رواتب لأكثر من سنتين، وبالتالي المشكلة هي مشكلة دولة ككل”.
إذاً، طرابلس في حالة عجز وتقاذف للمسؤوليات، أما الثابت الوحيد، فهو أنّ حياة المواطن الطرابلسي “رخيصة” بين بلدية مفلسة ودولة متناسية وأشخاص يبحثون عن مصالحهم الخاصة ولو على حساب الأرواح!
مواضيع مماثلة للكاتب:
نبيل مملوك.. صحافي تحت تهمة “الرأي المخالف” | استهداف الجيش وقائده في غير محلّه.. “اتهامات سطحية لدواعٍ سياسية” | إسرائيل “تنهي الحياة” في القرى الحدودية.. ما الهدف من هذا التدمير الممنهج؟ |