ملف لبنان يتجول بين نيويورك ومرسيليا والفاتيكان وفرنسا وقطر.. لا تقدم ملموس ينهي الأزمة
الجهود الدولية والإقليمية منصبة على مسألة إيجاد حلول سريعة للأزمة اللبنانية مما يؤكد على عدم ترك لبنان في مهب الريح، فهل انطلق قطار الحل وهل ستنجح الفاتيكان وديبلوماسية قطر من خلال وساطتها المستجدة ووصول موفدها قريباً إلى لبنان حيث فشلت فرنسا؟
كتبت شهير إدريس لـ “هنا لبنان”:
خيم التباين الذي حصل خلال اجتماع اللجنة الخماسية على مستوى السفراء والمستشارين في مقر البعثة الفرنسية في نيويورك وغياب البيان الختامي عنه على الأجواء السياسية في لبنان والتي شهدت كذلك حدثاً أمنياً تمثل بإطلاق النار على السفارة الأميركية في الذكرى الـ 39 لتفجيرها، إضافة إلى موقف رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط المستجد من المملكة العربية السعودية قائلاً: “فلتشرح لنا السعودية ماذا تريد” اعتباره أنّ ملف الرئاسة عاد الى نقطة الصفر.
وسط هذه التطورات الخارجية والداخلية المتعلقة بالأزمة اللبنانية تتجه الأنظار إلى اللقاء الذي سيجمع في مرسيليا الفرنسية البابا فرنسيس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجمعة في 22 أيلول الجاري حيث سيتم تناول الملف اللبناني، بعد أن أعربا في وقت سابق عن قلقهما إزاء الوضع السائد في لبنان مع إنسداد الأفق وعدم وصول المبادرة الفرنسية إلى تحقيق مبتغاها،مرحبا على الرغم من المساعي التي قام بها الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان على مدى ثلاث جولات والتي لم تسفر عن أي تقدم. كما أنّ مواقف البابا فرنسيس ستنطلق من نتائج الإجتماع الذي عقد في الفاتيكان برئاسة أمين سر حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين مع سفراء الدول الخمس الفاعلة في منطقة الشرق الأوسط والذي تناول الملف الأوكراني والأزمة اللبنانية لا سيما ملف الإستحقاق الرئاسي.
وفي السياق نفسه وبحسب مصادر دبلوماسية لموقع “هنا لبنان” كان للسفير البابوي في الولايات المتحدة الأسقف الفرنسي كريستوف بيار دور مهم في حث الأطراف على ضرورة عقد الإجتماع في نيويورك بعد الحديث عن تعثر انعقاده على مستوى وزراء الخارجية.
هذا الإجتماع شغل الكثيرين على صعيد توقيته الذي لم يدم لأكثر من 35 دقيقة ومستوى الشخصيات التي شاركت فيه والتكتم الذي أحاط مداولاته، فقد علم موقع “هنا لبنان” من مصادر دبلوماسية متابعة للإجتماع أن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان عرج على الاجتماع وشارك في جانب منه تاركاً بعد ذلك مناقشة التفاصيل للسفير السعودي في الأمم المتحدة ونائبه، كما حضر وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري عبد العزيز الخليفي، ومديرة الشرق الاوسط في وزارة الخارجية الفرنسية آن غريو ومساعدة وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى باربرا ليف ومندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة السفير أسامة عبد الخالق، وفيما كان لافتاً غياب لودريان عن إجتماع اللجنة الخماسية تولت السفيرة الفرنسية السابقة في لبنان آن غريو المهمة لا سيما أنها ضليعة بالملف اللبناني وتشعباته ومطلعة على أجواء جولات لودريان الثلاث. ووفق المصادر فإن الجانب الفرنسي طرح خلال الاجتماع مسألة ترسيم الحدود البرية مقابل حلحلة الأزمة الرئاسية لكن الإعتراض جاء من قبل الجميع لكن بشكل خاص من قبل الجانب الأميركي الذي سجل جملة ملاحظات على الأداء الفرنسي معتبراً أنّ الترسيم البحري لم يجر على هذا المنوال من المقايضة، وجددت الولايات المتحدة طلبها إلى فرنسا بضرورة الإسراع في إيجاد الحل من أجل إنهاء الشغور الرئاسي في لبنان ووضع إطار زمني لمهمة لودريان.
وعلى الرغم من السيناريوهات المتعددة التي رسمت حول ماهية النقاشات التي جرت في اجتماع اللجنة الخماسية وصفت المصادر الديبلوماسية الإجتماع بالروتيني الذي شهد تباينات في وجهات النظر خلال مناقشة الوضع اللبناني نظراً لتعدد الجهات الديبلوماسية والسياسية الحاضرة وطرقها في كيفية التعاطي في السياسة الخارجية، كما جرى عرض لشريط الجولات الماراتونية التي قام بها الموفد الفرنسي جان إيف لودريان وتم التشديد على أهمية التوافق وإيجاد حل لبناني لبناني، مع دعم من قبل الجميع للتحاور بين اللبنانيين من أجل إنهاء الأزمة اللبنانية، وكشفت المصادر عن خلاف جرى حول مسألة إشراك إيران كي تصبح اللجنة سداسية إلا أن أول المعترضين على هذا الأمر كان الجانب الأميركي فسقط هذا الإقتراح.
أما الجانب السعودي فشدد خلال الإجتماع على نقاط بيان اللقاء الخماسي الذي عقد في نيويورك سابقا،ً وبحسب المصادر فإن السعودية التي تعتبر إتفاق الطائف خطاً أحمر تترك مجالاً لجميع وجهات النظر لا سيما الفرنسية والقطرية لكن تحت سقف البيان الثلاثي واللقاء الخماسي مشيرة إلى أنها أضحت قريبة جداً من فرنسا بعد أن قامت باريس بتصحيح دعساتها الناقصة بحسب تعبير المصادر وقد ظهر ذلك جلياً مع تأييد الولايات المتحدة لحوار لبناني لبناني.
قطر التي تقوم بمساعٍ ووساطات جديدة بشأن الرئاسة اللبنانية في ظل العباءة السعودية كان موقفها واضحاً من خلال كلام أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إذ كان لافتاً إدراج الأزمة اللبنانية في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة محذراً خلالها من الخطر الذي يهدد مؤسسات الدولة في لبنان، وداعياً إلى حلول سريعة تنقذ البلاد من الأزمة، إضافة إلى ضرورة تشكيل حكومة قادرة على تلبية آمال الشعب اللبناني، وإيجاد حل مستدام للفراغ السياسي في لبنان وآليات لعدم تكراره، والنهوض بالبلد من أزماته الاقتصادية والتنموية”.
الجهود الدولية والإقليمية منصبة على مسألة إيجاد حلول سريعة للأزمة اللبنانية مما يؤكد على عدم ترك لبنان في مهب الريح، فهل انطلق قطار الحل وهل ستنجح الفاتيكان وديبلوماسية قطر من خلال وساطتها المستجدة ووصول موفدها قريباً إلى لبنان حيث فشلت فرنسا؟